غزة تواجه أسوأ أزمة اقتصادية وسط الحصار وتهديدات ترامب

غزة تواجه أسوأ أزمة اقتصادية وسط الحصار وتهديدات ترامب بقطع المساعدات

17 يناير 2018
+ الخط -



يواجه مواطنو غزة أسوأ أزمة اقتصادية وسط الحصار المفروض عليها، وتهديدات الرئيس الأميركي بقطع التمويل عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" وضغوط الحياة المعيشية. 

ولا تبدو الحياة الاقتصادية والقوة الشرائية في أسواق القطاع طبيعية، وبعبارة أدق "كما كانت عليه في سنوات الحصار العشر الماضية".

ومنذ 8 أشهر مضت، تكاد تخلو المحال التجارية في أسواق القطاع من حركة المشترين، ومن بضائع فاضت بها مخازن التجار والموردين.

وقالت لجنة تنسيق البضائع على معبر كرم أبو سالم (المعبر التجاري الوحيد حاليا بين إسرائيل وغزة)، إن تراجعاً بنسبة 60% طرأ على عدد الشاحنات المحملة بالبضائع الداخلة إلى القطاع لتراجع القوة الشرائية.

ودفعت حالة الشك وعدم اليقين نتيجة المصالحة المرتبكة حتى اليوم، المواطنين إلى خفض النفقات للحد الأدنى، فيما تتواصل الضربات الإسرائيلية لأهداف في القطاع، رداً على ما يقول جيش الاحتلال الإسرائيلي إنها صواريخ تطلق من داخل حدود غزة.

ودخل اقتصاد غزة المأزوم عامه الحادي عشر، فيما تتواصل الاتهامات المتبادلة بين الحكومة الفلسطينية وحركة حماس بتعطيل بنود المصالحة الموقعة منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وبحسب أرقام وردت في "نداء عاجل" وجهه ممثلو القطاع الخاص في غزة للرئيس محمود عباس، سجلت نسبة الفقر في غزة 65%، في حين ارتفعت نسبة انعدام الأمن الغذائي لدى الأسر في القطاع 50% عام 2017.

ويقول ماهر الطباع وهو محلل اقتصادي بغزة، إن عقوبات أخيرة فرضتها السلطة الفلسطينية على موظفيها العام الماضي، بخصم نسبة من رواتبهم الشهرية، كان لها دور في تراجع الاقتصاد المحلي.

وفي إبريل/ نيسان الماضي، قضى أمر رئاسي فلسطيني بخصم 30% من رواتب الموظفين العموميين في قطاع غزة، تبعه تقاعد مبكر لأكثر من 7000 عنصر أمن، في محاولة للضغط على حماس لحل لجنة شكلتها لإدارة القطاع، وقد استجابت حماس للضغوطات في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وتعدت نسب الخصم 30% ووصلت إلى 50%، وفق الطباع  الذي قال، "تقدر قيمتها الشهرية بنحو 20 مليون دولار.. سوق غزة منذ إبريل/ نيسان الماضي فقدت أكثر من 160 مليون دولار".

ويعتمد اقتصاد غزة وأسواقها بشكل رئيس على رواتب الموظفين العموميين البالغ عددهم حتى نهاية 2016، نحو 58 ألف موظف مدني وعسكري، يضاف إليهم 40 ألف موظف عينتهم حماس بعد الانقسام.



وينتظر الـ 40 ألف موظف صرف رواتبهم من جانب الحكومة الفلسطينية منذ توقيع اتفاق المصالحة، لكن الحكومة أكدت مراراً عبر رئيس الوزراء رامي الحمد الله، أن استيعابهم في المؤسسات سيكون وفق الحاجة.

وأصدر القطاع الخاص في غزة أمس الاثنين، بياناً طالب فيه الرئيسين الفلسطيني محمود عباس والمصري عبد الفتاح السيسي، بفتح معبر رفع وإلغاء الخصومات عن الموظفين، وإلغاء الضرائب والجمارك عن غزة لحين تعافي اقتصادها.

