هكذا سيعاني الاقتصاد السعودي إذا تواصلت دورة هبوط النفط

هكذا سيعاني الاقتصاد السعودي إذا تواصلت دورة هبوط النفط

14 فبراير 2019
العاصمة السعودية الرياض (Getty)
+ الخط -
رسمت مصارف كبرى وخبراء مستقبلاً قاتماً للنفط في المستقبل القريب. وحذّر خبير في معهد التمويل الدولي، من أن دورة الركود المتوقعة في أسعار النفط سترفع من الدين السعودي بنسبة 50% من الناتج المحلي، وستضرب خطط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لتنويع الاقتصاد وجذب الاستثمارات الأجنبية. 

وقال الاقتصادي في معهد التمويل الدولي، غاربس أرديان، لمجلة "بتروليوم إيكونومست" في عددها الأسبوعي الحالي، لا أعتقد أننا سنرى سعراً لخام برنت فوق 65 دولاراً للبرميل، بشكل مستمر على المدى المتوسط، أي بين عامي 2019 و2025.

ويقول أرديان إن هذا السعر المتدني للنفط سيمثل تحدياً للسعودية التي تحتاج ميزانيتها إلى 90 دولاراً للبرميل. وهذا التقدير أعلى من تقديرات صندوق النقد الدولي التي وضعت للسعر الذي تحتاجه الميزانية السعودية بين 80 و85 دولاراً للبرميل. ولكن معهد التمويل الدولي عُرف بدّقته في حساب الأرقام، أكثر من صندوق النقد الدول، حسب مراقبين.

ويرى أرديان أن انخفاض سعر النفط إلى 50 دولاراً واستمراره لفترة، سيكون خطراً على الرياض، وربما يسبب أزمة مالية للسعودية، حيث إنه سيرفع من الدين العام، وربما بنسبة 50% من الناتج المحلي السعودي. مشيراً إلى أن ذلك سيهدد خطط جذب الاستثمارات الأجنبية للسعودية.

ويقدّر الناتج المحلي السعودي بحوالى 700.1 مليار دولار، حسب البيانات الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء في السعودية، في نهاية شهر يناير/كانون الثاني الماضي.

يذكر أن السعودية، ومنذ اغتيال الكاتب والصحافي جمال خاشقجي، شهدت هروباً لرأس المال المحلي، حيث قدّره مصرف "جي بي مورغان" بحوالى 90 مليار دولار، خلال العام الماضي.

وفي ذات الصدد، خفّض مصرف "غولدمان ساكس" الاستثماري الأميركي توقعاته لسعر خام برنت من 70 دولاراً إلى 62.5 دولارا للبرميل، في المتوسط خلال العام الجاري.

من جانبه، قال مستشار الطاقة للرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش، بوب ماكنللي، "الخفض الذي أجرته أوبك والمنتجون خارجها، يقل كثيراً عن الخفض الذي يحتاجه السوق لسحب الفائض". وقدّر الفائض الحالي في السوق البترولية، حتى بعد الخفض الذي نفّذته "أوبك+" بحوالى مليون برميل يومياً.

وحسب ماكنللي، فإن التخمة النفطية بدأت تتزايد في السوق، مدفوعة بعوامل، من بينها زيادة إنتاج النفط الصخري، وارتفاع إنتاج العراق بحوالى 100 ألف برميل يومياً.

فيما يتوقع مصرف "يو بي أس" السويسري، زيادة إنتاج البرازيل النفطي بنسبة 9%، من مليوني برميل حالياً إلى 2.4 مليون برميل يومياً، خلال الشهور المقبلة، مما سيرفع من استثمار الشركات الأميركية في النفط البرازيلي.

من جانبها، قالت وكالة الطاقة الدولية، أمس الأربعاء، إن السوق العالمية ستعاني هذا العام لاستيعاب إمدادات الخام التي تنمو سريعاً من خارج دول "أوبك"، حتى مع خفض المنظمة الإنتاج، والعقوبات الأميركية على فنزويلا وإيران.

وأبقت الوكالة على توقّعها لنمو الطلب في 2019 من دون تغيير، عما ورد في تقريرها السابق الصادر في يناير/كانون الثاني، عند 1.4 مليون برميل يومياً.

وقالت الوكالة "إن تقديراتها مدعومة بأسعار أقل وبدء تشغيل مشروعات بتروكيماويات في الصين، لكن تباطؤ النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة سيحد من الصعود". ورفعت الوكالة التوقعات لإمدادات النفط الخام من خارج منظمة البلدان المصدرة للبترول إلى 1.8 مليون برميل يوميا في عام 2019، من 1.6 مليون برميل يوميا في التقديرات السابقة.

وقالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية، في توقعات شهرية مساء الثلاثاء، إن من المتوقع ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام 1.45 مليون برميل يومياً هذا العام، ثم 790 ألف برميل يومياً في العام المقبل، ليصل إجمالي الإنتاج إلى 13.2 مليون برميل يومياً.

وزاد إنتاج البلاد النفطي بدعم من التكنولوجيا التي أسهمت في استخراج الخام من التكوينات الصخرية. وبلغ إنتاج النفط في ولاية تكساس، خلال العام الماضي، مستوى قياسياً بلغ 1.54 مليون برميل يومياً، مقارنة مع 1.28 مليون برميل يومياً في عام 2017.

وإضافة إلى تخمة النفط وركود الأسعار، تواجه دول منظمة "أوبك"، وعلى رأسها السعودية، غضب الرئيس دونالد ترامب والكونغرس.

وفي أواخر الأسبوع الماضي، وافقت لجنة الشؤون القضائية في مجلس النواب على مشروع قانون يسمح لوزارة العدل الأميركية بمقاضاة أعضاء "أوبك" على التلاعب بأسعار النفط، فيما يسمى بقانون NOPEC، وهو قانون يلغي الحصانة السيادية للدول ويجعل الدول المنتجة للنفط خاضعة لقوانين مكافحة الاحتكار الأميركية. 

في هذا الصدد، كتب المحلل الروسي سيرغي مانوكوف، في صحيفة "إكسبرت أونلاين" الروسية، أمس الأربعاء، يقول "لا يمكن النظر إلى اعتماد الكونغرس مشروع قانون مكافحة الاحتكار ضد أعضاء أوبك إلا كإعلان حرب".

ومن هذا المنطلق، تتفادى روسيا التعاون مستقبلاً مع السعودية لإنشاء تحالف دائم، أو ما أطلقت عليه بعض الدوائر "أوبك جديدة".

وفي حال إجازة هذا القانون، سيجد أعضاء "أوبك" صعوبة في اتخاذ قرارات مشتركة للحد من إنتاج النفط لتحقيق أسعار معينة، وبالتالي فإن منظمة "أوبك"، التي أنشئت في عام 1960 في بغداد، ثم بعد ذلك أصبحت تحت سيطرة الرياض، حسب مراقبين، تواجه ظروفاً عصيبة خلال السنوات المقبلة، حيث إن سيف العقوبات الأميركي مسلط عليها، في ذات الوقت الذي تنخفض فيه إيراداتها.

دلالات

المساهمون