غزة: تدهور الاقتصاد يدفع نحو تقسيط "تكاليف العزاء"

غزة: تدهور الاقتصاد يدفع نحو تقسيط "تكاليف العزاء"

01 ابريل 2018
الركود يكبّد التجّار خسائر باهظة(عبد الحكيم أبو رياش/العربي الجديد)
+ الخط -
لا يكاد يمر يوم إلا ويطرح أصحاب المحلات التجارية عروضاً ترويجية وتخفيضات من أجل تحريك الأسواق التي أصابها الكساد، وصلت إلى تقسيط تكاليف مراسم العزاء ودفن الموتى في قطاع غزة الساحلي المحاصر والمنهك بالأزمات.
ويعاني أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون في القطاع المحاصر إسرائيلياً من تراجع شديد في حجم السيولة النقدية المتوفرة أثر على قدرتهم الشرائية، وساهم في تكبيد السوق التجارية خسائر شديدة دفعت العديد من التجار لطرح تنزيلات وعروض للتقسيط لضمان عدم إغلاق مصالحهم.
ومؤخراً انتشرت عبر صفحات التواصل الاجتماعي عروض خاصة بمراسم العزاء التي تصاحب حالات الوفاة، مقابل دفع مبلغ مالي نقداً وتقسيط البقية على دفعات عدة في سبيل توفير هذه الجهة لكل التفاصيل التي تحتاجها بيوت العزاء.
ولم تتوقف هذه العروض فقط على مراسم العزاء، بل باتت تشمل مناسبات أخرى كالزفاف وحالات الطلاق وغيرها من المناسبات في القطاع، في ظل عدم قدرة السكان على توفير السيولة النقدية بفعل ارتفاع معدلات البطالة وتفشي الفقر والإجراءات العقابية التي يفرضها الرئيس الفلسطيني محمود عباس منذ عام على الغزيين.
ويعتمد أكثر من 80 % من سكان القطاع على المساعدات الإغاثية التي تقدمها الهيئات والجهات الدولية كالأونروا وغيرها من المؤسسات، فضلاً عن ارتفاع معدل انعدام الأمن الغذائي في صفوف الأسر الغزية وتدني مستوى الأجور، حيث يصل متوسط دخل الفرد الغزي لأقل من 3 دولارات بحسب اللجنة الشعبية لكسر الحصار.
في الأثناء، يقول مدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية بغزة ماهر الطباع، إن العروض على اختلاف أشكالها ومسمياتها الموجودة في القطاع تدلل على سوء الأوضاع الاقتصادية التي وصل إليها أكثر من مليوني مواطن غزي.
ويضيف الطباع لـ "العربي الجديد" أن وصول عروض تقسيط إلى هذا الحد يثبت انعدام القدرة الشرائية لسكان القطاع المحاصر إسرائيلياً للعام الثاني عشر على التوالي، وحجم الأزمة الاقتصادية.
ويؤكد أن الحملات الترويجية وانخفاض الكثير من السلع المتنوعة في السوق لم يسبق لها مثيل، والتي كانت في السابق مرتبطة بالمواسم. ويعتبر الطباع أن عروض التقسيط تأتي في إطار تحفيز الغزيين على الشراء وزيادة القدرة على توفير السيولة النقدية الشحيحة لدى التجار، من أجل استمرارهم بالوفاء بمتطلباتهم وضمان عدم تعرض أنشطتهم التجارية للإغلاق.
ويرى أن استمرار الوضع على ما هو عليه سيؤدي إلى المزيد من الانهيارات خلال الفترة المقبلة، على غرار ما جرى خلال الفترة السابقة التي شهدت إغلاق العديد من القطاعات التجارية لأبوابها كالمحال التجارية والمطاعم والشركات بسبب عدم مقدرتها على توفير السيولة النقدية.




ويرجع سبب لجوء تجار ورجال أعمال غزيين إلى خيار الإغلاق، لكونه الحل الوحيد لوقف نزيف الخسائر المالية التي تعرضوا لها بفعل الأوضاع المعيشية والاقتصادية للسكان، وفي ظل انسداد حالة الأفق وتوقف المزيد من الانهيارات لمؤسسات وقطاعات جديدة.
ويتفق المختص في الشأن الاقتصادي محمد أبو جياب مع سابقه، في أن ما يجري حالياً من عروض وصلت لمختلف السلع والاحتياجات والمناسبات جزء مهم من مؤشرات التدهور الذي وصل إليه المستوى الاقتصادي الفلسطيني في القطاع.
ويقول أبو جياب لـ "العربي الجديد" إن عروض التقسيط والتنزيلات التي يطرحها أصحاب المصالح التجارية، والتي وصلت لقطاعات متنوعة وغير مسبوقة تؤكد على ضعف القدرة الشرائية وحجم الأزمات التي يعاني منها رجال الأعمال والتجار خصوصاً في الشهور الماضية.
ويضيف أن هذه الخطوة تأتي ضمن محاولات ابتدعها التجار لضمان استقطاع الحد الأقصى من السيولة النقدية والأموال من أيدي المواطنين في القطاع، بالرغم من عدم الوفرة المالية القائمة حالياً بسبب الأزمات الاقتصادية والعقوبات المفروضة على غزة.
ويلفت أبو جياب إلى أن التجار حالياً باتوا يلجؤون إلى تقسيط ثمن سلع بسيطة لمدة تصل لسنة وأكثر مقابل بعض الضمانات من المشترين، في الوقت الذي إذا ما استمر فيه الواقع على ما هو عليه فسيكون التجار مضطرين للتقسيط دون أي ضمانات، وهو ما يعني تعرض القطاع التجاري لمزيد من الانهيارات.
وأسهمت العقوبات التي فرضها الرئيس الفلسطيني محمود عباس في حرمان السوق المحلية في القطاع من نحو 20 مليون دولار شهرياً، كانت تنعش الأسواق بفعل الخصومات التي طاولت رواتب موظفي السلطة الفلسطينية منذ بدء العقوبات في أبريل/نيسان 2017.
وحسب تقرير صادر عن مركز الميزان لحقوق الإنسان، فإن نسبة الشيكات المالية المرتجعة في القطاع ارتفعت من 6% عام 2014 إلى 11% حالياً، حيث تعرّض العديد من التجار ورجال الأعمال للحبس بسبب الديون المتراكمة عليهم، وسجل نحو 100 ألف أمر حبس بحق أفراد وتجار، بسبب الذمم المالية.
وتظهر إحصائيات غير رسمية أن نسبة البطالة بلغت 46.6% بين القوى العاملة في القطاع، وتجاوزت نسبتها في أوساط الشباب 60%، فيما تجاوزت 85% في صفوف النساء.

دلالات

المساهمون