المرجان .. كنز تونس المهرب

المرجان .. كنز تونس المهرب

14 يونيو 2015
أحد الحرفيين في صناعة المرجان بتونس (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -

تواجه صناعة المرجان الأحمر في تونس خطر الاندثار، في ظل نشاط غير مسبوق لشبكات التهريب على مدار السنوات الأربع الماضية، والصعوبات الكبيرة التي يواجهها المصنعون في الحصول على المادة الخام، مما أدى إلى غلق العديد من المتاجر العاملة في هذا المجال.
ويعد المرجان، من بين الأحجار الأكثر قدماً في الاستخدام في صناعة الحلي، ولا يزال يحتفظ بمكانة بارزة في تونس سواء من خلال تصنيعه أو استخدامه، ويتم استخراجه من الشعاب المرجانية في الساحل التونسي والسواحل الجزائرية المحاذية.
وتشير أرقام غير رسمية إلى أن شبكات التهريب التي تتعامل مع مهربين إيطاليين تنجح سنوياً في تهريب نحو 180 طناً من المرجان الأحمر، عبر الحدودية البحرية والجوية، حيث توجه هذه الكميات إلى مدينة "توري دال قريكو" جنوب إيطاليا المختصة في صناعة المرجان الطبيعي، ومن ثَمّ إلى بلدان أخرى على غرار الهند وباكستان والولايات المتحدة.
وفي مقابل هذه الكميات المهربة، سجل الإنتاج التونسي من المرجان الأحمر، خلال العام

الماضي 2014، نحو 7.8 أطنان، مقابل نحو 4 أطنان في العام السابق عليه، وفق إحصائيات للإدارة العامة للصيد البحري بوزارة الرزاعة والموارد المائية والصيد البحرى.
ويبلغ حجم الصادرات من هذا المعدن الطبيعي حسب الأرقام الرسمية 7.6 أطنان، بقيمة تبلغ نحو 17 مليون دينار (8.8 ملايين دولار) فى 2014، تذهب إلى السوق الأوروبية، خصوصاً إيطاليا.
وأكد مصدر مسؤول في الجمارك التونسية، طلب عدم ذكر اسمه في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن مافيا المرجان اختارت تونس قاعدة خلفية ومعقلاً رئيسياً لممارسة نشاطها، حيث عادة ما يتم استغلال صيادي السمك في سواحل مدينة طبرقة في الشمال الغربي لاصطياد المرجان دون ترخيص وبطرق غير قانونية.
وقال المصدر، إنه لا يوجد في مدينة طبرقة مراكب حاصلة بالأساس على تراخيص صيد المرجان، لافتاً إلى أن عدد المراكب المختصة والحاصلة على تراخيص استخراج المرجان في المناطق التونسية كافة لا يتجاوز ستة مراكب.
وتابع إن بعض المراكب المرخّص لها تستغل البحارة وتشتري منهم المرجان بأسعار زهيدة، ليتم تصديرها بأسعار باهضة.
ويشترط القانون التونسي عدم تجاوز صيد المرجان، يومياً، حمولة كيلوغراميْن، وهو ما لا يتم تطبيقه، حيث يتم وبشهادة بحارة طبرقة استخراج قرابة الـ 30 كيلوغراماً يومياً، دون أدنى رقابة، وهي كميات هامة جداً ومن شأنها أن تساهم في اندثار المرجان من الأعماق التونسية، وفق مختصين، خصوصاً أن الدورة الزمنية لنمو هذا الحيوان البحري تمتد بين 20 و30 سنة ليصبح الجذع قابلاً للاستغلال.
ويعاني مصنعو المرجان في تونس وفي مدينة طبرقة تحديداً، من صعوبات كبيرة في الحصول على المادة الخام، وهو ما أدى إلى غلق العديد من المتاجر المختصة في تصنيع ما يطلق عليه "الذهب الأحمر".
وقال رئيس نقابة شركات تجارة المرجان، صلاح الترهوني، لـ"العربي الجديد"، إن المصنعين ينتظرون دعم الدولة وتدخلها العاجل من أجل تذليل الصعوبات وحماية القطاع من التهميش.
وأشار الترهوني، إلى ضرورة حماية هذه الثروة الطبيعية الهامة من شبكات التهريب والاستغلال الخارجي، لافتاً إلى ضرورة الاستثمار وإنشاء مصانع متخصصة في هذا القطاع.
واعتبر أن الدولة التونسية لم تعترف بعد بالدور الاقتصادي، الذي يمكن أن تلعبه صناعة المرجان القادرة على تحقيق عائدات هامة من العملة الصعبة، حيث يصل سعر الكيلوغرام الواحد إلى 6 آلاف دينار (3100 دولار).
ودعا إلى ضرورة إيجاد صيغ سلسة في التعامل مع المحترفين الأجانب. مشيراً إلى أن تسهيل إجراءات تصدير المرجان سيقطع الطريق أمام المهربين وسيمكن الدولة من عائدات جبائية كبيرة.
وعلى الرغم من المجهودات التي تبذلها مصالح الجمارك، يبقى حجم المحجوزات محدوداً، مقارنة بالكميات التي تعبر البحار، حيث لا تتجاوز هذه الكميات وفق تقديرات غير رسمية الـ 1%، إذ أضحى المرجان من بين المواد، التي تستهوي المهرّبين المحليين باتجاه إيطاليا والولايات المتحدة والهند وباكستان وتركيا وفق مصادر تونسية.
ويقع صيد المرجان عن طريق الغوص، الذي يخضع إلى رخصة تسلمها وزارة الزراعة، حيث منحت الوزارة خلال العام الماضي نحو 26 رخصة غوص لصيد المرجان.
وتشكل التضاريس الصخرية لبحر طبرقة بيئة ملائمة لتكاثر هذا الكائن البحري، بيد أن الشعاب

المرجانية في هذه المناطق تواجه عديد المخاطر بما يهدد بزوالها.
وتتصدر هذه المخاطر وفق عاملين في المجال، الصيد العشوائي، واستعمال تقنيات غير قانونية والصيد بالمحراث إلى جانب التلوث الناجم عن مراكب الصيد البحري، مع ارتفاع ثانى أكسيد الكربون في البحر وتنامي ظاهرة التهريب.
ويشار إلى أن الجزائر التي تتوفر بحارها على مخزون هام من المرجان، منعت صيد المرجان منذ عام 2005، إلى نهاية العام الحالي 2015، بهدف المحافظة عليه، بعد أن كلفت مركزاً فرنسياً بإعداد دراسة حول وضعية ونوعية وكمية المرجان في الجزائر قبل اقتراح مخطط لتسيير هذا المورد.
ومدينة طبرقة في أقصى الشمال الغربي التونسي، هي ثاني أشهر مدينة في العالم في إنتاج وتصدير المرجان، وتحاذي طبرقة محافظتي عنابة والقالة الجزائرتين اللتين تبعد سواحلهما عن السواحل التونسية حوالي 10 كيلومترات، وهي المناطق الوحيدة في البحر الأبيض المتوسط التي مازلت بحارها غنية بالمرجان.
وتنتشر أهم المصائد العالمية التي يستخرج منها المرجان عند بعض شواطئ البحر المتوسط في تونس والجزائر والمغرب، كما يوجد بعضها على الساحل الجنوبي لفرنسا وحول جزر البحر الأبيض المتوسط، مثل جزر صقلية.


اقرأ أيضاً: تونس: كنز الفوسفات الغاضب يستأنف الإنتاج

دلالات

المساهمون