النفط ينتظر الحرب البرية على الحوثيين

النفط ينتظر الحرب البرية على الحوثيين

01 ابريل 2015
أسعار النفط لم تستفد من "عاصفة الحزم" (الأناضول)
+ الخط -
أخفقت أسواق النفط في استثمار تدخل السعودية وحلفائها في إطار "عاصفة الحزم" في اليمن لمعاودة الارتفاع، في وقت يستبعد فيه محللون أن تنتعش أسعار الذهب الأسود قبل أن يبدأ التحالف حرباً برية ضد الحوثيين، أو إذا أقدمت إيران، العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط على الدخول في هذه الحرب، وخصوصاً بعد أن جددت السعودية التأكيد، أمس، على أن "عاصفة الحزم" ستستمر إلى أن يتحقق الاستقرار في اليمن.
فبعدما قفزت أسعار خام برنت بنسبة 5% في أول أيام الغارات الجوية على اليمن لتصل إلى 60 دولاراً للبرميل بموازاة صعود النفط الأميركي إلى 52 دولاراً للبرميل، عاودت الأسعار الانخفاض بعد زوال المخاوف بشأن إمداد الأسواق العالمية بالخام استناداً إلى عدة عوامل.
وحسب متابعين لأسواق النفط "من أبرز العوامل التي أثرت سلبا على الأسعار عدم تدخل إيران في اليمن لدعم حلفائها الحوثيين في وقت تجتاز فيه مفاوضاتها مع القوى الغربية بشأن ملفها النووي مرحلة غاية في الحساسية، يضاف إلى ذلك غياب رد فعل قوي من الحوثيين على "عاصفة الحزم" تزيد من وطأة المواجهات وتهدد إمدادات الطاقة وخصوصاً الشحنات التي تصل إلى الغرب عبر باب المندب وقناة السويس.
وتأثرت أسعار النفط أيضا بإعلان باكستان، وهي قوة نووية، عن انضمامها إلى "عاصفة الحزم"، ما يعني دعماً قوياً للتحالف الذي أحكم قبضته على المجال الجوي اليمني بعد ربع ساعة فقط من انطلاق عملياته.
وقال الخبير النفطي، عبد القادر عبد الحميد، إن "أسعار النفط ترتبط بطبيعة الحرب وتطوراتها، فإن تبدلت من القصف الجوي إلى حرب برية، فهذا يعني أن فترة الحسم ستطول، وبالتالي إلغاء صادرات نفط اليمن أولاً، ومن ثم تقليل، إن لم نقل تعطيل صادرات معظم دول الخليج العربي، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، التي تنتج نحو 10 ملايين برميل وتصدر نحو سبعة ملايين ونصف المليون برميل يومياً".

وفي المقابل، نبه عبد الحميد إلى أن أي اضطراب في إمدادات النفط العربي، وخصوصاً الخليجي، سيفتح المجال أمام النفط الصخري الأميركي لدعم حصته في السوق في وقت يواجه فيه "حرب حصص" مع "أوبك" منذ أزيد من نصف عام.
وأعرب، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، عن مخاوفه من أن "يجد النفط الصخري فرصته لسد قلة المعروض العالمي المقدر بنحو 93 مليون برميل يومياً، بعد أن تكبدت شركات النفط الأميركي خلال الأشهر الأخيرة خسائر فادحة تجسدت في توقف أكثر من 700 منصة عن الإنتاج، مستبعداً في الوقت نفسه عودة أسعار النفط للارتفاع فوق عتبة 100 دولار للبرميل.
واستبعد عبد القادر عبد الحميد أيضاً أن تستفيد إيران من أي ارتفاع في الأسعار قد ينجم عن تدخل تحالف "عاصفة الحزم" براً في اليمن. وأرجع ذلك إلى استمرار العقوبات الغربية المفروضة عليها على خلفية برنامجها النووي في انتظار نتائج محادثات لوزان. كما أن طهران تتحمل في الوقت الحالي تكاليف مالية كبيرة لتدخلها أو دعمها لحلفائها في كل من سورية والعراق واليمن.
غير أن روسيا تتطلع، وفق المهندس النفطي نفسه، إلى أن تسهم "عاصفة الحزم" في رفع أسعار النفط مجدداً لدعم الاقتصاد الروسي الذي تكبد خسائر كبيرة بسبب العقوبات الغربية المفروضة على موسكو على خلفية الأزمة الأوكرانية وتهاوي العملة المحلية أمام الروبل.
يذكر أن النفط يعتبر إلى جانب الغاز من أهم مصادر تمويل الموازنة الروسية، التي أعدت خلال العام الجاري على أساس سعر نفط في حدود 93 دولاراً للبرميل، وهو ما يفوق بكثير الأسعار الحالية التي تظل قرب 55 دولاراً.
ورجح خبراء نفط أن تستفيد أسعار النفط أيضاً من أي استهداف للمنشآت النفطية في دول التحالف سواء من الحوثيين أو إيران، مشيرين في الوقت نفسه إلى أن حظوظ تحقق هذا الاحتمال ضعيفة جدا في ظل سيطرة التحالف على الأجواء اليمنية والحراسة المشددة المفروضة على المنشآت النفطية في دول "عاصفة الحزم".
وفي هذا الإطار، كانت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية "كونا" قد نقلت عن الرئيس التنفيذي بالإنابة لمؤسسة البترول الكويتية، محمد الفرهود، قوله إن المؤسسة اتخذت "عدة إجراءات وخطوات احترازية بالتنسيق مع شركاتها التابعة لحماية المصالح الاستراتيجية للقطاع النفطي وتأمين المنتجات النفطية للداخل والخارج".

