صفقة الغاز.. مصر تدفع المليارات وإسرائيل تحصد المكاسب

صفقة الغاز.. مصر تدفع المليارات وإسرائيل تحصد المكاسب

19 فبراير 2018
مصر تستورد كمية غاز ضخمة رغم اكتشاف حقل ظهر(Getty)
+ الخط -


في أول صفقة تطبيعية من نوعها، وُقّعت اليوم الإثنين اتفاقات لتصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر بقيمة 15 مليار دولار، ويبدو أن الجانبين لن يكتفيا بهذه الصفقة الضخمة، بل هناك تعزيز للتعاون في هذا المجال وصفقات أخرى مرتقبة خلال الفترة المقبلة. 

إسرائيل حصدت مكاسب ضخمة ستنعش خزينتها.. ومصر ستدفع مليارات الدولارات ما يفاقم أزمتها المالية رغم اكتشافها "ظهر" أكبر حقل غاز في المنطقة على سواحل مصر.

وواكب الإعلان عن توقيع الصفقة صدور حكم جديد من أحد مراكز التحكيم التجاري، بتغريم القاهرة 1.03 مليار دولار بسبب فسخها عقود تصدير الغاز المصري لإسرائيل.

وأكدت شركة ديليك للحفر أن الشركاء في حقلي الغاز الطبيعي الإسرائيليين تمار ولوثيان وقعا اتفاقات مدتها عشر سنوات لتصدير ما قيمته 15 مليار دولار من الغاز الطبيعي إلى شركة دولفينوس المصرية.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة ديليك للحفر، يوسي أبو، إن "مصر تتحول إلى مركز غاز حقيقي، هذه الصفقة هي الأولى بين صفقات أخرى محتملة في المستقبل".

خيارات النقل

ومن أجل الإسراع بتنفيذ الصفقة، تجري حالياً دراسة عدة خيارات لنقل الغاز إلى مصر، حسب مسؤولين إسرائيليين، من بينها استخدام خط أنابيب غاز شرق المتوسط والذي كان يتم من خلاله نقل الغاز المصري لإسرائيل قبل قيام ثورة 25 يناير 2011.




وقالت شركة ديليك، في بيان، وفقاً لوكالة "رويترز"، إنها وشريكتها نوبل إنرجي التي مقرها تكساس تنويان البدء في مفاوضات مع شركة غاز شرق المتوسط لاستخدام خط الأنابيب.

ومن بين الخيارات الأخرى قيد الدراسة لتصدير كمية الغاز البالغة 64 مليار متر مكعب، استخدام خط الأنابيب الأردني الإسرائيلي الجاري بناؤه في إطار اتفاق لتزويد شركة الكهرباء الوطنية الأردنية بالغاز من حقل لوثيان.

وعلق وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز على الصفقة قائلاً إن اتفاقات تصدير الغاز الطبيعي البالغة قيمتها 15 مليار دولار الموقعة مع مصر ستقوي العلاقات بين الطرفين.

وقال شتاينتز، في بيان: "هذه هي المرة الأولى منذ توقيع معاهدات السلام في الشرق الأوسط التي تعقد فيها مثل هذه الاتفاقات الكبيرة بين البلدين". وتوقع "أن تقوي الصفقة العلاقات الثنائية".

وتؤكد إسرائيل أن اقتصادها سيستفيد بمليارات الدولارات من صفقة الغاز مع القاهرة، إذ أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن ثقته بأنها ستعود بمليارات الدولارات على الميزانية الإسرائيلية وواصفاً الصفقة بيوم عيد.

ونقل موقع "يديعوت أحرونوت" الإلكتروني عن نتنياهو قوله: "أرحب بالاتفاق التاريخي اليوم لتصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر، الذي سيدرّ المليارات على خزينة الدولة لإنفاقها على التعليم والصحة، ويحقق الربح لمواطني إسرائيل".

وأضاف: "الكثيرون لم يؤمنوا بمسار الغاز، ونحن انتهجنا هذا المسار من منطلق أننا كنا نعلم بأن هذا سيعزز أمننا واقتصادنا وعلاقاتنا الإقليمية ويقوي مواطني إسرائيل قبل كل شيء"، واصفا الحدث بأنه يوم عيد لإسرائيل.

لغز أكبر حقل مصري

في مقابل استفادة إسرائيل ماليا من صفقة الغاز التاريخية، يثور تساؤل مهم في أوساط المحللين بمصر وهو: لماذا تلجأ مصر لاستيراد الغاز بكل هذه الكميات وتدفع كل هذه المبالغ التي سترهق ميزانيتها على رغم اكتشافها أكبر حقل غاز في المنطقة كان من المفترض ان يحقق الاكتفاء الذاتي خلال نحو 3 سنوات، بحسب مسؤولين مصريين.

وكانت شركة "إيني" الإيطالية أعلنت اكتشاف حقل "ظُهر" في البحر المتوسط عام 2015 وتقدر احتياطياته بثلاثين تريليون قدم مكعبة من الغاز.

