هل تستعين تونس بالزكاة لتجاوز الأزمة الاقتصادية؟

هل تستعين تونس بالزكاة لتجاوز الأزمة الاقتصادية؟

17 ابريل 2017
دعوات لاستغلال الزكاة في خلق مشروعات (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
يطرح عدد من المهتمين بالشأن الاقتصادي أموال الزكاة كبديل مهم لتمويل الاقتصاد التونسي ومساعدته على تخطي الصعوبات التي تواجهه منذ ست سنوات، تراجعت خلالها إيرادات الدولة من السياحة والاستثمار والصادرات.

وتعتمد تونس، كما الحال في أغلب دول العالم، على نظام الضرائب في تدبير النفقات العامة، لكن اتساع دائرة السوق الموازية التي تبتلع أكثر من نصف الاقتصاد التونسي، يحول دون استفادة الدولة بكثير من الإيرادات الضريبية، ما يدفع المختصين للبحث عن مصادر تمويل أخرى، سيما أن كثيرا من الأسر والأفراد الذين لا ينضوون تحت مظلة دافعي الضرائب، يلتزمون بإخراج الزكاة على أموالهم.

ويقدر وزير الشؤون الدينية في تونس، محمد عظوم، إجمالي أموال الزكاة بنحو 3.5 مليارات دينار (نحو 1.5 مليار دولار)، وهو رقم يمثل قرابة 12% من موازنة الدولة السنوية، ويعادل عجز موازنة عام 2015 كاملا.

ويرى الخبير المحاسبي ورئيس الجمعية التونسية للزكاة محمد مقديش، أن أموال الزكاة المشتتة يمكن أن تكون بديلا مهما لتمويل الاقتصاد وخلق فرص العمل، غير أن غياب التشريعات يحرم الاقتصاد من مصدر تمويل مهم، مشيرا إلى أن تونس تفتقد إلى هيكل مختص يجمع أموال الزكاة ويحولها إلى مصدر من مصادر التمويل للمشاريع الاقتصادية.

وقال مقديش في تصريح لـ "العربي الجديد" إن الظرف الاقتصادي وصعوبات التمويل تدفع للبحث عن مصادر تمويلات لا تراها الحكومة إلا في طرق أبواب الخارج في حين أن حجم أموال الزكاة يمكن أن يساهم في المجهود التنموي، وفي إيجاد بدائل لتمويل الاستثمار في المشاريع الصغرى لصغار المزارعين وأصحاب الحرف اليدوية، وفي توفير فرص عمل لشريحة واسعة من الباحثين عن العمل.

وأشار مقديش إلى أن مؤسسات الإقراض المالي المختصة في المشاريع الصغرى يمكنها الاستفادة من أموال الزكاة لتوسيع دائرة نشاطها، لا سيما أن التجربة أثبتت في عدد من الدول قيمة التمويلات الصغرى في تحسين الظروف المعيشية للحاصلين عليها.

وبحسب الخبير المحاسب تجد العديد من المؤسسات صعوبة في التصرف في أموال الزكاة، وهو ما يجعل هذه الأموال توجه عادة نحو الاستهلاك باعتبار أنها غالبا ما تقدم في شكل مساعدات اجتماعية للأقارب أو العاملين فيها، وذلك في غياب أي وثائق محاسبية تثبت التصرف فيها، حسب تأكيده.

وأبرز مقديش الحاجة إلى إنشاء مؤسسة تونسية للزكاة تكون تحت إشراف الدولة تجتمع فيها الهيئات المحاسبية بالهيئات الدينية، على غرار ما هو معمول به في صناديق الزكاة في العديد من الدول الإسلامية التي نجحت في تحويل أموال الزكاة إلى ذراع تمويل اقتصادي.

ويعيش الاقتصاد التونسي أزمة سيولة حادة أثرت بشكل كبير على تمويل الاقتصاد، حيث كشفت بيانات نشرها البنك المركزي مؤخرا على موقعه الرسمي، أن نقص السيولة قارب 8.368 مليارات دينار (نحو 3.638 مليارات دولار)، ما اعتبره سابقة في المنظومة الاقتصادية التونسية النقدية. كما أشار المركزي إلى أن رصيد الخزينة العامة للدولة لا يتجاوز 223 مليون دينار.

وتسعى تونس إلى معالجة اقتصادها العليل باستعجال الإصلاحات الاقتصادية في السياسة الجبائية والمالية، فضلا عن تقليص أعباء الدولة من الأجور ومحاصرة التهريب والفساد بدعم دولي على المضي قدما في هذه الإصلاحات، التي تتضمن إحالة عشرات آلاف العاملين بالدولة إلى التقاعد لتقليص فاتورة الأجور.

ويرى مدير عام بورصة تونس بلال سحنون، أن عددا من المستثمرين يتفادون الادخار الربوي عبر الاستثمار في البورصة، وهو ما يجعل عملية احتساب أموال الزكاة المتأتية من هذا الصنف من الاستثمارات أسهل بتقييمها حسب قيمة الأسهم.

واقترح سحنون في تصريح لـ "العربي الجديد"، تطوير مختلف التشريعات المالية، لا سيما منها منتجات الصيرفة الإسلامية بما يمكن من توفير مصادر جديدة لتمويل الاقتصاد، لافتا إلى أن أموال الزكاة يمكن أن توجه للتنمية في الجهات الفقيرة وفق مبدأ التمويل الإيجابي الذي ينص عليه دستور البلاد.

وبالرغم من مصادقة البرلمان على النصوص القانونية التي تنظم الصيرفة الإسلامية، إلا أن النصوص المتعلقة بأموال الزكاة لا تزال متعثرة، حيث تم إعداد مشروع أمر يخص أن بيت الزكاة يعنى بجمع أموال الزكاة وصرفها على مستحقيها وذلك حسب مصارفها الشرعية.

ويندرج مشروع الأمر في إطار تطوير المنظومة المالية الإسلامية بتونس. وينص مشروع الأمر على إنشاء مؤسسة بيت زكاة مستقلة، تحت إشراف وزارة الشؤون الدينية التي تشرف على جمع أموال الزكاة وصرفها بصفة مركزية ومنظمة وبصفة غير مشتتة، يمكن أن يحوز على حصيلة كبيرة من الأموال يقع بواسطتها تحقيق الأغراض والمقاصد الشرعية من ركن الزكاة.

المساهمون