كذلك طالب القطاع الخاص في بيانه، سلطة النقد الفلسطينية (المؤسسة القائمة بأعمال البنك المركزي)، بإصدار تعليمات للبنوك للتخفيف عن القطاع الخاص.

عقوبات أميركية

ويعتمد أكثر من مليون لاجئ فلسطيني في قطاع غزة على المساعدات الإغاثية التي تقدمها "أونروا"، وسط تخوفات من انقطاع تلك المساعدات عنهم، عقب تهديد واشنطن بوقف تمويلها للوكالة الأممية.

ويعتقد الطباع أن التهديد الأميركي بتقليص دعم واشنطن لـ "أونروا"، سينعكس بشكل سلبي على الوضع الاقتصادي الذي يعاني أصلاً من الانهيار.

ويأتي التهديد في ظل أزمة مالية تعانيها "أونروا"، تسببت بعجز مالي في خزينتها وصل إلى "60" مليون دولار. ومن المتوقع أن تنخفض الخدمات التي تقدمها "أونروا" في قطاع غزة، في حال نفذت واشنطن تهديدها.

تراجع الودائع والقروض

أظهرت أرقام حديثة لسلطة النقد الفلسطينية (البنك المركزي)، تراجعاً في حجم ودائع الأفراد والشركات في قطاع غزة إلى 1.122 مليار دولار حتى نهاية الربع الثالث من 2017. وكانت قيمة الودائع بلغت 1.137 مليار دولار في الربع الثاني للعام ذاته، و1.125 مليار دولار في الربع الثالث من 2016.

كذلك، انكمشت القروض البنكية للأفراد والشركات في الربع الثالث من 2017 إلى 990.4 مليون دولار، وهو أدنى رقم منذ الربع الثالث من 2016. وكانت قيمة القروض المصرفية بلغت 993.5 مليون دولار في الربع الثاني للعام ذاته، و885.8 مليون دولار في الربع الثالث من 2016.

حصار مستمر

وأوردت صحيفة هآرتس العبرية أول أمس الاثنين، أن الأمن الإسرائيلي يرى أن الضغط والتدهور الاقتصادي في قطاع غزة قد يمهد "إلى انفجار خارج عن السيطرة".

وتبلغ نسبة البطالة في غزة 45% بحسب الإحصاء الفلسطيني (حكومي)، وترتفع إلى 60% في صفوف الشباب، حتى نهاية الربع الثالث من 2017.

وتعد نسبة البطالة المسجلة في القطاع العام الماضي الأسوأ منذ 2002، وفق رصد الأناضول لبيانات إحصائية رسمية. وحتى إشعار آخر، يدخل إغلاق المعبر التجاري الوحيد بين إسرائيل وغزة (معبر كرم أبو سالم) يومه الثالث على التوالي.

وتتحكم إسرائيل بالمعبر وحركة البضائع الصادرة أو الواردة، وتضع قيوداً على واردات السلع، بداعي "إمكانية الاستخدام المزدوج" (لأغراض مدنية وعسكرية) لها.

ونفذت إسرائيل خلال سنوات الحصار منذ 2007 ثلاث حروب على غزة، آخرها صيف 2014، التي أدت في جوانبها الاقتصادية إلى تدمير قرابة 150 ألف منشأة سكنية وتجارية.


الدولار المتراجع

يفاقم الأوضاع الاقتصادية انخفاض قيمة الدولار مقابل الشيكل الإسرائيلي، حيث وصل سعر صرف الدولار إلى 3.39 شيكلات، وهو الأدنى للعملة الأميركية منذ 2011.

ويقول ماهر الطباع إن هذا الأمر يفاقم من صعوبة الأوضاع الاقتصادية، حيث إن معظم إيرادات القطاع تكون بالعملة الأجنبية. ويتقاضى موظفو المؤسسات الدولية والبنوك والشركات الخاصة الكبرى، رواتبهم بـ "الدولار".


