صيادو تونس يعانون من الشباك الخاوية

صيادو تونس يعانون من الشباك الخاوية .. وشكاوى من تجريف الأجانب للبحار

17 يونيو 2017
الصيادون يشكون الإهمال الحكومي لتنمية القطاع (Getty)
+ الخط -
يقف البحار وليد بلواعر، منزعجا من حصيلة يومين قضاهما في البحر، فبعد رحلة قاسية يعود إلى ميناء غار الملح في محافظة بنزرت أقصى الشمال التونسي بصيد غير وافر.

يأسف وليد لما آل إليه حال البحر في منطقته، مشيرا في حديث إلى "العربي الجديد" إلى أن رزق البحر يتراجع من سنة إلى أخرى نتيجة أشكال الصيد غير القانونية التي تمارسها السفن الكبيرة في الأعماق.

ويقول وليد إن صغار ومتوسطي الصيادين باتوا عاجزين عن توفير قوتهم بسبب عدم قدرة مراكبهم على التوغل في المياه العميقة في غياب الإمكانيات والتمويلات التي يمكن أن تساعدهم على تجديد وتطوير أساطيلهم.

ويضيف أن كل مركب يعيل ما بين 4 و5 عائلات، لافتا إلى أن الحصيلة التي يخرجون بها من البحر لا تكفي لسداد نفقاتهم لأكثر من يومين على الأقصى، بمعدل ربح مالي لا يتجاوز الـ 200 دولار على أقصى تقدير.

ويشير إلى أنه قبل اكتساح المراكب الكبيرة للمياه التونسية كانت الأسماك تقترب من السواحل وهو ما يسمح للمراكب الصغيرة والمتوسطة بتحصيل كميات جيدة من الأسماك بمختلف أصنافها، ما ينعش الحركة التجارية للميناء، بينما أضحت هذه الحركة في تراجع من سنة إلى أخرى، فيما يضطر عشرات الصيادين إلى البحث عن أنشطة أخرى للكسب.

ويشتكي صغار الصيادين في تونس من منافسة يصفونها بغير الشريفة من قبل مراكب الصيد الكبيرة، التي تجرف محاصيل البحر وقدرتها على التوغل في المياه العميقة، ما يحد من تكاثر السمك على السواحل القريبة.

وتعاني منظومة الصيد البحري في تونس من اختلال كبير في تركيبة الأسطول، إذ تنتشر في أغلب الموانئ مراكب الصيد الصغرى والمتوسطة، وهو ما يحد من إمكانيات تطوير القطاع ومساهمته الاقتصادية في غياب خطوط التمويل الكافية لتطوير الأسطول، وعزوف المصارف على تمويل هذه المشاريع.

ويمثل نشاط الصيد التقليدي باستعمال وسائل صيد غير ضارة نسبة 90% من جملة وحدات الصيد التونسية، كما يحتوي الشريط الساحلي على 41 ميناء صيد (بمعدل ميناء كل 30 كيلومتراً)، في حين يتكون أسطول الصيد البحري من أكثر من 10 آلاف قارب صيد ساحلي، نصفها مجهزة بمحركات منها ألف مركب صيد في الأعماق.

وتتكون اليد العاملة في قطاع الصيد البحري من حوالي 60 ألف ناشط، في حين يقدر الإنتاج بحوالي 105 آلاف طن سنوياً، وفق البيانات الرسمية.

ويجمع العاملون في الصيد البحري بجميع حلقاته، على أن تطوير القطاع وزيادة قدرته التشغيلية، لا يمكن أن يتحقق في غياب الحد الأدنى، مما يحتاجه أهل المهنة من بحارة ومستثمرين ووسطاء وباعة أسماك.

ويشكو القطاع العديد من الصعوبات، التي تعيق تطوير الإنتاج على غرار تقادم البنية الأساسية، وتراجع الخدمات في المرافئ، خاصة أنه مر على أغلب التجهيزات أكثر من ثلاثين سنة.

ويدفع البحث عن الكسب صيادي القوارب الصغرى والمتوسطة إلى التوغل في المياه العميقة، ما يؤدي إلى غرقها وفقدان الطواقم حيث تتكرر مآسي غرق المراكب على مدار السنة بالرغم من المجهودات، التي تبذلها قوات خفر السواحل لحمايتها.

وبحسب جمال الزنايدي، الكاتب العام للجامعة (الجمعية) الوطنية لصيد السمك، فإن وضع الصيادين يسوء من سنة إلى أخرى، قائلا إن "استباحة المياه الإقليمية التونسية من قبل مراكب الصيد الأجنبية وضعف الأسطول المحلي بات يهدد البحارة في أرزاقهم".

وأضاف الزنايدي لـ"العربي الجديد" أن مطالب الصيادين هي ذاتها منذ أكثر من 20 عاماً، غير أن السلطات لا تحرك ساكناً ولا تتعامل مع الصيد البحري على أنه قطاع اقتصادي يحتل المرتبة الثانية في الصادرات الزراعية.

ومنذ أكثر من سنتين رفع الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري جملة من المقترحات إلى وزارة الفلاحة، تتعلق بآليات مواجهة الصعوبات التي تواجه المنتجين بهدف رفع مردودية الإنتاج ودعم مكانته ضمن قائمة المواد الزراعية المصدرة.

وبلغت الصادرات التونسية من منتجات الصيد البحري إلى حدود إبريل/نيسان الماضي نحو 5941.3 طناً، مسجلة بذلك تراجعا بنحو 253 طنا مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي 2016. وتوجه تونس صادراتها من منتجات البحر نحو الاتحاد الأوروبي واليابان والصين.

وتعاني تونس من صعوبات اقتصادية، ويقترب معدل البطالة من 15.5% من إجمالي القادرين على العمل. وكان محافظ البنك المركزى، الشاذلي العياري، قد توقع في جلسة استماع بالبرلمان منتصف مايو/ أيار الماضي، أن يؤثر تدهور الدينار التونسي وضعف الصادرات على الوضع الاقتصادي العام.

المساهمون