نقابات فرنسية تصعّد ضد الحكومة بسبب "سكك الحديد"

نقابات فرنسية تصعّد ضد الحكومة ردّاً على قضية "سكك الحديد"

16 مارس 2018
من الصعب أن تنضم قطاعات اجتماعية أخرى للإضراب(ميشال ستوباك/غيتي)
+ الخط -

يتجه الوضع الاجتماعي نحو التوتر في فرنسا، خصوصاً بعدما قررت نقابات فرنسية الإضراب يومين كل خمسة أيام على مدار 3 أشهر، رفضاً لقضية إصلاح "الشركة الوطنية للسكك الحديدية" (إس.إن.سي.إف) المثقلة بالديون، وهو إصلاح تجنبته كل الحكومات الفرنسية المتعاقبة.

وأيّدت الحكومة الفرنسية الأربعاء مشروع قانون، لتمرير سريع في البرلمان لأكبر إعادة تنظيم للشركة المثقلة بالديون منذ تأميم السكك الحديدية في فرنسا في الثلاثينات من القرن الماضي، والتي تشمل إنهاء حق البقاء في الوظيفة حتى بلوغ سن التقاعد، وإلغاء بنود التقاعد المبكر.

اختارت الحكومة عدم اللجوء إلى البرلمان، إذ تخشى أن تطول النقاشات وينقلب الرأي العام عليها، فقررت، على منوال ما جرى في قانون العمل الجديد، اللجوء إلى مراسيم. 

وردّاً على مضيّ الحكومة في مشروع الإصلاح، وهو ما رأت فيه النقابات العمالية، غياباً لمبدأي الحوار والمفاوضات، وفرضاً للأمر الواقع، قررت تنسيقية النقابات الأكثر تمثيلاً في هذا القطاع، وهي "سي. جي. تي" و"أونسا" و"سود" و"سي. إف. دي. تي"، الدخول في أشكال احتجاجية رداً على لجوء الحكومة إلى المراسيم، قبل أن تتم مناقشة الأمر في البرلمان في شهر أبريل/نيسان المقبل. 

أخذت النقابات الفرنسية بعين الاعتبار تقبّل أغلبية فرنسية لحجج الحكومة حول الامتيازات التي يتمتعّ بها عمال السكك الحديدية، وهو ما أعاد التأكيدَ عليه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في معرض الفلاحة، في مواجهة عامل غاضب في السكك الحديدية، فقررت البحث عن أشكال إضرابات لا تؤثر كثيراً على المواطنين، من مستخدمي القطارات.

وتوصلت النقابات فيما بينها إلى اتفاق على تنفيذ الإضراب خلال يومين كل خمسة أيام، ابتداءً من 3 أبريل/نيسان. أي أن فرنسا ستشهد 36 يوماً من الاضطرابات خلال ثلاثة أشهر. وهي طريقة إضراب غير مسبوقة في فرنسا. وسيكون يوم 22 من الشهر الجاري تجربة أولى لهذا الشكل الاحتجاجي ضد الحكومة.  

كما تأخذ النقابات، أيضاً بعين الاعتبار، أن سيناريو 2018 لن يكون كما كان عليه سيناريو 1995، الذي أفشلت فيه النقابات مشروع إصلاح تقدم به رئيس الحكومة اليميني الأسبق آلان جوبيه، بعد أن شلّت البلد، خلال شهر كامل.

ومن الصعب أن تنضم قطاعات اجتماعية أخرى للإضراب كما تراهن النقابات، خصوصاً أن الحكومة سحبت بند التخلي عن كثير من الخطوط الصغيرة، والذي كان يهدد بغضب إضافي من سكان البلدات الصغيرة.

إلا أن مسؤولين نقابيين، لا يتوقفون عن التصريح بأن الحكومة، في حال تهشيمها لوضعية "عامل سكك الحديد"، ستتصدى لمعاشات تقاعد جميع الفرنسيين.

ومثلما هو الحال في قطاعات عديدة، لا تصمد التحالفات النقابية كثيراً، وهو ما ظهر جلياً في القانون الجديد للعمل، إذ كانت مواقف نقابة "سي جي. تي" ونقابة "سي. إ. دي. تي" متعارضة جداً.

وتطالب نقابة "سي. إف. دي. تي"، وهي ذات تمثيل ضعيف في شركة السكك الحديدية، بـ"إضراب قاس وقابل للتجديد"، في وقت تطالب نقابة "سي جي. تي"، التي تمثل الأغلبية، بإضراب يتراوح بين 24 و48 ساعة. 

وتعلم "سي جي تي" المقربة من اليسار، والتي خرجت منهكة من مواجهة قانون العمل الجديد، إذ لم تكتف بانتقاد مشروع الحكومة بل قدّمت مشروعاً مضاداً، أنها قد تكون الخاسر الأكبر في هذا الصدام مع الحكومة، لذا تراهن على تجنب إضراب طويل، وخسارة الرأي العام الفرنسي. 

وتسعى الحكومة إلى تجفيف الديون الكبيرة التي تلاحق هذه الشركة الوطنية، وهي ديون وصلت سنة 2016 إلى 45 مليار يورو (55.5 مليار دولار تقريباً) وتزداد كل سنة بمقدار 3 مليارات يورو، ويمكن أن تصل، في حال غياب أي إصلاح جديّ، إلى 62 مليار يورو سنة 2026. 

دلالات

المساهمون