توقعات بضغوط أردنية على الدول المانحة لتفادي مأزق الاحتجاجات

توقعات بضغوط أردنية على الدول المانحة لتفادي مأزق الاحتجاجات

06 يونيو 2018
جانب من الاحتجاجات بالأردن الأيام الماضية(خليل مزرعاوي/فرانس برس)
+ الخط -


لا يشعر قطاع كبير من الأردنيين بكثير من الارتياح بتكليف عمر الرزاز برئاسة الحكومة الجديدة، خلفاً لحكومة هاني الملقي، التي قدمت استقالتها يوم الإثنين الماضي، تحت ضغوط الشارع التي تصاعدت قبل نحو أسبوع، احتجاجاً على مجمل السياسات الاقتصادية وقرارات رفع الضرائب والأسعار.

بل إن هؤلاء لا يستبعدون استثمار الحكومة الجديدة للاحتجاجت في الضغط على مانحين دوليين ودول خليجية للحصول على مزيد من المساعدات المالية، وإقناع صندوق النقد الدولي بعدم مطالبة الحكومة الجديدة بتطبيق مزيد من الإجراءات التقشفية بما فيها زيادة الضرائب وخفض الدعم.

ويرى خبراء أن لهذا الشعور ما يبرره، خاصة أن الرزاز الذي كان يشغل منصب وزير التربية في الحكومة السابقة، يعد من الوجوه التي تقلدت العديد من المواقع الرسمية وخاصة قيادة المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، التي تملك أكبر محفظة استثمارية في البلاد، كما كان من قيادات البنك الدولي الذي يمارس ضعوطاً على الدول ومنها الأردن، لتنفيذ بعض الإصلاحات الاقتصادية، على غرار صندوق النقد، وأشار مسؤول حكومي إلى إمكانية تغيير السياسات الاقتصادية التي راكمت أعباء معيشية على المواطنين.

وقال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، لدى توجيهه كتاب التكليف إلى الرزاز، إن "على الحكومة أن تطلق فوراً حواراً بالتنسيق مع مجلس الأمة بمشاركة الأحزاب والنقابات ومختلف مؤسسات المجتمع المدني لإنجاز مشروع قانون ضريبة الدخل، الذي يعد تشريعا اقتصادياً واجتماعيا مفصلياً".

لكن رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري، قال إن خروج المحتجين خلال الأيام الماضية لم يكن بدافع تعديلات ضريبة الدخل حصرياً، بل بدافع جملة من الرصيد التراكمي السلبي تجاه الحكومات وسياساتها الاقتصادية والاجتماعية. وأضاف المصري في تصريحات صحافية، أن الحراك الشعبي الذي خرج هو حراك يعبر عن الطبقة الوسطى المهنية وهي عماد الاستقرار في البلاد.

وبعد 5 أيام من الاحتجاجات الشعبية الواسعة، قبل العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، أول أمس الإثنين، استقالة الملقي، وتكليف عمر الرزاز بتشكيل حكومة جديدة خلفاً له، في محاولة لتهدئة الغضب من سياسات اقتصادية فجرت أكبر احتجاجات في المملكة منذ سنوات.

وقال النائب خيرو أبو صعيليك رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب لـ"العربي الجديد"، إنه لابد من التغيير في النهج والسياسات الاقتصادية أكثر من مجرد تغيير الأشخاص.

ويشكو الأردنيون من الارتفاع المستمر في الأسعار والضرائب، الأمر الذي جعل من العاصمة الأردنية عمان الأكثر غلاء عربيا وفي المرتبة 28 عالمياً، وفق تصنيف أجرته مجلة إيكونوميست البريطانية قبل أيام، وذلك من خلال إجراء مقارنة لأسعار 155 سلعة وخدمة في 133 مدينة حول العالم.

واتخذت الحكومة إجراءات، خلال السنوات الثلاث الماضية، استجابة لتوجيهات صندوق النقد الدولي الذي يطالب بما يصفه بإصلاحات اقتصادية، تمكنها من الحصول على قروض جديدة، في ظل أزمة اقتصادية متفاقمة، وتجاوز الدين العام 35 مليار دولار.

وقال ممدوح العبادي، النائب السابق لرئيس الوزراء المستقيل هاني الملقي، إن الأردن بحاجة إلى حكومة اقتصادية وليس حكومة مالية، مشيرا إلى أهمية أن يختار رئيس الوزراء الجديد فريقا وزاريا اقتصاديا بعناية، ذلك أن الشأن الاقتصادي منوط بفريق وليس بشخص رئيس الحكومة.

وقال حسام عايش، الخبير الاقتصادي لـ"العربي الجديد"، إن الرزاز ربما يواجه تحديات اقتصادية غير مسبوقة، إن عمل وفق النهج السابق الذي ينصاع لصندوق النقد الدولي والذي أدى إلى إعداد قانون لضريبة الدخل ينافي المنطق الاقتصادي والقانوني ويمارس سلطة أمنية ضريبية غاية في العنف ضد جميع المواطنين.

وأضاف عايش: "ينبغى أن يكون من المهام الأولى للحكومة الجديدة سحب قانون الضريبة من مجلس النواب ووضع برنامج اقتصادي وطني مستمد من التجربة المريرة مع الصندوق خلال ثلاثة عقود باع فيها الأردن ممتلكاته والمؤسسات الرابحة تحت مسمى الخصخصة ووضع أولويات جديدة تأخذ بالاعتبار متطلبات النمو الاقتصادي الحقيقي".