تونس: الخصخصة تعكّر ودّ النقابات والحكومة

تونس: الخصخصة تعكّر ودّ النقابات والحكومة

11 مارس 2018
مروحة الخصخصة قد تشمل سكك الحديد (Getty)
+ الخط -


تشهد الأسابيع الأخيرة توترا غير مسبوق في علاقة الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر نقابة عمالية) وحكومة يوسف الشاهد، بعد أن أعلن الاتحاد رفضه بشكل قاطع لخصخصة مؤسسات القطاع الحكومي، التي وصفها بالخط الأحمر.

وبالرغم من التشارك في تشخيص الوضع إلا وجهات النظر من حيث وصفة العلاج تتباعد بين ما تطرحه الحكومة، وما يطلبه الاتحاد الذي يعتبر الحفاظ على القطاع الحكومي مسؤوليته الأولى.

ويرى المراقبون للوضع الاقتصادي والسياسي في تونس أن الاتحاد العام التونسي للشغل الذي طالما شد أزر حكومة الشاهد، بعد أن انفضت من حول الأحزاب السياسية يستعد لخوض أحد أكبر معاركه مع السلطة التي ألمحت في أكثر من مناسبة أن الوقت قد حان لفتح باب خصخصة المؤسسات الحكومية.

وأكد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، السبت بمناسبة افتتاح مؤتمر الاتحاد الجهوي للشغل في تونس، بأن التفويت في القطاع العام خط أحمر، ولن يتمّ التفويت في أي مؤسسة حكومية. وقال "ألف خط أحمر تحت القطاع العام ولن يتم التلاعب به".

وتأتي تصريحات القيادي النقابي ردا على إعلان رئيس الحكومة يوسف الشاهد نية الحكومة التفويت بنسبة 10% في إحدى المؤسسات العمومية رجح مقربون من الدوائر الحكومية أن تكون شركة السكة الحديدية.

ولا ينكر القيادي النقابي سامي الطاهري الوضع الصعب لعدد كبير من المؤسسات الحكومية، سواء الناشطة في القطاعات الثقيلة أو الخدماتية، غير أن المحافظة عليها واجب وطني ومسؤولية الدولة، بحسب قوله، معتبرا أن خدمات المرفق العمومي تتكامل مع الخدمات الاجتماعية التي يتعين على الدولة توفيرها.

وقال الطاهري، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الاتحاد متشبث بموقفه في التصدي للتفويت في الشركات الحكومية، لافتا إلى وجود مخطط ممنهج منذ سنوات لإنهاك هذه المؤسسات وتسهيل التفويت (بيع حصص) فيها من دون أن يحدث ذلك صدمة للرأي العام.

وأشار سامي الطاهري إلى أن الاتحاد العام التونسي للشغل دعا الحكومة إلى معالجة وضعيات المؤسسات الحكومية التي تشكو صعوبات حالة بحالة، نظرا إلى عدم وجود وصفة إصلاحية تنطبق على جميع الشركات، لافتا إلى أن سوء الحوكمة والتسيير والتعيينات الحزبية على رأس هذه الشركات تسبب في سوء تسييرها وتكبدها خسائر كبيرة بحسب تأكيده.

في السياق، أوضح الطاهري أن جزء من الخسائر المالية التي تتحملها المؤسسات العمومية على غرار شركة الكهرباء والغاز هي ديون متراكمة لدى الدولة، متسائلا عن أسباب تلكؤ الدولة في دفع الأموال المستحقة في ذمتها لشركة الكهرباء، في الوقت الذي تمكن فيه القطاع الخاص من امتيازات كبيرة في الاستثمار في الطاقات المتجددة.

واعتبر المسؤول النقابي أن الحديث عن خسائر مؤسسات الدولة مغالطة كبيرة، مؤكدا على أن النقابات لن تسمح بتنفيذ أي مخطط للتفويت فيها وستتمسك بمواصلة تأمين هذه الشركات للخدمات بالتوازي مع تنفيذ خطة إصلاحية لإنقاذها حتى وأن اقتضى الأمر تسريح جزء من العمال لتخفيف الضغوط الاجتماعية المسلطة على هذه المؤسسات.

في المقابل، يرى الخبير الاقتصادي معز الجودي أنه من العبث مواصلة ترميم العجز المالي لمؤسسات حكومية استنزفت ويمكن أن يعود تخصيصها بمنافع كبيرة للمالية العمومية.

وقال الجودي إن خطة الحكومة لتخصيص المؤسسات الحكومية المفلسة يجب أن يحظى بالدعم، معتبرا أن القطاع الخاص وحده القادر حاليا على ضخ دماء جديدة في المؤسسات المترهلة والتي تشكو من تأخر كبير في مواكبة التكنولوجيات الحديثة، لا سيما منها المؤسسات الخدماتية، بحسب تصريحه لـ"العربي الجديد".


المساهمون