صناديق استثمار عالمية: لا تدفقات سريعة لمصر بعد التعويم

صناديق استثمار عالمية: لا تدفقات سريعة لمصر بعد التعويم

06 نوفمبر 2016
جانب من مبنى البنك المركزي المصري في القاهرة(العربي الجديد)
+ الخط -

استبعدت صناديق استثمار عالمية قدوم استثمارات أجنبية عاجلة إلى مصر رغم قرار تعويم قيمة الجنيه المصري الخميس الماضي وترك سعره للعرض والطلب، وأكدت أن الاستثمارات تعاني مشاكل عدة داخل السوق المصرية، من بينها اضطرابات سوق الصرف وتفاقم مشكلة السوق السوداء للعملة.

كما استبعدت الصناديق حدوث طفرة في الصادرات الخارجية لمصر التي تراجعت خلال السنوات الثلاثة الماضية بسبب الاضطراب السياسي في المنطقة رغم قرار تعويم العملة المحلية.

وتراهن الحكومة المصرية على تعويم العملة المحلية في زيادة موارد البلاد من النقد الأجنبي خاصة من قطاعي الصادرات والاستثمارات الأجنبية.

وحسب تقرير لرويترز "قد يجلب قرار تحرير سعر صرف الجنيه المصري سيولة أجنبية إلى مصر في نهاية المطاف، لكن مديري صناديق استثمار عالمية يقولون إن عدم اليقين الذي يكتنف الاقتصاد يعني أن تدفق أموال محافظ الاستثمار من الخارج لن يكون سريعا".

ولتحقيق استقرار العملة بعد قرار التعويم، تحتاج مصر إلى زيادة كبيرة في إيراداتها من النقد الأجنبي لتغطية العجز الحالي في ميزان المعاملات الجارية، البالغ 18.7 مليار دولار حتى نهاية يونيو الماضي.

كما يحتاج الأمر لتغطية البنك المركزي المصري احتياجات التجار والمستوردين وعملاء القطاع المصرفي المعلقة من النقد الأجنبي التي تتراوح قيمتها ما بين 6 و8 مليارات دولار حسب قيادات مصرفية مصرية.

ومن المتوقع أن يكون تغير الاستثمار الأجنبي المباشر البالغ 6.8 مليارات دولار بطيئا فقط لأن قرارات الشركة تمر بعملية معقدة.

ويعتمد الاقتصاد المصري بشكل كبير على الاستيراد، إذ تستورد نحو 70% من احتياجاتها الغذائية، ومن المستبعد أن يشهد طفرة تصديرية في أي وقت قريب، خاصة مع التوترات التي تتعرض لها الأسواق المجاورة والقريبة مثل ليبيا وسورية واليمن والعراق.

وربما يشجع الجنيه الرخيص مزيدا من العاملين المصريين في الخارج على تحويل الأموال إلى مصر، لكن التحويلات البالغة 17.1 مليار دولار لم تشهد تغيرا يذكر على مدى سنوات.

وحسب مراقبين فإن هذا يجعل محافظ الاستثمار الأجنبية أحد أفضل المصادر المحتملة للأموال الجديدة. وقبل الاضطرابات السياسية في 2011 وما أعقبها من قلاقل اقتصادية تمكنت مصر من جذب مليارات الدولارات من تلك الاستثمارات سنويا. وشهدت السنة المالية الماضية صافي تدفقات إلى الخارج بلغ 1.3 مليار دولار.

لكن مديري صناديق أجنبية كثيرين قالوا إن خفض قيمة العملة كان إجراء إيجابياً، لأنه يزيل بشكل كبير القيمة الزائدة للجنيه عن قوته الحقيقية لكن مخاطر أخرى مازالت تعرقل الاستثمار.

ورغم أن صناديق أجنبية اشترت سندات مصرية دولارية في نهاية الأسبوع الماضي، فلم تكن هناك علامات تذكر على مشتريات أجنبية للأصول بالعملة المحلية.

ولكي يحدث ذلك، يقول مديرو الصناديق إن على القاهرة أن تظهر قدرتها على تحقيق نجاح كالذي أحرزته برامج إقراض أخرى لصندوق النقد الدولي وعلى سبيل المثال في باكستان وهي عملية قد تستغرق عدة أشهر.

وقال شاهزاد حسن مدير المحافظ لدى شركة أليانز غلوبال إنفستورز إن خفض قيمة العملة "يجعلها بالقطع أكثر جاذبية إذ لم يعد الجنيه الآن مبعث خطر. لكن عند هذا المستوى فإن الأخبار السارة مأخوذة بالفعل في حساب أسعار السندات الدولارية. الاهتمام تحول إلى تطبيق برنامج صندوق النقد الدولي وهو الأمر الأكثر صعوبة".

القاع

دفع تحرير سعر الصرف الجنيه للتراجع من 8.8 جنيهات للدولار إلى نحو 15.35-15.75 جنيها، ولن يكون كثير من المستثمرين الأجانب مستعدين لضخ الأموال في أصول بالعملة المحلية ما لم يقتنعوا بأن الجنيه بلغ أقصى درجات الهبوط، وهو ما قد يكون بعيدا. وتسعر العقود الآجلة غير القابلة للتسليم الجنيه عند 17 جنيها مقابل الدولار في 12 شهرا.

يرجع ذلك لأسباب من بينها الطلب المتراكم على الدولار والذي يقدره المحللون لدى سيتي غروب بنحو 9 مليارات إلى 11 مليار دولار، ويقولون إنه يجب تلبيته قبل استقرار الجنيه.

وهناك مخاطر أخرى مثل التضخم. فرغم أن فاتورة واردات معظم السلع قد تم سدادها بالفعل بسعر الصرف في السوق السوداء، فإن خفض قيمة الجنيه سيزيد أسعار الوقود المستورد، وربما السلع الغذائية المهمة.

وحسب سيتي فإن ذلك سيضيف ثلاث نقاط مئوية إلى معدل التضخم الذي يتوقعه بنهاية العام عند 14% إضافة إلى نقطة مئوية واحدة أو نقطتين مئويتين العام القادم، لكن بنوكاً محلية توقعت زيادة معدلات التضخم من نحو 14% حاليا إلى حاجز الـ 30% في النصف الثاني من العام القادم 2017، في حين توقع صندوق النقد الدولي زيادة النسبة إلى أكثر من 18%.

وسوق الأسهم مشكلة أخرى، فقد أصبحت في ظل قيمة سوقية دون الثلاثين مليار دولار أصغر من أن تستوعب الكثير من التدفقات الجديدة.

لكن سوق السندات وأذون الخزانة الحكومية بالعملة المحلية البالغة نحو 1.40 تريليون جنيه أكبر حجما بكثير.

وقالت رنيسانس كابيتال إن المشاركة الأجنبية في السندات المحلية منعدمة عمليا، لكن منذ أعوام قليلة كانت تبلغ نحو 10 مليارات دولار متوقعة عودة الأجانب خلال ستة أشهر إلى 12 شهرا.

لكن هناك صعوبات لوجستية. وقال كيران كيرتس مدير المحفظة لدى ستاندرد لايف "من منظور عملي فإنه ما زال من الصعب ضخ أموال في مصر"، مشيرا إلى أن بنوك الاستثمار ما زالت حذرة في تقديم خدماتها لأن البورصة المصرية أغلقت أثناء الاضطرابات السياسية.

وتابع: "شاركنا في سندات العملة الصعبة، وفي وقت ما سنتفقد أذون الخزانة".

( العربي الجديد، رويترز)

المساهمون