الفقر يجتاح الأردن... معاناة الناس المعيشية تناقض إحصاءات الحكومة

الفقر يجتاح الأردن... معاناة الناس المعيشية تناقض إحصاءات الحكومة

21 ديسمبر 2019
تكابد الأسر الفقيرة الأمرّين لتأمين قوتها اليومي (فرانس برس)
+ الخط -

على أفضل تقدير، يعاني 15.7% من الأردنيين من الفقر، فيما لا يجد 8 آلاف مواطن قوت يومهم، وفق مسؤولين في الحكومة الأردنية، علماً أن حكومة عمر الرزاز كانت قد أعلنت قبل أشهر أن معدل الفقر كان سيصل إلى 19.2% لولا الدعم المباشر المقدّم للأسر الفقيرة

ثمة "ثالوث" اقتصادي بأبعاد اجتماعية عميقة يتربص بالأردن واستقراره، وعلى رأسه الفقر، إضافة إلى البطالة التي يتخطى معدلها 19%، وارتفاع الدين العام إلى 30 مليار دينار تعادل 42 مليار دولار، حتى نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، بحسب مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2020.

ومن المستبعد أن تشكل الإجراءات الحكومية الأخيرة حول زيادة الرواتب بمبالغ تراوح بين 14 دولاراً و112 دولاراً، حلاً لأزمة الفقر في ظل ارتفاع معدل التضخم، رغم ترجيح أن تتسبب هذه الزيادة باحتواء الغضب الشعبي من السياسات الحكومية والنهج الاقتصادي في إدارة موارد الدولة.

في السياق، يقول الخبير الاقتصادي والاجتماعي حسام عايش، لـ"العربي الجديد"، إن هناك نوعين من الفقر؛ فقر يشعر الناس به، وفقر تعلنه الحكومة ويعتمد على دراسة أرقام الإنفاق، ما يعكس تبايناً بين إحساس الناس بالفقر وأرقام الحكومة التي يرى كثير من المختصين أنها لا تُعبّر عن حقيقة الوضع.
فوفقا لمسح دخل نفقات الأسرة بين عامي 2017 و2018، بلغ معدل الفقر 15.7%، فيما تعتمد الحكومة النتائج المتعلقة بخط الفقر على إنفاق الأسرة لا على دخلها، وهنا تكمن المشكلة، بحسب عايش، الذي يقول إن الناس تشعر بأن هناك مشكلة في قلة المداخيل بينما تصر الحكومة على احتساب الفقر على أساس الإنفاق.

ويلفت عايش إلى أن الإنفاق يختلف عن الدخل من باب أن معدل إنفاق الأسرة الأردنية يزيد عن الدخل بحوالى ألف دينار، أو 1440 دولاراً، موضحاً أن هذا الفرق تنتجه القروض المصرفية وأحياناً حوالات المغتربين من الخارج أو بيع ممتلكات كالأراضي والبيوت والسيارات، وفي بعض الأحيان من المساعدات، بمعنى أن الدخل لا يكفي لتغطية النفقات المعيشية.

وتشير دارسة صادرة عن "البنك الدولي" أُجريت عام 2014 عن "الفقر الموسمي" إلى وجود "فقر عابر" بنسبة تتجاوز 18%، وهي نسبة يعتقد عايش أنها أصبحت أكبر بكثير اليوم.

وفي هذا الإطار، يقول أستاذ علم الاجتماع حسين الخزاعي لـ"العربي الجديد"، إن الفقر من المنظار الاجتماعي هو الانعزال وعدم المشاركة في أي فعالية اجتماعية أو نشاط أو واجب بسبب عدم القدرة الاقتصادية، مشيراً إلى أنه لا يوجد تعريف موحد ومتفق عليه للفقر، لكنه يعني عموماً عدم قدرة الإنسان على تلبية كافة احتياجاته الاقتصادية والاجتماعية، وأقساها الوصول إلى مرحلة الجوع والعجز عن الحصول على الطعام ودفع كلفة المواصلات.
ومن واجب الحكومة، بحسب الخزاعي، دراسة احتياجات المواطنين الحالية وتقديم الدعم لهم، لافتاً إلى أهمية بحث الدولة عن المواطنين الذين تمنعهم كرامتهم من طلب المعونة والمساعدة من الدولة، بخاصة أولئك الذين ترتبط ثقافتهم الاجتماعية بعادات وتقاليد تحول دون طلب المساعدة المصنّف على أنه "كسر لعزّة النفس".

وحول دقة أرقام الفقر، يقول الخزاعي إن الحكومة تقدّر نسبة الفقراء بحوالى 15%، لكنها لا توضح كيفية التوصّل إلى هذه النتائج وما هو خط الفقر في إجراء دراساتها.

ويلفت الخزاعي إلى أن مدير الإحصاءات العامة قاسم الزعبي قال إن هناك 8 آلاف "جائع" في الأردن، لكن "إذا أردنا اعتماد تصريحات الحكومة حول دخل المواطنين لعام 2010 والتي ربطت الفقر بالحصول على دخل يقل عن 500 دينار، فإن حوالى نصف الأردنيين هم حالياً فقراء وربما تكون النسبة أكبر عند احتساب معدّل التضخم الحقيقي.

يُشار إلى أن أرقام مسح دخل ونفقات الأسرة 2018/2017 كشفت أن خط الفقر للفرد يُقدّر بـ100 دينار شهرياً، أي 1200 دينار سنوياً. كما أن خط الفقر للأسرة (4.8 أفراد) بلغ 480 ديناراً شهرياً.
وقد ورد تعريف خط الفقر في "تقرير حالة الفقر في الأردن" الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة أواخر عام 2012، بأنه "هو الخط الفاصل بين دخل أو استهلاك الفقراء عن غير الفقراء، ويعتبر الفرد فقيراً إذا كان استهلاكه يقل عن مستوى استهلاك الحد الأدنى لقيمة الحاجات الأساسية اللازمة له"، ويمكن أخذ مفهوم أبسط من ذلك لخط الفقر بأنه أدنى مستوى من الدخل الذي يحتاج إليه المرء أو الأسرة ليكون بالإمكان توفير مستوى معيشة ملائم في هذا البلد.