وقال وزير البترول المصري طارق الملا، في تصريحات صحافية، أخيراً، إن بدء التشغيل التجريبي لحقل الغاز العملاق "ظُهر"، يرفع إنتاج مصر من الغاز الطبيعي إلى 5.5 مليارات قدم مكعبة يومياً.

وتأتي تصريحات الملا بعد الإعلان عن بدء التشغيل التجريبي لحقل ظُهر في منتصف شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

وأضاف الملا: "بدأنا الإنتاج بطاقة 200 مليون قدم مكعبة يومياً، على أن ترتفع في وقت لاحق إلى 350 مليون قدم مكعبة يومياً".

وتستهدف مصر رفع إنتاج ظهر بحلول يونيو/ حزيران المقبل لأكثر من مليار قدم مكعبة. كذلك تسعى إلى تسريع الإنتاج من حقولها المكتشفة حديثاً وتستهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي، إذ قال وزير البترول المصري في يوليو/ تموز الماضي، إن مشروعات الغاز الطبيعي الجديدة في مصر ستزيد الإنتاج بنسبة 50% في 2018 و100% في 2020.

وبحسب تصريحات سابقة لمسؤول حكومي لـ"العربي الجديد"، فإن الوفورات الناتجة عن إنتاج مصر للغاز الطبيعي ودخول مرحلة الاكتفاء الذاتي ستوفر نحو 40 مليار جنيه (2.2 مليار دولار) في الموازنة المقبلة، بخلاف وقف استنزاف احتياطي النقد الأجنبي لمواجهة الاحتياجات الاستيرادية. لكن يبدو أن كل هذه الآمال تبخرت مع توقيع الصفقة الجديدة لاستيراد الغاز الإسرائيلي بقيمة 15 مليار دولار.

واعتبر المؤسس لشركة دولفينوس، خالد أبو بكر، بالشراكة مع رجل الأعمال المصري علاء عرفة، في تصريحاته للقناة الثانية الإسرائيلية، أن الجمع بين حقول الغاز الإسرائيلية والمصرية "لحظة تاريخية لخلق استقرار وسلام في العلاقات الاقتصادية".

وتروّج الدولتان للصفقة بمنطق من المصلحة المتبادلة، حيث إن مصر تعد محطة مهمة لتصدير الغاز، نظرا لصعوبة مد خط الأنابيب المكلف من إسرائيل إلى دولة مستوردة أخرى مثل تركيا، إضافة إلى امتلاك مصر لمحطات الإسالة.

غرامات إضافية

وواكب الإعلان عن توقيع اتفاقات تصدير الغاز الإسرائيلي لمصر إصدار حكم جديد، اليوم الإثنين، بتغريم القاهرة مجدّداً بسبب فسخها عقود تصدير الغاز المصري لإسرائيل.

وفي هذا السياق، قال مصدر بوزارة البترول المصرية، رفض ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن القرار الصادر من مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، بشأن حصول شركة شرق المتوسط للغاز، وهي الشركة التي تدير خط الأنابيب الذي كان يوصل الغاز إلى إسرائيل، على 1.03 مليار دولار، إضافة إلى الفوائد كتعويض، هو مجرد وسيلة أخرى من وسائل الضغط من أجل دفع مصر إلى السماح باستيراد الغاز من إسرائيل.

وقالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، اليوم، إن مركز تحكيم دوليا قضى بتغريم مصر 1.03 مليار دولار لصالح شركة غاز شرق المتوسط، لقيامها بإلغاء عقد توريد الغاز مع الشركة، التي تدير الأنبوب الذي كان يوصل الغاز لإسرائيل، بعد نزاع طويل دام 6 سنوات، منذ أن قطعت شركات الغاز المصرية إمداداتها من الغاز إلى إسرائيل عام 2012.

وتعليقاً على الحكم، قال الخبير الاقتصادي المصري المقيم في أميركا محمود وهبة، في تصريحات، أمس، إنه يحق لإسرائيل الاستيلاء على أي أصول مصرية في الخارج، كما يمكنها فرض الحيازة على هذه الأموال في أي مكان من العالم.

وأضاف وهبة أن مصر تخسر بحكم التحكيم الجديد الصادر لإسرائيل مبلغ 1.03 مليار دولار للتوقف عن بيع الغاز لإسرائيل، بالإضافة إلى 324 مليون دولار غرامة سابقة حكمت بها غرفة التجارة بباريس، أي بمجموع خسائر 1.3 مليار دولار.

وكشف وهبة عن أن مصر تواجه، حسب الدوريات المتخصصة، 22 قضية تحكيم دولية بقيمة تعويض إجمالية تتعدى 20 مليار دولار، من هذه القضايا 9 قضايا في المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، التابع للبنك الدولي والمعروف اختصارا باسم ICSID.

المساهمون