صحيفة: إسرائيل لن تضغط على مصر لدفع تعويض الغاز

إسرائيل لن تضغط على مصر لدفع تعويض قرره التحكيم الدولي لاعتبارات استراتيجية

15 مايو 2017
توقف إمدادات الغاز المصرية بسبب تفجير الأنابيب (Getty)
+ الخط -
لا تبدي تل أبيب حماساً كبيراً للضغط على مصر لدفع 1.7 مليار دولار، قيمة الغرامة التي ألزم قرار تحكيم دولي القاهرة بدفعها لتعويض إسرائيل عن توقف إمدادات الغاز المصرية لها عام 2011، وقرار الحكومة المصرية النهائي بوقف توريد الغاز لإسرائيل الذي اتخذ عام 2012، وذلك لأولوية الاعتبارات الاستراتيجية على الاعتبارات الاقتصادية. 

وذكرت صحيفة "غلوبس" الإسرائيلية الاقتصادية، أنّ حكومة بنيامين نتنياهو غير معنية بالضغط على نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي لإجباره على دفع الغرامة، خوفاً من أن تفضي مثل هذه الخطوة إلى المسّ بالعلاقات الاستراتيجية المهمة معه، وخشية أن تؤدي زيادة الأعباء الاقتصادية إلى المس باستقرار النظام.

يذكر أن وسائل الإعلام الإسرائيلية قد كشفت مطلع العام الجاري النقاب عن أنه وفق التقديرات التي قدمتها محافل التقدير الاستراتيجي في تل أبيب لحكومة بنيامين نتنياهو، فإن عام 2017 سيمثل نقطة اختبار مهمة لاستقرار نظام السيسي بسبب تعاظم التحديات الاقتصادية والأمنية التي يواجهها.

وتعالت الأصوات في تل أبيب المطالبة بإعادة النظر في الاعتماد على كل من مصر والأردن في استيراد الغاز الإسرائيلي بسبب المخاوف من التحوّلات السياسية المفاجئة التي يمكن أن تفضي إلى حدوث تحوّلات جذرية على طابع نظامي الحكم في البلدين.

وقال الخبير الاقتصادي الإسرائيلي البارز عميرام بركات، إنه يتوجب على إسرائيل استخلاص الدروس من الطريقة التي انتهى بها "الغرام المصري الإسرائيلي" بعد اندلاع ثورة 25 يناير، مشيراً إلى أنه قد تم "توثيق انتهاء الغرام" بتفجير خطوط الغاز التي كانت تنقل الغاز المصري لإسرائيل.

وفي مقال نشرته صحيفة "غلوبس"، أشار بركات إلى أنّ مستهلكي الغاز والكهرباء في إسرائيل استفادوا كثيراً من فساد المسؤولين المصريين في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، حيث حصلت إسرائيل على الغاز المصري بأسعار أقل من تكلفة الإنتاج. وأشار إلى أن الاقتصاد المصري تكبّد خسائر كبيرة بفعل الامتياز الذي منحه نظام مبارك لشركة "EMG" التي دشّنها كل من رجل الاستخبارات الإسرائيلي السابق يوسي ميمان وشريكه رجل الاستخبارات المصري السابق حسين سالم لتوريد الغاز المصري لإسرائيل، مشيراً إلى أن المصريين كانوا يبيعون الغاز لإسرائيل بخسارة.
وأضاف "لقد كانت مصر تبيع الغاز لإسرائيل بـ 0.75 إلى 1.5 دولار للوحدة الواحدة، وهذا يعني أن مصر كانت تبيع الغاز بخسارة، أي أن المواطنين المصريين كانوا يدفعون ثمن الأرباح الهائلة التي كانت تجنيها شركة، EMG، في حين تمتع المستهلك الإسرائيلي بعوائد فساد المسؤولين المصريين"، على حد تعبيره.

 واستدرك بركات قائلاً إن إسرائيل دفعت لاحقاً ثمن اعتمادها على الغاز المصري الرخيص ورهانها على فساد المسؤولين المصريين، مشيراً إلى أن تل أبيب اضطرت بعد توقف إمدادات الغاز المصري إلى استيراد السولار لتشغيل محطات توليد الكهرباء، وهو ما أفضى إلى زيادة تكلفة إنتاج الكهرباء بشكل كبير. 

وحسب بركات، فقد بلغت تكلفة استيراد السولار بعيد توقف إمدادات الغاز المصري 20 مليار شيكل (5.5 مليارات دولار) لاستخدامه في توليد الكهرباء.

وأشار إلى أنّ شركة الكهرباء "الوطنية" في إسرائيل اضطرت في أعقاب ذلك إلى رفع قيمة تعريفة الكهرباء للمستهلك الإسرائيلي بنسبة 30%.

واعتبر أنّ توقف إمدادات الغاز المصري يدلل على أنه لا قيمة للاتفاقات التي يمكن أن توقعها مصر مع إسرائيل بشأن توريد الغاز، على اعتبار أن تل أبيب ستكون مضطرة دائما لإبداء مرونة في تطبيق هذه الاتفاقيات بسبب الخوف من تهديد العلاقات الاستراتيجية مع القاهرة.

وأشار بركات إلى أنّ المحاذير المتعلقة بتصدير الغاز لمصر تنطبق على الأردن أيضاً، مؤكداً أنّ إسرائيل ستبدي المرونة دائماً إزاء الأردن ومصر بشأن الاعتبارات الاستراتيجية، ما يقلّص من القيمة الاقتصادية لصفقات تصدير الغاز للبلدين.

ويذكر أن وفداً يمثل شركات إسرائيلية قد زار القاهرة خلال مارس/ آذار الماضي وبحث فرص تصدير الغاز من حقل "تمار" الإسرائيلي إلى مصر.

من ناحية ثانية، تبين أن هناك ما يدلل على أن حكومة بنيامين نتنياهو قد تراجعت عن مخططاتها السابقة بتصدير الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر مصر.

وكانت وزارة الطاقة الإسرائيلية قد أعلنت في وقت سابق أنها تدرس إسالة الغاز في مصر ونقله إلى أوروبا في حاويات.

وقد وضعت إسرائيل حداً لهذا التوجه من خلال توقيعها الشهر الماضي على اتفاق مع كل من قبرص واليونان وإيطاليا والاتحاد الأوروبي لنقل الغاز لأوروبا من خلال خط أنابيب هو الأطول في العالم، وتبلغ قيمة تدشينه ستة مليارات دولار.