فشل "فريكست" يجنّب أسواق العالم تقلبات كبرى

فشل "فريكست" يجنّب أسواق العالم تقلبات كبرى

09 مايو 2017
المستثمرون متفائلون بنتائج الانتخابات الفرنسية (Getty)
+ الخط -
التقط الاتحاد الأوروبي أنفاسه عقب فوز الشاب المدافع عن التكتل الأوروبي إيمانويل ماكرون (39 عاما)، برئاسة فرنسا، إذ تجنّبت الأسواق ضربة جديدة بعد خسارة مارين لوبان المعادية للتكامل الأوروبي والمؤيدة لانفصال فرنسا على خطى بريطانيا.
وما زاد من حالة التفاؤل بين الأوساط الاقتصادية الأوروبية، توافق توجهات الرئيس الفرنسي الجديد اقتصادياً في مجالات الطاقة والضرائب والبطالة وغيرها، مع سياسات الاتحاد الأوروبي.
وسادت حالة من الارتياح في أسواق المال، لكن المكاسب بقيت محدودة لأن النتيجة كانت متوقعة، حسب محللي اقتصاد. وفي الوقت الذي تراجعت فيه الأسهم الأوروبية، أمس، ارتفعت الأسهم اليابانية لمستويات قياسية، أما اليورو فاتجه نحو جني الأرباح، لينزل عن المستويات المرتفعة التي سجلها بفعل فوز ماكرون في الجولة الأولى.
وفي هذا السياق، أوضح كبير الاقتصاديين في مجموعة "سيز إست مانيجمنت"، إدريان بيشو، أن "نتيجة الانتخابات تبعد خطر ضربة جديدة للاتحاد الأوروبي بعد بريكست" البريطانية، مشيراً إلى أن "ضربة كهذه كان يمكن أن تكون قاضية للدور المركزي لفرنسا في عملية البناء الأوروبي"، حسب ما نقلت عنه وكالة فرانس برس.
وسجلت الأسهم اليابانية مستويات لم تشهدها منذ 17 شهراً، أمس، وسط تعاملات قوية مع استمرار ضعف الين أعقبت انتخابات فرنسا، وساهمت نظرة جيدة لقطاع الأعمال في أوروبا في تعزيز ثقة المستثمرين.
وصعد المؤشر نيكي 2.3% إلى 19895.70 نقطة، ليغلق عند أعلى مستوى منذ ديسمبر/ كانون الأول 2015، كما سجل أعلى نسبة صعود يومية منذ منتصف فبراير/ شباط. وزاد المؤشر توبكس الأوسع نطاقا 2.3% إلى 1585.86 نقطة مع تداول 2.408 مليار سهم، وهو أعلى مستوى منذ منتصف ديسمبر/ كانون الأول.
وفي المقابل، فتحت بورصة باريس، أمس، على تراجع نسبته 0.51%. وكانت أغلقت يوم الجمعة الماضي على ارتفاع بلغت نسبته 1.12% عند 5432.40 نقطة يوم الجمعة الماضي، من المستوى الذي كانت عليه في التاسع من كانون الثاني/ يناير 2008.
أما تداولات بورصتي لندن وفرانكفورت، أمس، فقد جرت دون تغيير كبير حيث اتجه المستثمرون نحو جني الأرباح في ظل حالة من التفاؤل بين المستثمرين. وساد توجه مماثل في الأسواق الأخرى في المنطقة، من سيدني إلى هونغ كونغ، دون المبالغة في الحماس.
وقال المحلل في مجموعة "دايوا سيكيوريتيز"، يوكيو إيشيزوكي، إن نتيجة الانتخابات الفرنسية "أخذت في الاعتبار من قبل الأسواق" التي كانت متفائلة جداً منذ الدورة الأولى بفوز ماكرون، مرشح حزب "إلى الأمام"، والذي يلقى تأييد المستثمرين بسبب مواقفه حول أوروبا وتوجهاته الاقتصادية.

ورأى المحلل في مصرف "كريدي إغريكول"، وهو واحد من أكبر البنوك الفرنسية، مانويل أوليفيري، في تصريحات لوكالة بلومبرغ الأميركية "علينا ألا نتوقع احتفالات كبرى، إذ إن احتمال فوز ماكرون كان أكثر من 90%".

وفاز ماكرون في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية بفارق كبير بنسبة 66.06% من الأصوات، حسب نتائج رسمية نهائية.
وحسب مراقبين، فإن هذه النتيجة تبدد المخاوف من احتمال (خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي)، أو ما يطلق عليه البعض اسم "فريكست". ولخص رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، الوضع بالقول إنه "انتصار رمزي على الحركات الحمائية والانطواء على الذات".
وكانت لوبان وجهت انتقادات حادة للاتحاد الأوروبي ودعت إلى تحويل "العملة الواحدة" إلى "عملة مشتركة" مخصصة للصفقات الدولية، وإعادة طرح عملة وطنية هي الفرنك الفرنسي للمبادلات اليومية.
وأكد الاقتصادي في المصرف الاسترالي "إيه إن زد"، فيل بوركين، أن الأسواق "تشعر بارتياح جماعي الآن"، لكن رد الفعل الإيجابي هذا سيكون قصير الأمد.
وأضاف أن "السؤال الكبير هو إلى أي حد سيحصل ماكرون على أغلبية في الانتخابات التشريعية الشهر المقبل؟".
ويبدو أن الرئيس الشاب يدرك الشكوك المتزايدة لدى الرأي العام إزاء الانفتاح الاقتصادي التي ظهرت عبر مفاوضات اتفاق التبادل الحر بين كندا والاتحاد الأوروبي. وهكذا اقترح أن يرفق بكل الاتفاقات التجارية للاتحاد الأوروبي "شق للتعاون الضريبي وكذلك بنود اجتماعية وبيئية ملزمة". كما وعد بالمطالبة بوضع أساس للحقوق الاجتماعية الأوروبية يحدّد "معايير بالحد الأدنى في مجال حقوق التدريب والتغطية الصحية ونفقات البطالة أو الحد الأدنى للأجور".
ومع رفضه الحمائية، دافع ماكرون عن "أوروبا تحمي العولمة"، داعيا على سبيل المثال إلى تعزيز آليات مكافحة إغراق الأسواق، وخصوصا ضد الفولاذ الصيني.
ويشيع ماكرون أجواء اطمئنان بين الفرنسيين والأوربيين في ما يخص برنامج الإصلاحات الضريبية وسوق العمل.
ويتوافق برنامج الرئيس الفرنسي الجديد في مجال الطاقة مع السياسة الأوروبية، حسب محللي اقتصاد. أما اقتراحه الذي يعتبر "الأكثر ثورية"، حسب وصف محللين، فهو إنشاء موازنة لمنطقة اليورو مع تعيين وزير اقتصاد ومالية لهذه المنطقة تحت إشراف برلمان لمنطقة اليورو.
وترى خبيرة سياسية في جامعة بروكسل الحرة أن "وجود حكومة اقتصادية فعلية هو أمر تطالب به فرنسا منذ فترة طويلة". لكنها أضافت أن "قدرته على فرض ذلك بشكل فعلي تبقى غير أكيدة".
(العربي الجديد)

المساهمون