مناورات البحرين أصبحت محدودة... والأزمة تستدعي التقشف وزيادة الضرائب

مناورات البحرين أصبحت محدودة... والأزمة تستدعي التقشف وزيادة الضرائب

18 مارس 2019
مؤشرات اقتصاد البحرين مقلقة (Getty)
+ الخط -
مع انطلاق عطلة نهاية الأسبوع في البحرين، تزدحم العاصمة بالسيارات السعودية والكويتية وتنشط الفنادق بالزوار الباحثين عن الحانات والمطاعم وغيرها من وسائل الترفيه.

واقع يعني أن ضريبة المبيعات الجديدة التي تم فرضها هذا العام، ستضخ إلى الخزينة الحكومية المزيد من الأموال مع كل كوب من النبيذ المباع وتدخين النرجيلة، لكن هذا لا يزال غير كاف لسد فجوة كبيرة في الموارد المالية للمملكة، ولا في فطمها عن المساعدات من الدول الغنية المجاورة.

المملكة العربية السعودية، إلى جانب الكويت والإمارات العربية المتحدة، أنقذت البحرين العام الماضي، بعدما أدى انخفاض أسعار النفط إلى زيادة دينها العام ليوازي ما يقرب من 93 في المائة من الناتج الإجمالي.

وبدأت هذه الدول خطة إنقاذ بقيمة 10 مليارات دولار، إلى جانب إدراج البحرين في مؤشرات جي بي مورغان للأسواق الناشئة، ما قدم دفعة إلى السندات البحرينية.

وارتفع سعر سندات البحرين بمقدار الثلث من مستوى قياسي منخفض في يونيو/ حزيران الماضي عندما بدت البلاد في خطر التخلف عن السداد. لكن هذا المسار الصعودي قد ينعكس في الاتجاه المعاكس إذا لم تتعامل المنامة مع تجاوزات الإنفاق، وفق تقرير نشره موقع "رويترز" باللغة الإنكليزية.

ومع وجود عجز كلي في العام الماضي يعادل 11.7 في المائة من الناتج السنوي، وفقًا لتقديرات صندوق النقد الدولي، لم يعد أمام البحرين مجالات للمناورة، بحيث تدفعها الأزمة الاقتصادية نحو فرض مجموعة من الضرائب الجديدة وخفض الإنفاق للقضاء على عجز ميزانيتها بحلول عام 2022، وهو الهدف المحدد كجزء من خطة الإنقاذ.

خطط بديلة

لكن حكام المملكة يحذرون من إجراءات التقشف التي تثير التوترات، وبدلاً من ذلك، وضعت

الحكومة أنظارها على محاولة تنمية الاقتصاد المحلي لزيادة الإيرادات وتحقيق التوازن... فهل من إمكانية لتحقيق ذلك؟

يقول تقرير "رويترز" إن الاستثمارات في قطاع التكنولوجيا الفائقة، وهو قطاع رئيسي إضافة للنفط والغاز، وتطوير البحرين كمركز للشركات الأجنبية التي ترغب في الاستفادة من السوق السعودية الكبرى، كلها مبادرات تروج لها الحكومة كمصادر مستقبلية للإيرادات.

لكن هذه الخطط لا تعتبر كافية لسد الفجوة بحلول عام 2022. وقال صندوق النقد الدولي هذا الشهر إنه يتوقع نمو الاقتصاد بنحو 1.8 في المائة هذا العام، بنفس وتيرة العام الماضي، وأضاف أن هناك حاجة إلى جهود إصلاح إضافية.

ولفت تريفور كولينان، محلل الائتمان السيادي لدى ستاندرد آند بورز، إلى أنه "لا نزال نعتقد أنه سيكون هناك عجز في نهاية هذه الفترة".

في حين أعلنت وزارة المالية والاقتصاد الوطني في البحرين أن البرنامج المالي للبلاد يسير على الطريق الصحيح لتحقيق ميزانية متوازنة في عام 2022. وشرحت الوزارة في بيان "هذه خطة شاملة وذات مصداقية والتي، من خلال مزيج من تخفيضات الإنفاق وتدابير زيادة الإيرادات، تحقق بالفعل تقدما ملحوظا".

إيرادات مؤجلة
ساعد تعافي أسعار النفط، بالإضافة إلى الضرائب غير المباشرة الجديدة وخفض الدعم على

استهلاك المياه والطاقة، في تقليص العجز في البحرين من مستوى قياسي بلغ 18.4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2015.

