قطر تتأهب للعصر الذهبي لتجارة الغاز

قطر تتأهب للعصر الذهبي لتجارة الغاز

21 اغسطس 2017
استطاعت قطر كسب ثقة المشترين (Getty)
+ الخط -
تترقب صناعة الغاز المسال القطرية خلال السنوات المقبلة وتحديداً بعد 2020 طلباً مرتفعاً من الأسواق على الطاقة. وهو ما أكده البروفسور هاوارد روجر، الخبير بمعهد أوكسفورد لدراسات الطاقة البريطاني، مسلطاً الضوء على أن خطوة شركة قطر للبترول التي أعلنت عنها أول مرة في إبريل/نيسان الماضي، بزيادة الطاقة الإنتاجية للغاز المسال بنسبة 30%، تعد خطوة جيدة وفي الاتجاه الصحيح، إذ إن انخفاض تكلفة الغاز القطري تهدد مشاريع شركات الطاقة الأخرى التي تخطط لإغراق سوق الطاقة العالمي بالغاز المسال. ولقد أوقفت شركات كندية مشاريع التوسع في إنتاج الغاز نظراً لاستحالة المنافسة.
ويقول روجر في بحث منشور بمعهد أوكسفورد مؤخراً إن "قطر تخطط لسوق الغاز المسال في فترة ما بعد التخمة الحالية، وليس الوقت الحالي، إذ من المتوقع أن تبدأ الأسعار بالارتفاع في العقد المقبل مع ارتفاع الطلب العالمي". كما أشار الخبير البريطاني إلى أن تجارة الغاز المسال من المتوقع أن تتوسع بنسبة 50% بحلول العقد المقبل.

وقد أكد تقرير لنشرة "أويل برايس" الأميركية أن قطر ستكون أكبر الفائزين في سوق الغاز، مع خططها التوسعية لإنتاجه وتصديره، في ظل توقعات بانتعاش الاستهلاك وتحسن أسعار الغاز خلال الفترة المقبلة، مشددة على أن توجه الدوحة نحو زيادة الإنتاج، رغم الحصار الذي فرضته دول الحصار الأربع (السعودية، الإمارات، البحرين، مصر)، سيطوّق خطط شركات عالمية أخرى للسيطرة على الأسواق.
واستطاعت قطر صاحبة الاحتياطات الضخمة والالتزام التجاري الثابت على المدى الطويل كسب ثقة المشترين، ما دفعها إلى الإعلان عن زيادة طاقتها الإنتاجية من الغاز الطبيعي المسال من 77 مليون طن إلى 100 مليون طن سنوياً في 4 يوليو/ تموز الماضي.

وتتفق البروفسورة أجينا غريغاس من جامعة أوكسفورد البريطانية مع روجر في النظرة المستقبلية لتجارة الغاز القطرية وكيفية إعداد صناعة الغاز المسال لمستقبل ما بعد تخمة الإمدادات في العقود المقبلة، وتقول إنها ستكون عقود "العصر الذهبي" للغاز الطبيعي.
وتتنافس قطر التي هيمنت على تجارة الغاز المسال في العالم خلال العقد الماضي ولا تزال تتصدر، مع منتجين جدد يدخلون هذا المجال لأول مرة في كل من أستراليا وأميركا، فضلا عن روسيا وإيران.
ويتوقع أن تكون أستراليا، لاعباً جديداً في صناعة الغاز المسال ومنافساً لقطر في آسيا، ويرجح أن تبلغ حصة أستراليا من تجارة الغاز المسال نسبة 12% خلال السنوات المقبلة. كما تتنافس قطر كذلك مع شركات الغاز الصخري الأميركية التي بدأت تصدير شحنات من الغاز المسال إلى أوروبا، في بداية العام الجاري. ومن المتوقع حسب بحث لمعهد أوكسفورد لدراسات الطاقة، أن تبلغ حصة الشركات الأميركية 20% من تجارة الغاز بحلول عام 2020.

وما يميز صناعة الغاز القطري عن منافساتها، رخص الكلفة مقارنة بالمنافسين الآخرين والإنتاج من حقل واحد تتوفر فيه احتياطات ضخمة. كما أن قطر تقل احتياجاتها المحلية لاستهلاك الغاز في توليد الطاقة مقارنة بالمنافسين الآخرين في تجارة الغاز المسال مثل أميركا وأستراليا اللتين تتزايد احتياجات الغاز المحلية لديهما، وبالتالي تكبح هذه الزيادة في الاستهلاك المحلي من قدرتهما المستقبلية في التصدير.
ورغم التحديات الضخمة التي واجهتها صناعة وتسويق النفط والغاز خلال السنوات الماضية وربما خلال السنوات الثلاث المقبلة، إلا أن معهد أوكسفورد و"أويل برايس"، يريان أن أسعار الغاز ستبدأ في التحسن فيما بعد عام 2020.

في هذا الصدد ترى البروفسورة بجامعة أوكسفورد، أجينا غيرغاس، أن تجارة الغاز ستعود للازدهار بعد عام 2020. وتعزو غيرغاس في لقاء مع مجلة "أميركان إنترست" قبل يومين، عودة ازدهار تجارة الغاز المسال إلى الانتعاش إلى 4 عوامل رئيسية، وهي:
أولاً: نقل الغاز المسال إلى مناطق العالم المختلفة والأسواق الاستهلاكية أصبح سهلاً، وهذا العامل أدى إلى تكامل أسواق الغاز الطبيعي الذي أصبح متاحاً، مقارنة بفترات كان فيها الغاز يعتمد على النقل بالأنابيب فقط.
ثانياً: عقود الغاز المسال الفورية والقصيرة الأجل أصبحت متوفرة الآن، ومنتشرة في تجارة الغاز مقارنة بالعقود طويلة الأجل في السابق، والتي كانت مرتبطة بأسعار النفط وتحدّ من تجارة الغاز المسال في السوق الفورية. وهذا العامل جعل هنالك مرونة في تجارة الغاز المسال.

ثالثاً: دول العالم استثمرت في الفترة الأخيرة في البنى التحتية والمنشآت الخاصة بمعالجة الغاز المسال وتحويله إلى الحالة الغازية مرة أخرى في دول الاستهلاك ومن ثم تمريره في أنابيب الاستهلاك. ويلاحظ أن هذه المنشآت في تزايد بأوروبا وآسيا.
أما العامل الرابع والأخير، والذي تشير إليه البروفسورة غيرغاس التي أثار كتابها "العصر الذهبي للغاز" ضجة في أسواق الطاقة العالمية، فهو أن استخدام الغاز الطبيعي في توليد الطاقة أصبح هو الخيار البيئي الأفضل في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، مقارنة بكل من النفط والفحم الحجري.
ويلاحظ أن كلفة إنتاج مليون وحدة حرارية بريطانية، وهي وحدة قياس الغاز الطبيعي، تكلف في قطر حوالى خمسة دولارات، وهذه الكلفة تعادل تقريباً التكلفة الروسية للغاز المصدر إلى أوروبا عبر الأنابيب. ومن المتوقع أن تتمكن قطر من خفض التكلفة مع عمليات الدمج التي أجرتها أخيراً بين الشركات المنتجة للغاز الطبيعي.