حركة السوق

الفلسطيني عبد القادر أبو شعبان (62 عاماً) الذي يعمل بائعاً للخضروات منذ (52 عاماً)، يشكي قلة بيع بضاعته، بشكل يؤثر على مردوده المالي الوحيد الذي يعيل من خلاله أسرته.

ويقول أبو شعبان: "لم نرَ أسوأ من 2017 من الناحية الاقتصادية، الزبائن تنظر إلى البضاعة في الأسواق دون أن تشتري لعدم توافر السيولة النقدية لديها".

 

 

وتسبب انعدام مصادر الدخل لدى المواطنين من الموظفين أو التجار في قطاع غزة، بزيادة أعداد أوامر الحبس على خلفية قضايا مالية خلال عام 2017، بحيث وصلت إلى ما بين  50 و60 ألف مواطن.

وقال أيمن البطنيجي المتحدث باسم الشرطة الفلسطينية: "نظراً لتعثر الوضع الاقتصادي بشكل كبير والعسرة التي أصابت تجار غزة، شهدت أرقام أوامر الحبس على خلفية القضايا المالية، ارتفاعاً خلال العام الماضي".

ويرجع البطنيجي ذلك إلى "الظروف الاقتصادية المتدهورة، من انعدام توافر السيولة النقدية بين التجار، إلى جانب عدم وجود طاقة شرائية لدى الناس".

ويضيف قائلاً: "الناس أصبحت تخشى الشراء، الأمر الذي يؤدي إلى وجود بضائع كبيرة، وقلة في حجم الشراء بشكل يصعب على التجار أصحاب الشيكات (التي استخدمت في شراء البضاعة) تسديدها".

وبين البطنيجي أن معظم حالات "الذمم المالية هم ضحايا الوضع الاقتصادي الصعب (من تجار ومواطنين لديهم التزامات مالية ويصعب عليهم تسديدها) الذي يمر به قطاع غزة".

من جانب آخر، أطلق بعض التجار الفلسطينيين في غزة حملة تحت اسم "سامح تؤجر"، لاقت رواجاً في السوق الفلسطينية وفي صفوف التجار، وتقضي بتنازل التاجر عن الديون المستحقة له من المواطنين (المعسرين).


تداعياته على "الوضع الإنساني"

ويقول المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان (مقره في جنيف)، إن الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في قطاع غزة "بدأت بالانهيار".

وأرجع محمد صيام الباحث القانوني في المرصد "، ذلك الانهيار إلى الحصار الذي تفرضه إسرائيل لأكثر من 11 عاماً على القطاع.

ووثق المرصد، وفق صيام، ازدياد نسبة الفقر في غزة إلى ما يجاوز 65 %، وسط ارتفاع نسب البطالة أيضاً.

ويرى صيام أنه في حال نفذت واشنطن تهديداتها، فإن القطاع سيكون "أمام كارثة إنسانية حقيقية"، في ظل اعتماد حوالي 80 بالمائة من سكان القطاع على خدمات "أونروا".


(العربي الجديد ـ الأناضول)

ذات صلة

الصورة
دانييلا فايس

سياسة

تواصل عرّابة الاستيطان وأحد أشد قادته دانييلا فايس تصريحاتها الفاشية المعادية للفلسطينيين، منادية بترحيلهم من غزة وسائر فلسطين والعودة للاستيطان في غزة.
الصورة

منوعات

كشفت منظمة المراقبة الرقمية الإسرائيلية "فيك ريبورتر"، اليوم الثلاثاء، عن حملة إسرائيلية للتأثير على الرأي العام الغربي، بما يخدم إسرائيل ومصالحها وروايتها.
الصورة
	 في طوكيو: "أوقفوا العدوان على غزة" (ديفيد موروي/ الأناضول)

منوعات

"وحيدا وبصمت"، هكذا يصف الياباني فوروساوا يوسوكي احتجاجه المتواصل على العدوان الإسرائيلي المستمر لقطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
الصورة

سياسة

قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إن القتل والقصف وسفك الدماء مستمرة في غزة على الرغم من حلول شهر رمضان الذي يحتفل به المسلمون في أنحاء العالم.

المساهمون