وتأتي هذه الإجراءات لصد أي هجمات محتملة من الحوثيين وحليفهم إيران، التي توعدت بعيد انطلاق "عاصفة الحزم" بإلحاق الضرر بالسعودية.
فقد أدانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية، مرضية أفخم، غارات التحالف بقولها إن بلادها "تعتبر أن خطوة من هذا النوع خطيرة، وغير محسوبة، وتخالف القوانين والأعراف الدولية، وطالبت باحترام سيادة واستقلال الدول". وأضافت أفخم أن "الضربات الجوية ستعقّد الأوضاع الفعلية في المنطقة، وستدعم تقدم الإرهاب، كما ستزيد من تعقيدات المشهد في الداخل اليمني"، على حد قولها.
وكان البنك الدولي قد توقع، في 30 يناير/كانون الثاني الماضي، أن تخسر دول الخليج 215 مليار دولار من عائداتها النفطية، وهو ما يعادل 14% من الناتج الإجمالي الخليجي، وذلك في حال استمر تهاوي أسعار النفط في الأسواق العالمية لفترة طويلة، لأن الإيرادات النفطية شكلت أكثر من نصف إجمالي الناتج المحلي لدول الخليج و75% من إجمالي عائدات صادراتها في عام 2013.
وأشارت المؤسسة المالية الدولية إلى أنه إذا بلغ متوسط سعر برميل النفط 65 دولارا، فإن السعودية ستحقق عجزا بالموازنة 1.9% من الناتج المحلي والبحرين 5.3% وسلطنة عمان 11.6% والإمارات 3.7%.
وجاءت تقديرات البنك الدولي بعد أسبوع واحد فقط من تقدير صندوق النقد الدولي خسائر الخليج جراء تهاوي أسعار النفط بنحو 300 مليار دولار كما جاء على لسان مديرة الصندوق كريستين لاجارد.
وقال أسامة القاضي، رئيس مجموعة عمل اقتصاد سورية، "إن أية عمليات تضر باستقرار منطقة حساسة مثل الخليج ستنعكس فوراً على ارتفاع أسعار النفط تحسباً لتعثر عمليات شحن النفط الهائلة، خصوصاً أن مضيق باب المندب يشرف على ممر مائي رئيسي للشحن بين اليمن وجيبوتي بطول 40 كلم ويمر به ما لا يقل عن 3.8 ملايين برميل يومياً".
وأضاف القاضي لـ"العربي الجديد"، أنه إذا استمر تصعيد "عاصفة الحزم"، فإن سعر النفط سيزيد عن 70 دولاراً للبرميل.
ورأى أن الحوثيين لن يستسلموا بسهولة لتدخل بري، متوقعا أن ترتفع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة، وتحديداً 140 دولاراً للبرميل، في حالة استمرار الأزمة اليمنية إلى نهاية الشهر الجاري.

اقرأ أيضا:
"عاصفة الحزم" تُفاقم الأزمات المعيشية في اليمن
اليمن يتكبد خسائر فادحة في عهد الحوثيين

المساهمون