قلق في حي المال البريطاني من مستقبل بريكست

قلق في حي المال البريطاني من مستقبل بريكست

01 اغسطس 2018
الحي التجاري بلندن (العربي الجديد ـ أحمد الداوودي)
+ الخط -

قلق وترقب يسودان حي المال البريطاني الذي يتخوف من فقدان صفقاته المالية في أوروبا في حال خروج بريطانيا من دون اتفاق في مفاوضات بريكست المتعثرة حتى الآن. وهنالك أمل ضئيل في أن تسمح المفوضية الأوروبية في بروكسل لشكل من أشكال المرور التجاري المتساوي للخدمات المالية في كل من أوروبا وبريطانيا في المستقبل. 

وكان مسؤول أوروبي قد أشار في تصريحات نقلتها صحيفة "فاينانشيال تايمز"، أمس، إلى أن أوروبا ربما تكون مرنة في اتفاق الخدمات المالية.

وسط هذه المخاوف التي تسيطر على حي المال البريطاني، قال الرئيس السابق لحي المال مارك بوليت، إن الحي يمكن أن يفقد 75 ألف وظيفة و10 مليارات جنيه إسترليني (حوالى 13 مليار دولار) من الدخل الضريبي الذي يرفد به الخزينة البريطانية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وذلك في محاضرة ألقاها في جامعة لندن الأسبوع الماضي. 


ومن المقرر أن تخرج بريطانيا رسمياً من عضوية الاتحاد الأوروبي في نهاية شهر مارس/ آذار المقبل. وحتى الآن لم تتمكن حكومة تيريزا ماي من التوصل إلى اتفاق بشأن الخدمات المالية، وهو ما يزعج الشركات المالية العالمية التي تتخذ من لندن مقراً لها لتنفيذ الصفقات المالية مع دول الاتحاد الأوروبي.

وكانت المصارف العالمية تأمل في اتفاق بين لندن وبروكسل يبقي لحي المال البريطاني "جواز المرور التجاري" الذي يسمح لها بتسوية الصفقات المالية والنقدية دون حواجز.

ويرى مارك، في المحاضرة التي القاها في جامعة لندن، أن "هنالك فرصاً ضئيلة لحصول حي المال البريطاني على جواز المرور بعد مغادرة بريطانيا لأوروبا".

يذكر أن المفوضية الأوروبية رفضت المقترح الذي قدمته رئيسة الوزراء البريطانية بشأن العلاقات التجارية في ما بعد "بريكست"، وهو ما يرفع من درجة التشاؤم بين كبار رجال المال في لندن.

ويحدث هذا الرفض في وقت تتواصل فيه التحذيرات من كبرى البنوك والشركات المالية من أنها ستضطر لمغادرة بريطانيا إذا لم تحصل بريطانيا على اتفاق مع بروكسل حول الخدمات المالية. واتخذت بعض المصارف خطوات فعلية لتحويل جزء من عملياتها إلى حي المال الألماني في فرانكفورت. في هذا الصدد، قال مصرف "دويتشه بانك"، أكبر مصرف أوروبي، أمس، إنه حول جزءاً من عمليات "تسوية صفقات اليورو" إلى فرانكفورت.

وتعد عمليات تسوية اليورو من أعمدة النشاط المالي في بورصة لندن. وحسب صحيفة "ذي غارديان" البريطانية، فإن صفقات التسوية النقدية التي تجرى في لندن تقدر بحوالى ترليون يورو.

وأضافت الصحيفة أن خسارة حي المال اللندني لتسوية اليورو يمكن أن تفقده حوالى مائة ألف وظيفة. ولكن يلاحظ أن مصرف "دويتشه بانك" لم ينقل حتى الآن سوى جزء طفيف من عملياته إلى فرانكفورت.

وتتنافس كل من باريس وفرانكفورت والعاصمة الأيرلندية دبلن على أخذ جزء من كعكة الخدمات المالية في حي المال البريطاني.

في هذا الصدد، قال مركز "باريس يوروبلاس" الاقتصادي المالي، إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيؤمن 3500 وظيفة في القطاعين المالي والمصرفي في باريس مع نقل مؤسسات بارزة عملياتها خارج لندن بسبب انسحابها من الاتحاد الأوروبي، هذا إضافة إلى عشرات آلاف الوظائف التي تضاف للسوق الفرنسي في قطاعات الخدمات بشكل غير مباشر مع نقل شركات كبرى أعمالها الى باريس.

وقال رئيس مجموعة "باريس يوروبلاس"، جيرار ميستراليه، في افتتاح المؤتمر السنوي للمجموعة، إن الرقم "أكبر بكثير من عدد الوظائف المنقولة بشكل مباشر إلى عواصم مالية أوروبية أخرى"، مرجحاً أنه إضافة إلى نحو 3500 وظيفة مرجح تأمينها في القطاع المصرفي والأعمال بشكل مباشر، يرجح أن تُضاف أكثر من 20 ألف وظيفة بشكل غير مباشر في قطاعات خدماتية في باريس.

وترى العديد من الفعاليات السياسية والمالية في بريطانيا، أن الحكومة فشلت في التعامل مع مفاوضات "بريكست". وأظهر استطلاع رأي جديد أجري في إنكلترا، نشرت نتائجه يوم الجمعة الماضي، أن غالبية البريطانيين يؤيدون إجراء استفتاء جديد حول "بريكست".
وبحسب وكالة "فرانس برس"، كشف الاستطلاع الذي أجراه معهد "يوغوف" لصحيفة "ذي تايمز" وشمل 1653 شخصاً، أن نحو 42% من البريطانيين يرون أنه من الضروري تنظيم استفتاء جديد بعد المفاوضات، مقابل 40% لا يرغبون في ذلك.

وكانت فكرة تنظيم استفتاء جديد التي تدعمها خصوصا منظمة "بيبل فوت"، قد تقدمت في الأسابيع الأخيرة مع الدعم الذي قدمته وزيرة التعليم السابقة جاستن غرينينغ. وأطلقت صحيفة "ذي إندبندنت"، الأربعاء، عريضة جمعت أكثر من مئتي ألف توقيع حتى صباح الجمعة.

ويأتي هذا الاستطلاع بينما رفض كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه، الخميس الماضي، خطة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي التي تهدف إلى الإبقاء على علاقات تجارية وثيقة مع القارة بعد "بريكست" المقرر تطبيقها في 29 آذار/ مارس 2019، عبر إقامة نظام جديد لمراقبة السلع يمكن لبريطانيا أن تؤمن عبره مراقبة وجمع الرسوم الجمركية على حدودها مع الاتحاد الأوروبي.

المساهمون