صمت المصانع الصينية... المخاوف مستمرة من "كورونا"

صمت المصانع الصينية... المخاوف مستمرة من "كورونا"

12 فبراير 2020
مصنع طبي في الصين (Getty)
+ الخط -

أعلنت الصين أن المناطق الأقل تضرراً من فيروس كورونا يجب أن تسرع في استئناف الإنتاج الصناعي، وأن الرئيس شي جين بينغ حذر المسؤولين من أن الجهود المبذولة لاحتواء الفيروس قد ذهبت بعيدا، مما يهدد اقتصاد البلاد، وقالت الصين إنها ستعزز الرقابة على العمليات الاقتصادية وستراقب العمالة لتجنب التسريح. 

وقد يؤدي تفشي فيروس كورونا إلى تأخير تنفيذ عمليات الشراء للمنتوجات الزراعية الأميركية كجزء من المرحلة الأولى من الصفقة التجارية، لكن من المحتمل أن يتم تنفيذها بحلول نهاية العام، وفقًا للجنة التوقعات بوزارة الزراعة الصينية.

وأصدرت وزارة الزراعة إشعاراً، الإثنين، نصح المزارعين بغسل الأيدي وارتداء الأقنعة، وضمان وصول البذور والمبيدات الحشرية وغيرها من المعدات الزراعية ونقلها في الوقت المناسب. وتحث الصين الشركات والمصانع الكبرى في البلاد على تحقيق أهداف الإنتاج على الرغم من التحديات التي يطرحها الفيروس، واستأنف عدد من المرافق العمل بعد توقف منذ أسابيع.

وقال راي داليو، مؤسس شركة بريدجووتر أسوشيتس الأميركية لإدارة الاستثمارات، حول مخاوف المستثمرين بشأن الوباء لوكالة "بلومبيرغ": "ربما كان له تأثير مبالغ فيه بعض الشيء على تسعير الأصول بسبب الطبيعة المؤقتة للفيروس، لذلك أتوقع حدوث المزيد من الانتعاش".
وقد يكون تفشي فيروس كورونا قد كلف مبيعات التجزئة وقطاع الخدمات الغذائية في الصين مليارات الدولارات خلال أسبوع رأس السنة القمرية الجديدة، وذلك وفقًا لما ذكره رابوبنك وهو أحد البنوك الهولندية الرائدة في مجال الأغذية والزراعة.

وقال البنك في تقرير إن الإيرادات المفقودة في كل من خدمات التجزئة والمواد الغذائية خلال أسبوع رأس السنة القمرية الجديدة قد تتراوح بين 20% و80%، مما يمثل انخفاضا من 31 مليار دولار إلى 124 مليار دولار، حيث أغلقت سلاسل كبرى المتاجر في جميع أنحاء الصين.

وفي حين يعود عدد كبير من المصانع والشركات إلى العمل، إلا أن عدداً كبيراً أيضاً في مقاطعة "هوبي" والمناطق المحيطة لا يزال مقفلاً؛ إذ تقضي جاني تشانغ، صاحبة مصنع مظلات في مدينة شانغيو الواقعة على الساحل الشرقي للصين، أيامها وهي تشاهد الأخبار عن تحديثات فيروس كورونا، واستقبال مكالمات من موظفين يعانون من ضائقة مالية، يسألون متى يمكنهم العودة إلى العمل.

تقول تشانغ، التي توظف حوالي 200 عامل: "لا أعرف متى سيعود العمل في المصنع. ننتظر تعليمات الحكومة. إذا كان الأمر يتوقف عليّ فقط، يمكنني أن أشد الحزام لبضعة أشهر. ولكن إذا استمر الوباء لفترة طويلة، فسوف يتراجع الاقتصاد الصيني. سيكون ذلك فظيعاً".
في جميع أنحاء منطقة التصنيع الشاسعة عند الساحل الشرقي في الصين، القصة ذاتها تتكرر، وفق تقرير نشرته وكالة "بلومبيرغ" الأميركية. الآلاف من الشركات في حالة من التوقف عن العمل، في انتظار أن تسمع من السلطات المحلية أنباء حول دعوتها لاستئناف الإنتاج.

حتى عندما سيحصل ذلك، فقد يستغرق الأمر أياماً حتى يعود طاقم العمل الكامل، حيث إن العديد من العمال الذين سافروا إلى بلادهم لقضاء عطلة رأس السنة القمرية عالقون هناك بسبب قيود السفر.

تمتد جهود الصين لاحتواء فيروس كورونا إلى ما هو أبعد من مقاطعة هوبي، مركز المرض. وبقيمة 4.6 تريليونات يوان (660 مليار دولار) في عام 2019، يعد اقتصاد هوبي أكبر من اقتصاد بولندا أو السويد، ويمثل 4.6% من الناتج المحلي الإجمالي للصين.

وشهد الأسبوع الماضي ذروة الأزمة، حيث تم وقف العمل في المقاطعات التي تمثل ما يقرب من 69% من الناتج المحلي الإجمالي للصين، وفقا لحسابات بلومبيرغ.

