الجزائر تتعثر في جذب أموال 7 ملايين مهاجر

الجزائر تتعثر في جذب أموال 7 ملايين مهاجر

31 ديسمبر 2018
ضعف تحويلات الجزائريين عبر البنوك (فايز نور الدين/فرانس برس)
+ الخط -

تواصل الجزائر تعثرها في استقطاب أموال مواطنيها المقيمين في الخارج، البالغ عددهم نحو 7 ملايين مواطن، عبر الطرق الرسمية، في ظل تجاهل حكومي لهذا الملف، بحسب مراقبين لـ"العربي الجديد".

وفي وقت تغيب الأرقام الرسمية حول حجم التحويلات المالية السنوية للجزائريين المقيمين في الخارج، إلا أن أحدث تقرير للبنك الدولي حول الهجرة وتحويل الأموال أكد أن قيمة تحويل الأموال نحو الجزائر، من المرتقب أن ترتفع إلى 2.257 مليار دولار في 2018 مقابل ملياري دولار في 2017. ووفق التقرير، فإن القيمة المقررة تمثل 1.1 % فقط من الناتج الداخلي الخام.

واستقرت هذه التحويلات نحو الجزائر لمدة 5 سنوات من 2013 إلى 2017 في حدود ملياري دولار سنويا، بحسب بيانات البنك الدولي، الذي أكد أن الجزائر جاءت متأخرة عن كثير من الدول العربية، التي تصدرتها مصر بـ 20 مليار دولار تحويلات سنة 2017 مقابل 16 مليار دولار السنة السابقة لها، يليها لبنان بـ8 مليارات دولار مقابل 7.3 مليارات دولار 2016، فالمغرب بـ 7.5 مليارات دولار، إذ ارتفعت تحويلات المغاربة المهاجرين بنصف مليار دولار مقارنة بسنة 2016.

ورغم الارتفاع المرتقب للتحويلات المالية للجزائر العام الجاري بحسب البنك الدولي، إلا أن مراقبين أكدوا لـ"العربي الجديد" أن هذه التحويلات دون المستوى، وقالوا إن الجزائر لا تزال عاجزة عن استقطاب أموال مواطنيها المقيمين في المهجر عبر الطرق الرسمية، حيث يفضلون تحويل الأموال عبر الطرق غير الرسمية إلى الجزائر، وهو ما يترجمه ضعف التحويلات السنوية المسجلة، في وقت كان يمكن لأموال الجالية الجزائرية أن تكون مورداً جيداً للعملة الصعبة للبلاد التي تعيش ظروفا اقتصادية حرجة، بسبب تهاوي عائدات النفط.

ويربط المراقبون ضعف التدفق المالي للمهاجرين الجزائريين نحو بلادهم بعدة عوامل متنوعة، منها عقبات في إجراءات التحويل والقيود المصرفية وعدم وجود مشاريع حقيقية لاستقطاب الأموال.

وإلى ذلك، أكد عضو الاتحاد العام للجزائريين بالمهجر (جمعية غير حكومية تنشط في أوروبا) بشير فطومي، أن بدائية النظام البنكي في الجزائر هي سبب رئيسي في عزوف الجزائريين عن تحويل أموالهم عبر القنوات الرسمية، ما جعل البلاد تخسر قرابة 5 مليارات دولار سنويا كان من الممكن جمعها في حال وضع تسهيلات وحوافز للمغتربين.

وقال فطومي لـ"العربي الجديد": لكي يرسل أي جزائري مهاجر أموالا لعائلته أو أي شخص في البلاد، عليه أن يرسل له أولا دليلا يثبت مصدر تلك الأموال لكي يقدمها المستفيد للبنك الذي يحوز فيه على حساب، ثم بعد ذلك يقوم البنك بتحويل ذاك المبلغ إلى الدينار الجزائري حيث يمنع أن يسحب المبلغ المُرسل بالعملة الصعبة، بحسب قانون النقد الجزائري.

وأضاف أن هذه الإجراءات في الحقيقة تَعدٍّ على الحريات"، مشيراً إلى أنه في سنوات السبعينيات من القرن الماضي، كان الجزائريون المقيمون في فرنسا يرسلون لوحدهم ما قيمته مليار دولار من الفرنك الفرنسي القديم، لأن النظام البنكي كان أكثر مرونة من اليوم".

وبالرغم من الشكاوى المتعددة التي رفعها الجزائريون المقيمون في أوروبا خاصة، إلا أن أصواتهم لم تجد في آذان الحكومة الجزائرية ما يستحق الإصغاء، وهو ما يترجم، بحسب خبراء اقتصاد، غياب إرادة سياسية فعلية للتكفل بالجالية التي تعادل نحو 16% من عدد سكان الجزائر.

وبحسب الخبير الاقتصادي فرحات علي لـ "العربي الجديد"؛ "لا يمكن أن تسبق تونس على الأقل الجزائر في حجم التحويلات المالية للمهاجرين نحو البلاد، لأن عدد المهاجرين الجزائريين يبلغ ضعف عدد التونسيين المهاجرين إن لم يكن أكثر، فالجزائر تحصي قرابة 7 ملايين شخص مقيم في الخارج منهم نحو 5 ملايين في فرنسا".

وأضاف: "ولو نفرض أن 5 ملايين من أصل 7 ملايين هم بالغون في سن العمل ويرسل كل فرد ألف دولار سنويا على الأقل لدخلت البلاد 5 مليارات دولار سنويا".

وتابع الخبير الجزائري أن السلطات، عبر المراحل التي مرت بها الجزائر منذ الاستقلال، لم تحمل نظرة اهتمام لهذه الفئة من الجزائريين الذين لا تتذكرهم إلا في المواعيد الانتخابية، وأكبر دليل على ذلك عدم وجود وزارة تهتم بانشغالات الجالية إلى يومنا هذا".

وقال علي: "كان بإمكان الحكومات المتعاقبة على الأقل أن تسمح للبنوك الجزائرية بفتح شبابيك لها في فرنسا حتى تستفيد البلاد من أموال المهاجرين الذين أصبحوا يمولون السوق السوداء للعملة الصعبة، لأنها تقدم لهم أسعار مرتفعة عن تلك المقدمة في السوق الرسمية، وبالتالي هناك غياب لإرادة سياسية للتكفل بالمهاجرين الجزائريين".

ويأتي تعثر الحكومة، في جذب أموال المهاجرين، مواكباً لأزمة مالية حادة تواجه البلاد بسبب تراجع إيرادات النفط. وكانت الجزائر قررت في نهاية 2017 اللجوء إلى طبع العملة، لسد عجز الموازنة على مدى 5 سنوات.