المزارعون التونسيون يسكبون الحليب بالشوارع غضباً من الحكومة

المزارعون التونسيون يسكبون الحليب بالشوارع غضباً من الحكومة

04 يناير 2016
منتجو الألبان يواجهون مشاكل في استيعاب الإنتاج (فرانس برس)
+ الخط -


يضطر المزارعون ومربو الأبقار في تونس إلى سكب آلاف اللترات من الحليب يوميا في الشوراع ومجاري الأودية، بعد أن عجزوا عن إقناع مركزيات التجميع التي تشتري منهم المنتجات بقبول كميات إضافية.

وتشهد المنظمات الفلاحية (الزراعية) هذه الأيام حالة من الاحتقان، بسبب الخسائر الكبيرة التي يتكبدها المربون، معتبرين أن الدولة تخلت عنهم وهو ما يجعلهم مهددين بالإفلاس.

وتشهد هذه الفترة من السنة ارتفاعا في معدل إنتاج الألبان، ما يؤدي غالبا إلى رفض المصنّعين للكميات التي تفوق احتياجاتهم، كما ترفض الدولة رفع المخزون، الذي تكوّنه سنويا لمجابهة احتياجات السوق عند تراجع الإنتاج صيفا.

ومن مفارقات منظومة إنتاج الألبان في تونس أن المربين يسكبون الحليب شتاءً، وتضطر الحكومة إلى استيراده بالعملة الصعبة صيفا.

ويطالب فاعلون في منظومة الألبان بالتعجيل في إيجاد حل يجنبهم سكب عشرات آلاف اللترات يوميا، عبر استيعاب فائض الإنتاج من خلال وضع برنامج تصديري عاجل بنحو 15 مليون لتر سنويا على الأقل على مدى خمس سنوات، حتى تتمكن المؤسسات المصدّرة من ضبط برامج وإبرام عقود في الغرض والعمل بهذه الآلية بصفة متواصلة زيادة على تشغيل وحدة تجفيف الحليب المعطلة منذ سنوات، والتي يقولون إنها تعد أكبر وحدة تجفيف ألبان في أفريقيا.

وقال رئيس غرفة مجمعي الحليب، سعدالله الخلفاوي، إن المخزون المتوفر في مراكز التجميع يصل إلى 152 مليون لتر سنويا، مشيرا إلى أن الإنتاج اليومي ارتفع إلى 1.8 مليون لتر، منها 100 ألف لتر تتلف يوميا.

وأشار الخلفاوي، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إلى أن ارتفاع المخزون جعل المصانع تحدد سقفا للكميات التي يتم قبولها، مؤكدا أن مشاكل التصدير للسوق الليبية في الفترة الأخيرة كبّدت المصانع والمنتجين المحليين في تونس خسائر كبيرة.

وطالبت مركزيات الحليب باسئناف التصدير نحو السوق الليبية خلال شهر فبراير/ شباط المقبل، غير أن وزارة التجارة رفضت الطلب بسبب خوفها من عدم توفير احتياجات السوق التونسية خلال شهر رمضان الذي يتوافق مع حلول فصل الصيف في يونيو/ حزيران المقبل.

وقال الخلفاوي: "بسبب عدم القدرة على التصدير للسوق الليبية، وجد مربو الأبقار أنفسهم مجبرين على سكب الحليب في الشوارع".

وعبّر عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الفلاحين المكلف بالإنتاج الفلاحي، عمر الباهي، عن خشيته من "كارثة" في قطاع الألبان هذا العام، مشيرا إلى أن إنتاج الحليب في هذه الفترة سيكون قياسيا، وهو ما سيجعل الكميات المهدورة في صورة عدم إيجاد الحلول المناسبة لتجميع الفائض يتجاوز المعدلات الحالية.

اقرأ أيضاً: مصنّعو الألبان بتونس يدفعون الحكومة لرفع يدها عن القطاع

وقال الباهي، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن "سعر الحليب حاليا ليست له مردودية كبرى، فما بالك إذا تم سكب 200 ألف لتر يوميا في الأودية"، داعيا وزارة التجارة "إلى رفع يدها عن الإنتاج الفلاحي عموما وفتح باب التصدير كليا للحليب وتحميل المهنيين مسؤولياتهم كاملة في توفير متطلبات السوق المحلية على مدار العام".

وأضاف أن "من غير المعقول أن تواصل الدوائر المسؤولة غض النظر عن وضع أطر للقطاع، وإيجاد الحلول الجذرية لتجاوز مثل هذه الإشكاليات التي تتكرر كل عام، وتتسبب في خسائر مادية كبرى للمنتجين والاقتصاد عموما، في حين أن تونس لها كل الإمكانيات لتكون سوقا تصديرية للألبان إلى كامل محيطها الجغرافي".

ولا يعد مشهد سكب الحليب في الأودية جديدا على التونسيين، حيث تعوّد المنتجون على التعبير عن غضبهم من الحكومة بهذه الطريقة.

وتعاني منظومة الألبان، كما العديد من المنظومات الزراعية الأخرى، من إشكاليات هيكلية تتمثل، وفق خبراء، في عدم وجود خطط لتطوير الإنتاج، بالإضافة إلى مواصلة الدولة للتحكم في التصدير، عبر فرض التراخيص المسبقة للتعامل مع الأسواق الأجنبية.

وكانت وزارة التجارة التونسية قد سمحت في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لمصنّعي الحليب بتصدير منتجاتهم من الحليب ومشتقاته من دون ترخيص مسبق، لكنها عادت وتراجعت عن هذا القرار، الذي كان يعد خطوة أولى نحو تحرير القطاع كلياً، وفقاً لما يطالب به المصنّعون منذ سنوات.

وتقر الدوائر الرسمية بأن منظومة التخزين التي تعتمدها الدولة لامتصاص فائض الإنتاج، لم تعد قادرة اليوم على استيعاب كل الكميات، غير أنها تتمسك بالحفاظ على سلطتها في فتح باب التصدير من عدمه، فيما يصر المنتجون على أن أزمتهم لن تُحل إلا بالتوجه نحو الأسواق الخارجية.

وسبق لقطاع الألبان أن سجل أرقاما قياسية في هذ المجال بتصدير 12 مليون لتر عام 2000، ولم يُؤد التصدير في تلك الفترة إلى ارتباك السوق المحلية طوال العام، وفق ناشطين في القطاع الفلاحي.

 

 
اقرأ أيضاً:
الإصلاحات الاقتصادية في تونس لا تبدو في طريق معبدة
رفع أسعار السلع يُربك الحكومة التونسية

دلالات

المساهمون