أزمة رواتب بالكويت والحكومة تتجه لإلغاء الامتيازات وتقليص البدلات

أزمة رواتب بالكويت والحكومة تتجه لإلغاء الامتيازات وتقليص البدلات

04 يونيو 2020
خسائر كورونا فاقمت الصعوبات المالية (فرانس برس)
+ الخط -


تزايدت وتيرة التحذيرات في الكويت من نشوب أزمة مالية تطاول مرتبات العاملين في القطاع الحكومي خلال الفترة المقبلة، في ظل العجز الذي تشهده الميزانية العامة للدولة بسبب تراجع عائدات النفط والخسائر الناجمة عن تفشي فيروس كورونا الجديد.

وكشف مسؤول حكومي كبير في تصريح لـ"العربي الجديد" أن وزارة المالية تواجه أزمة بشأن الاستمرار في دفع رواتب العاملين في الدولة، لافتا إلى دراسة عدة خيارات للخروج من المأزق الحالي، منها إلغاء جميع الامتيازات والمكافآت وإعادة النظر في ضوابط منح البدلات مثل بدلات الإيجار والسكن والتخصصات النادرة والمخاطر.

وقال إن هناك تدهوراً اقتصادياً غير مسبوق في ظل جائحة كورونا، مشيرا إلى أن الحكومة تواصل مساعيها لتمرير قانون الدين العام الذي يسمح لها بالاقتراض، بينما يلقى هذا الأمر معارضة شديدة من نواب مجلس الأمة (البرلمان).

وأضاف أن الحكومة قررت في وقت سابق تحويل الأرباح المحتجزة لدى الجهات الحكومية ومؤسسة البترول الكويتية والتي تتجاوز 29 مليار دولار، إلى ميزانية الدولة، مشيرا إلى ان هناك لجاناً متخصصة تعكف حالياً على وضع آليات لتحويل الأموال بإجراءات تضمن عدم تأثر هذه الجهات خلال الفترة المقبلة.

وبحسب بيانات وزارة المالية فإن بندي رواتب العاملين في الجهات الحكومية والدعوم المقدمة للمواطنين، يشكلان أكثر من 50 في المائة من موازنة السنة المالية الحالية 2020/2021، التي بدأت بحلول إبريل/نيسان، لتبلغ قيمتهما نحو 51 مليار دولار.

وتوقع تقرير صادر، يوم الاثنين الماضي، عن مركز الشال للاستشارات الاقتصادية في الكويت (غير حكومي) أن يقفز عجز الموازنة إلى 62 مليار دولار في حال استمرار تراجع الإيرادات النفطية التي تساهم بأكثر من 90 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، بينما كانت التقديرات الحكومية السابقة لدى وضع الميزانية تشير إلى بلوغه 30 مليار دولار.

وكشف تقرير حكومي صادر عن إدارة الاقتصاد الكلي التابع لمجلس الوزراء حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، أن الحكومة تتكبد فاتورة شهرية تقدر بنحو 3.5 مليارات دولار في حال استمرار العطلة التي منحتها الدولة للعاملين في القطاع العام من مواطنين ومقيمين بسبب تفشي كورونا.

وقال رئيس مجلس الوزراء، الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، خلال لقائه مع رؤساء تحرير الصحف المحلية، أمس الأربعاء، إن التحدي القادم هو عكس التركيبة السكانية لتكون 70 في المائة؜ للكويتيين و30 في المائة؜ لغير الكويتيين، مضيفا أن الوضع المالي يحتاج إلى تعديل الخلل الكبير في هيكلية الاقتصاد.

وكان رئيس الوزراء قد قال خلال اجتماع خاص للسلطتين التنفيذية والتشريعية نهاية الأسبوع الماضي، إنه "ليس لدى الحكومة سيولة لدفع رواتب يونيو/ حزيران"، مشيراً إلى أهمية إقرار قانون الدين العام حتى لا تتجه الحكومة إلى تسييل الأصول.

لكن رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، قال في وقت سابق إن فرصة تمرير مشروع قانون الدين العام عبر المجلس تكاد تكون معدومة، مشددا على ضرورة عرضه على اللجنة الاقتصادية الحكومية المشكلة برئاسة محافظ البنك المركزي والأخذ بالملاحظات والبدائل النيابية وعرض هذا الأمر على الشعب بكل شفافية.

وقال الخبير الاقتصادي مروان سلامة لـ"العربي الجديد" إن الحكومة أمام خيارات صعبة بسبب تراجع الإيرادات النفطية التي تسببت في تفاقم عجز الميزانية إلى مستويات غير مسبوقة، حيث زاد الإنفاق العام بسبب إجراءات مواجهة تفشي كورونا، فضلا عن الاستمرار في دفع رواتب العاملين في الجهات الحكومية وزيادة دعم العمالة الوطنية في القطاع الخاص.

وأشار سلامة إلى ضرورة استغلال الأزمة الحالية في إجراء إصلاحات حقيقية لمشكلات الاقتصاد المزمنة، داعيا مجلس الوزراء والبرلمان إلى اتخاذ إجراءات شجاعة من أجل إقرار الإصلاحات ومعالجة الخلل والعمل على تنويع مصادر الدخل.

ورأى الباحث الاقتصادي عبد العزيز اليعقوب، أن الحكومة قد تنجح في تمرير حلول سريعة لتمويل عجز الميزانية، وقد تساعد هذه الإجراءات وزارة المالية لمدة عام أو عامين على الأكثر وليس على المدى البعيد، لافتا إلى وجود معوقات كبيرة لتبني معالجة جذرية للاختلالات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد.

وقال اليعقوب إن مشروع قانون الدين العام، الذي قدمته الحكومة يجب أن يتضمن أوجه الصرف وخطة اقتصادية واضحة المعالم وأسلوب السداد، مؤكدا ضرورة البدء في تطبيق العديد من الإجراءات الإصلاحية طويلة الأمد خلال الفترة المقبلة، لتشمل فرض ضرائب على الشركات وتحريك أسعار الخدمات وتقليص الدعوم وإقرار ضريبة القيمة المضافة وإعادة النظر في الإنفاق على المشروعات وتوسيع مشاركة القطاع الخاص في خطط التنمية.

وكانت وكالة ستاندرد اند بورز العالمية، قد خفضت في مايو/أيار الماضي التصنيف الائتماني السيادي للكويت بمقدار درجة واحدة، على خلفية انهيار أسعار النفط، مما أدى إلى الضغط على المركز المالي للدولة.