مغاربة يحتجون ضد الفساد ونهب المال العام

يكلف البلاد 3% من اقتصادها.. مغاربة يحتجون ضد الفساد ونهب المال العام

14 أكتوبر 2018
شركات مغربية صغيرة أفلست بسبب الفساد (Getty)
+ الخط -
خرج المئات من المغاربة صباح اليوم الأحد بالدار البيضاء، في مسيرة احتجاج للتنديد بالفساد، الذي يرون أن حكومة سعد الدين العثماني، لم تبذل الجهود الواجبة من أجل التصدي له.

وجابت المسيرة وسط المدينة، وشارك فيها ممثلون عن اتحادات عمالية وأحزاب يسارية ونشطاء في جمعيات حقوقية، رفعوا خلال المسيرة، التي استغرقت من التاسعة والنصف إلى الثانية عشرة صباحاً، شعارات تدعو إلى وقف الفساد ونهب المال العام. وتطالب بالتوزيع العادل للثروة.

وبدا لافتاً مشاركة ممثلين عن ساكنة دور الصفيح في المسيرة، الذين تم في الفترة الأخيرة، ترحيل العديد منهم من الأراضي التي كانوا يشغلونها، ما أثار موجة احتجاجات كبيرة، وخاصة في الدار البيضاء.

وندد المشاركون في المسيرة، الذين يمثلون العديد من مدن المغرب، بالفوارق الاجتماعية والرشوة التي استشرت، ما جعل المملكة تتبوأ رتبة متأخرة في تصنيف قائمة الفساد الذي تنجزه منظمة الشفافية الدولية.

ورأى محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، التي نظمت المسيرة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الفساد يكلف المغرب مبالغ تراوح ما بين 2.5 و3% من الناتج الإجمالي المحلي. وقال الغلوسي إن كلفة الفساد باهظة، معتبراً أن ذلك يفوت على المغرب توفير نحو ستين ألف فرصة عمل.

ويؤكد الغلوسي ضرورة انخراط الحكومة في تفعيل الخطة الوطنية لمحاربة الرشوة، وإن كان يرى أنها لم تعمد إلى تبني مقاربة تشاركية في بلورتها قبل إعلانها في 2015.

ووضعت حكومة عبد الإله بنكيران، استراتيجية لمحاربة الرشوة، إذ التزمت برصد 180 مليون دولار للوقاية من الرشوة، والتواصل والتوعية بأهمية محاربتها، والرقي بالحوكمة، ومعاقبة المرتشين، والتربية والتكوين.

وشددت الحكومة، حين تقديم خطتها على التركيز أكثر على محاربة ظاهرة الرشوة في الصحة والشرطة والعدالة والجماعات المحلية، وهي القطاعات التي تؤكد التقارير تفشي الرشوة فيها في المغرب.

ويرتفع الضغط على الحكومة، من أجل تسريع وتيرة محاربة الفساد، الذي يرى سعد العثماني، في أكثر من مناسبة، أنه يحرم المملكة من بناء 150 مستشفى و300 مدرسة.

وينتظر أن تجتمع اللجنة الوطنية لمحاربة الفساد، برئاسة رئيس الحكومة في أكتوبر الجاري، من أجل تقديم التدابير التي تحين، تلك التي جاءت في النسخة الأصلية للخطة التي وضعتها
الحكومة في نهاية 2015.

واتخذت الحكومة تدابير ترمي إلي مراجعة القانون الجبائي لتشديد العقوبات في جرائم الرشوة، وتشجيع الإبلاغ عنها، وتجريم الإثراء غير المشروع، والغش في الصفقات العمومية.

وتبوأ المغرب في آخر تقريرالشفافية، حول مؤشر الدول الأكثر فساداً في العالم المركز 81 من بين 180 دولة، إذ ترى جمعية محاربة الرشوة بالمغرب، أن الفساد والرشوة مستشريان في بعض القطاعات. ويسعى المغرب إلى تحسين ترتيبه في تقارير منظمة الشفافية الدولية.

والتزم رئيس الحكومة أخيراً، بالعمل عبر موازنة العام المقبل، بمواصلة جهودها في مجال محاربة الفساد، عبر ضمان آليات حوكمتها وتسريع إنجاز برامجها، ورصد إمكانات بشرية ومالية من أجل تحقيق ذلك الهدف.

وانتقدت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، مؤخراً ضعف نتائج تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد، بعد أكثر من عامين وعشرة أشهر من إعلان الحكومة لها.

ولاحظ عبد الصمد صادوق، عضو اللجنة الوطنية لمحاربة الفساد، في اجتماع لتقييم الشق أن نتائج تفعيل تلك الخطة ما زالت ضعيفة، لأن الجهود التي بذلت ضعيفة.

وتذهب الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، إلى أن هناك تدابير مصاحبة للاستراتيجية، مثل تفعيل مجلس المنافسة والهيئة الوطنية للنزاهة، لم تر النور، ما لا يعطي الثقة لمختلف الفاعلين والأفراد حول وجود إرادة لتطبيق الاستراتيجية.

وترى أن قانون حماية الشهود لا يحمي المبلغين من الموظفين، الذين يفضحون عمليات ارتشاء في الوظيفة الحكومية، مؤكداً أن أغلب جرائم الارتشاء، تتم في الإدارات العمومية.

ويتصور الغلوسي، أن مواجهة الفساد والرشوة وهدر المال العام، تقتضي إرادة سياسية حقيقية، ومحاسبة المفسدين، وناهبي المال العام، وتكريس تنمية حقيقة تأتي على الإقصاء الاجتماعي
والفقر.




ويعتقد خبراء أنه يفترض وضع نظام وطني للنزاهة، تنخرط فيه سلطات الدولة والأحزاب والقضاء، وتحصين هذا الأخير ضد الفساد، حتى يتأتى له محاربته باستقلالية ونزاهة.

 

المساهمون