الحكومة المصرية تسعى لتصفية شركات الصرافة

الحكومة المصرية تسعى لتصفية شركات الصرافة

10 اغسطس 2016
إغلاق 67 شركة لم يمنع سعر الدولار من الارتفاع
+ الخط -
اشتدت الضربات الحكومية لشركات الصرافة في مصر، وسط تعالي المطالبات بتصفيتها، بعد أن ألقى البنك المركزي باللائمة على بعض هذه الشركات في الارتفاع غير المسبوق لسعر صرف الدولار الأميركي أمام الجنيه، فيما قال عاملون في سوق الصرف إن الحكومة تسعى لتقديم ما وصفوه بـ"كبش فداء" للغطاء على فشلها في إيجاد حل لانحسار موارد النقد الأجنبي والتدهور الكبير للاقتصاد.
ووافق مجلس النواب (البرلمان) بشكل نهائي، يوم الثلاثاء، على تعديل بعض أحكام قانون البنك المركزي، والجهاز المصرفي، بما يقضي تغليظ العقوبات على شركات الصرافة والمتاجرين بالعملات الأجنبية في السوق الموازية، لتصل إلى السجن لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات، وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تتجاوز خمسة ملايين جنيه (بين 115 ألف دولار و565 ألف دولار).

كما طالب علي عبدالعال، رئيس المجلس، أعضاء المجلس بسرعة إعداد تشريع يُلغي عمل شركات الصرافة نهائياً، واصفاً إياها بأنها "سرطان ينهش في جسم الاقتصاد ويدمره".
وتزامن تشديد التشريعات مع حملات مكثفة للبنك المركزي منذ مطلع العام الجاري 2016 ضد شركات الصرافة، أسفرت وفق مسؤول في البنك المركزي عن إغلاق 48 شركة، منها 26 شركة تم إغلاقها نهائيا و22 شركة تم إغلاقها ما بين ثلاثة أشهر وعام.
وكان إجمالي شركات الصرافة المرخص بالعمل لها، يبلغ نهاية العام الماضي 115 شركة، لكنه الآن يبلغ 67 شركة فقط.

وقال بلال خليل، نائب رئيس شعبة شركات الصرافة في اتحاد الغرف التجارية لـ"العربي الجديد"، إن "إلغاء شركات الصرافة سيفاقم الأزمة، فالشركات تعمل وفق النظام المصرفي ولا تعد من السوق الموازية".
وأربكت حملات البنك المركزي المصري، وكذلك تصريحات البرلمانيين بإلغاء شركات الصرافة، عمل هذه الشركات، فيما لا تزال أسعار الدولار في السوق السوداء مرتفعة بأكثر من 40% عن السعر الرسمي في المصارف.

وقفز الدولار في السوق الموازية خلال الأشهر القليلة الماضية، ليصل إلى مستوى 13.50 جنيهاً في يوليو/تموز الماضي، قبل أن يتراجع إلى 12.65 جنيهاً وفقا لمتعاملين خلال الأسبوع الثاني من أغسطس/آب الجاري.
ولم ينجح البنك المركزي في القضاء على السوق السوداء، أو حتى تخفيف حدة هبوط الجنيه من خلال الإجراءات التي اتخذها خلال الفترة الماضية سواء بخفض سعر العملة في مارس/آذار أو العطاءات الاستثنائية أو سحب تراخيص الشركات.
كما لم تنجح أيضا حملات مباحث الأموال العامة على شركات الصرافة في القضاء على السوق الموازية.


وقال مصدر فى شعبة الصرافة بالاتحاد المصري للغرف التجارية، إن الكثير من الشركات بدأت في اتخاذ تدابير تحوطية في حال إقدام الحكومة على إلغائها، مشيراً إلى أن هناك رؤوس أموال وآلاف العاملين في هذه الشركات.
وأضاف المصدر، في تصريح خاص، أن "العديد من شركات الصرافة أوقفت التعاملات، هناك مداهمات وحملات من مباحث الأموال العامة والبنك المركزي".

وتابع أن اتهام شركات الصرافة بأنها المسؤولة عن أزمة الدولار يعد كلاماً مرسلا، إذ إن ارتفاع الدولار يعود بالأساس إلى شح في المصارف والأسواق نتيجة فشل الحكومة في الملف الاقتصادي وتراجع موارد الدولة من النقد الأجنبي.

من جهته انتقد رئيس شعبة الصرافة بالاتحاد العام للغرف التجارية في القاهرة محمد الأبيض، شطب شركات الصرافة من السوق المصري حتى اليوم، بقرار من البنك المركزي، لاتهام تلك الشركات بأنها السبب وراء ارتفاع الدولار، والعمل في السوق الموازية والمضاربة على الدولار، الأمر الذي أدى إلى اختفائه في ظل الطلب المتزايد عليه خاصة من قبل المستوردين، مؤكداً أن شركات الصرافة بريئة من تلك الاتهامات، وشطبها سيدفع العاملين بها إلى الاتجاه للعمل في السوق السوداء لخبرتهم.

وأضاف "الأبيض" أن استمرار الحكومة في شطب تلك الشركات يعد كارثة، منوهاً أن مكاتب الصرافة المنتشرة في المحافظات، تعمل جنباً إلى جنب مع البنوك، وخفّفت الضغوط على البنوك المصرفية، وأنها ملتزمة بأسعار صرف الدولار التي يحددها البنك المركزي المصري يومياً، إلا أن الأزمة الحقيقية تكمن في عدم توفيره.
وأشار الأبيض إلى أن شركات الصرفة تسيطر على 20% من سوق العملة في مصر، وهي نسبة ضعيفة، أما الجانب الأكبر في يد السوق السوداء وتجار العملة وهم كثرة ويتحكمون في السوق، ومنهم من يعمل في قطاع البنوك.
ولفت الأبيض إلى أن فكرة غلق شركة صرافة دون وجود خطة محكمة لحل الأزمة، ليس له قيمة لإنهاء أزمة الدولار التي تشهدها البلاد في الوقت الحالي، متوقعاً شراسة كبيرة في السوق السوداء للدولار خلال الأيام المقبلة وهبوط حاد في قيمة الجنية المصري.

وطالب رئيس شعبة الصرافة الحكومة، بضرورة وضع برنامج اقتصادي متكامل لحل الأزمة الاقتصادية التي تواجهها مصر في الوقت الحالي، وعدم الاتجاه إلى الاقتراض من الخارج لزيادة خطر الديون، وأن تقوم الحكومة بوضع برامج حقيقية لمواجهة الشح في نقص الدولار في ظل عدم تلبية عطاءات البنك المركزي الدولارية حاجة السوق والمستوردين للدولار، من خلال تنمية القطاعات التي تدخل عملة أجنبية للدولة كالسياحة والاستثمار وتوفير عوامل جذب لتلك القطاعات، إلى جانب تحويلات المصريين في الخارج، والعمل على تحسين الخدمات.