وعلى الرغم من أن هوبى ليست هي نفسها منطقة تصديرية، فإن المصانع الواقعة على الساحل الشرقي للصين مدمجة بإحكام في سلاسل الإمداد العالمية، وبالتالي فإن إغلاق المصانع هناك يمكن أن يعطل خطوط التجميع في كوريا الجنوبية والهند.

وتقدر "بلومبيرغ إيكونوميكس" أنه إذا تم احتواء انتشار المرض بنجاح فسيكون التأثير على الاقتصاد الصيني شديداً لكنه قصير الأجل، مع تباطؤ النمو إلى 4.5% في الربع الأول، يليه انتعاش ثم الاستقرار في النصف الثاني.
من شأن هذا المسار أن يضع نمو العام بأكمله في عام 2020 عند 5.7%، وهو ما يقل بنسبة 0.2 نقطة مئوية عن توقعات بلومبيرغ الاقتصادية قبل اندلاع أزمة الفيروس، ونزولا من 6.1% في عام 2019. أما إذا استغرق الأمر وقتًا أطول للسيطرة على كورونا، فإن ضربة النمو ستكون أكبر.

وحذر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي من أن انتشار الفيروس يسبب "ضائقة كبيرة" يمكن أن تمتد إلى الولايات المتحدة والأسواق العالمية، وهو أمر غير مفاجئ بالنظر إلى أن الصين تساهم بنحو 17% من الناتج الاقتصادي العالمي.

ويأسف ديفيد ناي، الرئيس التنفيذي لشركة جيانغسو سوبوروي للاستيراد والتصدير، أنه لم يعد أي من موردي الشركة من الصين إلى العمل بعد، ومن غير الواضح متى سيفعلون ذلك، كما يقول ناي، المقيم في لوس أنجلس.

ويتابع: "هناك القليل من أصحاب المصانع يمكنهم العمل، ومن تبقوا منهم لا يمكنهم القيام سوى بالانتظار. يمكن للوباء تأخير الإنتاج لمدة شهرين على الأقل. معظم المصانع هذا العام لن تكون قادرة على جني أي أموال".

في الهند، يقول فينود شارما، المدير الإداري لشركة ديكي إلكترونيكس إنه توجد "حالة من الذعر". وللتعويض عن إغلاق المصانع في الصين، تعتمد شركة صناعة المكثفات التي تتخذ من نيودلهي مقراً لها بشكل أكبر على الموردين الكوريين الجنوبيين. ولكن قد يتم استنفاد مخزوناتها بسرعة، لأنها تعتمد أيضاً على المصانع في الصين في قطع الغيار.
بالنسبة للمصانع في الصين التي تصنع سلعاً متدنية الأسعار مثل الأثاث والهواتف الرخيصة، فإن فيروس كورونا يعتبر اليوم من التهديدات الوجودية بالنسبة إليها.

تعمل هذه الشركات بالفعل على هوامش بسيطة من الأرباح، بسبب ارتفاع تكاليف العمالة والمواد، وقد تلقت هذه الشركات ضربة أخرى من الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة دونالد ترامب على الصادرات الصينية بقيمة 360 مليار دولار.

ويعتبر تشو شين تشي، صاحب شركة تسيشي جينشنغدا بيرنغ في مدينة تسيشي الصينية أن "تأثير الوباء أسوأ من الحرب التجارية". وتحصل الشركة على 60% من مبيعاتها السنوية البالغة 100 مليون يوان من الخارج.

ويضيف تشو: "لقد قللت الحرب التجارية من هامش أرباحنا، لكننا على الأقل كنا لا نزال نجني الأموال. الآن نحن لا نكسب المال".

وتسود هذه المخاوف في ظل هدوء نسبي يطاول الأسواق الدولية؛ إذ صعدت أسعار النفط الخام في بداية تعاملات الثلاثاء، معوضة بعضا من الخسائر الحادة التي تكبدتها نهاية جلسة الإثنين، مع استمرار تأثير "كورونا" في الطلب على النفط الخام.

وسجلت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت تسليم إبريل/ نيسان، بنسبة 0.86% أو 46 سنتا إلى 53.73 دولارا للبرميل. كذلك، صعدت العقود الآجلة للخام الأميركي غرب تكساس الوسيط تسليم مارس/ آذار بنسبة 0.85% أو 42 سنتا إلى 49.99 دولارا للبرميل. والصين، هي أكبر مستورد للنفط الخام في العالم بمتوسط يومي 10 ملايين برميل يوميا، وثاني أكبر مستهلك له بمتوسط يومي 13.2 مليون برميل.
أيضاً، ارتفعت الأسهم الأوروبية إلى مستوى قياسي مرتفع في المعاملات المبكرة الثلاثاء. وصعد المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 0.7% إلى مستوى قياسي عند 427.46 نقطة. وكانت بورصة وول ستريت ارتفعت إلى مستوى قياسي عند الإغلاق الإثنين مع عودة عمال ومصانع في الصين إلى العمل.

وأنهى المؤشر داو جونز الصناعي جلسة التداول مرتفعا 174.54 نقطة، أو 0.6%، بينما صعد المؤشر ستاندرد اند بورز500 الأوسع نطاقا 24.38 نقطة، أو 0.73%. وأغلق المؤشر ناسداك المجمع مرتفعا 107.88 نقطة، أو 1.13%.

المساهمون