أسواق ليبيا تلتقط أنفاسها بعد وقف إطلاق النار

أسواق ليبيا تلتقط أنفاسها بعد وقف إطلاق النار

12 يناير 2020
هدوء في الحركة التجارية واستقرار الأسعار (محمود تركيا/فرانس برس)
+ الخط -

 

التقطت أسواق السلع والعملات في العاصمة الليبية طرابلس أنفاسها عقب اتفاق الأطراف المتصارعة على وقف إطلاق النار.

وحسب تجار ومواطنين، لـ"العربي الجديد"، عادت الحركة الطبيعية للأسواق إلى حد ما، أمس، إذ تراجع الإقبال على الشراء، وبدا التفاؤل واضحا بانسياب الحركة التجارية خلال الفترة المقبلة.

وقال تاجر جملة في "الكريمية" أكبر أسواق ليبيا، محمد السويحلي، لـ"العربي الجديد"، إن هناك انخفاضا في شراء السلع الغذائية، أمس، مع بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار، بخلاف الأيام السابقة، حيث سارع المواطنون إلى شراء السلع لتخزينها خوفا من استمرار المعارك. وأكد المواطن نوري الحمروني، أن إيقاف الحرب يسهل عودة الحياة بشكلها الطبيعي، ويقلل هلع الناس، ويخفض إقبالهم على الأسواق لشراء السلع الغذائية والبنزين وغاز الطهو والنقود. وسجلت وزارة الحكم المحلي 200 ألف نازح من المعارك التي اندلعت جنوب طرابلس خلال الفترة الماضية.

وأعلنت مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، المدعومة من الإمارات ومصر، وقف إطلاق النار في جميع محاور المنطقة الغربية في ليبيا، وعلى رأسها العاصمة طرابلس ومحيطها، اعتباراً من أمس. ورغم هدوء الأسواق، أكد المواطن، علي بوغرارة، لـ"العربي الجديد"، أن الأزمات المعيشية متواصلة ومتلاحقة على الليبيين، إذ استمرت الطوابير على محطات الوقود والمصارف. وقال المواطن محمد التارقي، إن هناك نقصا في غاز الطهو ولا توجد أسطوانات في مختلف المستودعات الخاصة والعامة.

أما سوق صرف العملات فشهدت العملة المحلية تحسناً مع وقف إطلاق النار، إذ تراجع سعر الدولار في السوق الموازي إلى أربعة دنانير، أمس، مقارنة مع ما بين 4.3 و4.5 دنانير في الأسبوع الماضي، في حين يبلغ السعر الرسمي للعملة الأميركية نحو 1.4 دينار، حسب تجار عملة.

ويؤكد المحلل الاقتصادي أبو بكر الهادي، لـ"العربي الجديد"، أن الأسواق مرتبطة بسعر الدولار في السوق الموازي، وفي حالة انخفاض سعره فإن الأسعار سوف تنخفض، مضيفا أن هناك تراجعا طفيفا في أسعار السلع الغذائية، أما المنتجات الأخرى فقد ظلت على مستوياتها المرتفعة.

وفي سوق العملة الموازي بالظهران، أكد سمسار العملة عبد الهادي محمد، لـ"العربي الجديد"، أن عمليات السحب على الدولار قليلة جدا، ومنذ الصباح لم يتمكن سوى من بيع كميات بسيطة، مشيرا إلى وجود ركود في سوق العملة.

أما بخصوص العقارات، فما زال السعر مرتفعا بحسب سمسار العقارات فاضل الزليطني، الذي قال إن أسعار العقارات ارتفعت بنسب كبيرة مقارنة بالأسعار قبل العمليات العسكرية لقوات حفتر على العاصمة.

من جانبه، أكد وكيل وزارة المواصلات في حكومة الوفاق الوطني، هشام بوشكيوات، لـ"العربي الجديد"، إعادة فتح مطار معيتيقة للرحلات الخارجية، وذلك بعد إعلان وقف إطلاق النار بين قوات الحكومة والقوات الموالية للواء المتقاعد خليفة حفتر. وأضاف المسؤول، أن الرحلات الجوية للمطار سوف تستأنف قريبا. وتعرّض مطار معيتيقة، المطار الوحيد في العاصمة طرابلس، إلى إغلاقات متعددة بسبب القصف الجوي من قبل قوات حفتر، حيث توقفت الملاحة الجوية في المطار منذ يوم الجمعة الماضي.

وتتواصل أزمات الليبيين المعيشية رغم تعافي إنتاج النفط. وقال رئيس المؤسسة الوطنية الليبية للنفط في طرابلس، مصطفى صنع الله، نهاية الأسبوع الماضي، إن المؤسسة تمكنت من زيادة معدلات الإنتاج إلى 1.174 مليون برميل يوميا، حسب ما أفادت به صفحة المؤسسة على فيسبوك. ويأتي ذلك رغم تصاعد الاضطرابات والصراعات العسكرية في البلاد. وأضاف أن دخل مؤسسة النفط بلغ 22.495 مليار دولار أودعت في مصرف ليبيا المركزي.

وذكر الخبير النفطي محمد أحمد، أن إجمالي التكلفة التشغيلية والرأسمالية لإنتاج برميل النفط تصل إلى 6.31 دولارات، وهو ما يعني تحقيق ليبيا دخلا صافيا قدره 57.96 دولارا في كل برميل، موضحا أن تكلفة إنتاج النفط في بلاده من أقل التكاليف على صعيد الدول المنتجة. وقال الخبير الليبي إنه "رغم تحسّن إيرادات النفط فإن الدين العام لم يسدد منه إلا 10 مليارات دينار، من أصل 96 مليار دينار متراكمة منذ سنوات".

وفي هذا السياق، قال الباحث الاقتصادي نورالدين حبارات، لـ"العربي الجديد": لم يكن هناك برنامج واضح للإصلاح الاقتصادي في البلاد، بل كان في حقيقته مجرد ضرائب جديدة دفعها جميع المواطنين على حد سواء بمن فيهم أصحاب المعاشات الأساسية.

وأضاف أن الليبيين دفعوا خلال أكثر من عام قرابة 35 مليار دينار في شكل ضريبة على مبيعات الدولار ولم تتحسن معاناتهم، بل تفاقمت وازدادت سوءا على كافة الأصعدة، رغم زيادة الإيرادات النفطية.

ويعاني الاقتصاد الليبي من انكماش متوقع بنحو بنسبة 5.5% خلال العام الجاري، نتيجة الحرب الدائرة في جنوب طرابلس، وفق البنك الدولي، الذي ذكر أن نمو إجمالي الناتج المحلي سيكون سلبياً في 2020 (-0.6%)، وسيستقر عند نحو 2% في 2021 و2022. وأوضح البنك الدولي أن ارتفاع إنتاج ليبيا من النفط سيعزز الاحتياطات من العملة الصعبة.