كجزء من خطة الإنقاذ التي تمت صياغتها من حلفائها الخليجيين، وافقت البحرين على فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 في المائة، بالإضافة إلى المزيد من التخفيضات في الدعم وخطة التقاعد الطوعية للعاملين في الدولة.

لكن الحكومة استبعدت فرض ضرائب على الدخل أو أرباح الشركات، وذلك جزئيًا لمواصلة جذب الأعمال إلى منطقة لا توجد فيها مثل هذه الضرائب.

حكومة البحرين تشعر بالقلق أيضًا من تاريخ السكان الطويل من الاحتجاج السياسي. في حين أجبر الانخفاض الشديد في أسعار النفط جميع دول الخليج، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، على إعادة التفكير في برامج الرفاهية السخية ودفع التنويع الاقتصادي بقوة أكبر.

لقد اكتشفت البحرين، التي لا تملك الثروة النفطية الهائلة المتوافرة لدى جيرانها، حقلاً كبيراً للنفط والغاز قبالة ساحلها الغربي العام الماضي وتجري محادثات مع شركات النفط الأميركية حول تطويره.

قد يكون هذا الاكتشاف مصدرا هاما للإيرادات ولكن من غير المرجح أن تتحقق فوائده قريبًا لأن تحويل التقديرات إلى احتياطيات عملية مكلفة وطويلة.

وقال الاقتصادي ناصر السعيدي: "يستغرق الأمر ما بين أربع وخمس سنوات كحد أدنى، لذا إذا كنت ستحصل على أي إيرادات، فلن يكون ذلك فوريًا، لذلك لا يزال يتعين عليك مواجهة التكيف مع عجز مالي كبير وعجز كبير في الميزانية". 

مناورات بطيئة المردود
في غضون ذلك، تحاول البحرين تسويق نفسها كمركز تكنولوجي مالي للشرق الأوسط وشمال

أفريقيا. في العام الماضي، افتتحت البحرين FinTech Bay، وهي منصة مدعومة من قبل الدولة، تقدم مساحات مكتبية لشركات التكنولوجيا، وفعاليات للشبكات، وتطبيقات الهاتف المحمول.

وقال خالد سعد، الرئيس التنفيذي لشركة FinTech Bay، إن المبادرة ستكون "مساهمًا كبيرًا" في البحرين، لكنه قال إن من السابق لأوانه تحديد هذه المساهمة.

وأضاف سعد أن المركز جذب حتى الآن 36 شركة، 60 في المائة منها دولية، للعمل على تقنيات مثل العملة الرقمية والمدفوعات القائمة على القوالب.

لم تأخذ وكالة ستاندرد اند بورز في الحسبان أي مساهمة من مبادرة fintech في تقديراتها للنمو الاقتصادي البحريني. إذ إنها لن تضيف الكثير إلى النمو ولا إلى حجم التوظيف.

وتفتتح أمازون، أكبر مزود لخدمات الحوسبة السحابية في العالم، مركز بيانات إقليمي في البحرين في وقت لاحق من هذا العام. ورفضت الشركة تحديد عدد الأشخاص الذين ستوظفهم، لكن زوبين تشاغبار، رئيس القطاع العام في الشركة في الشرق الأوسط، قال إن استعداد الحكومة للتركيز على التحول الرقمي كان عاملاً رئيسياً في قرار أمازون بتحديد موقعها هناك.

وتعد الاستفادة من قربها من المملكة العربية السعودية جزءًا من مجموعة الأدوات الاقتصادية في البحرين منذ افتتاح الجسر الذي يربطها بالمنطقة الشرقية بالمملكة، حيث يقع مقر أرامكو العملاق للنفط في عام 1986.

إذ دخل حوالي 1.1 مليون شخص إلى البحرين عبر الجسر في يناير/ كانون الثاني، وقد زار الكثير منهم مراكز الترفيه والاستجمام.

وعلى عكس المملكة العربية السعودية والكويت المجاورة، حيث يتم حظر المشروبات الكحولية، يتم بيع الكحول في البحرين. إلا أن التعويل على ذلك لا يعتبر مستداماً، مع توجه السعودية نحو المزيد من الانفتاح الاجتماعي.
(رويترز، العربي الجديد)