ناقل الفقراء..ملاذ الركاب في عشوائيات مصر

ناقل الفقراء..ملاذ الركاب في عشوائيات مصر

27 يونيو 2015
شاحنات صغيرة تنقل سكان المناطق العشوائية في مصر(فرانس برس)
+ الخط -
ما إن تخرج من قلب العاصمة المصرية القاهرة وضواحيها الأكثر تمدنا، قاصدا أيا من المناطق العشوائية المترامية، تكاد تغيب مظاهر النقل الآدمية، وربما تختفي عن الأنظار سيارات الأجرة والباصات (الحافلات الصغيرة)، لتصبح سيارات النقل الصغيرة (الشاحنات) هي الملاذ الوحيد للتنقل في هذه المناطق.
في حي الخصوص التابع لمحافظة القليوبية المتاخمة للعاصمة المصرية، تنتشر الشاحنات الصغيرة العاملة في نقل الركاب، مثل الكثير من الأحياء التي تصنف ضمن ما يسمى بالمناطق العشوائية، "ما عليك إلا أن تتنازل طوعاً عن آدميتك وعوامل السلامة، لكي تصل إلى مبتغاك"، هكذا يقول خالد أشرف، الذي يقطن في الخصوص ويتوجه يوميا إلى منطقة المرج شمال القاهرة لاستقلال المترو متوجها إلى عمله بوسط العاصمة.
وتضم السيارات نصف النقل مقعدين خشبيين بجانبيها وتحمل أكثر من 10 ركاب، فضلا عن إمكانية تعلق بعضهم من الخلف.
ويقول خالد "ليس هناك من سبيل آخر لكي نصل إلى أعمالنا وقضاء أغراضنا سوى استقلال سيارات نصف النقل، فهي الوحيدة التي تقبل الذهاب إلى المناطق العشوائية والسير في الطرق غير الممهدة".
وخفضت الحكومة المصرية مخصصات قطاع النقل خلال العام المالي الجاري، الذي ينقضي بنهاية يونيو/حزيران، إلى 11.01 مليار جنيه (1.4 مليار دولار)، مقابل 15.04 مليار جنيه (1.97 مليار دولار)، خلال العام المالي الماضي 2013 /2014 بانخفاض 4.03 مليارات جنيه (528.1 مليون دولار)، منها 5.8 مليارات جنيه للنقل البري، مقابل 7.9 مليارات جنيه العام المالي الماضي.
وتقول وزارة المالية، إن الاستثمارات التي أنفقتها الحكومة على قطاع النقل البري خلال العام المالي الحالي بلغت نحو 2.7 مليار جنيه (353.8 مليون دولار)، تتركز أغلبها في المناطق الحضرية، خاصة بالقاهرة والإسكندرية (شمال مصر).
ورغم المخاطر من استقلال سيارات النقل التي غالبا ما تستخدم في نقل البضائع والماشية كما يقول خالد، بسبب ارتفاع معدلات الحوادث على الطرق بالمناطق النائية، فإنه لا يرى بديلاً في أغلب الأوقات.
وتعد مصر من أكثر الدول في معدلات حوادث المرور سنوياً، بما يؤدى إلى وفاة وإصابة أكثر من 13 ألف فرد، وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الحكومي.
حمادة شوقي، الذي يعمل سائق سيارة نقل في منطقة الخصوص، يقول لـ "العربي الجديد"، إن "سيارات السيرفيس (الحافلات الصغيرة) لا يمكنها العمل في المنطقة، حيث الشوارع ضيقة وغير ممهدة".


اقرأ أيضا: رجال أعمال مصريون: خطة الـ1000مصنع وهمية

وبحسب شوقي، تستخدم هذه السيارة في نقل الركاب والبضائع في آن واحد، مشيرا إلى أنه في حال وجود طلبية من أحد التجار برغبته في نقل بضاعته إلى أحد المناطق القريبة من الخصوص، فإنه يفضل ذلك حيث يكون العائد أكبر.
ويضيف " السيارة التي أعمل عليها ليست ملكي، وأتقاضى يومياً 70 جنيهاً (9.2 دولارات) في المتوسط .. كنت من قبل أعمل سائقاً خاصاً بإحدى الشركات قبل أن يتم تسريحي منذ عامين، فالوضع الاقتصادي دفع العديد من الشركات إلى الاستغناء عن العمالة".
ووفق البيانات الحكومية، تبلغ معدلات البطالة نحو 13.1% من إجمالي 27 مليون فرد قادر على العمل، بينما تقدر جهات غير رسمية هذه النسبة بأكثر من 20%.
ويشير شوقي، إلى أن أجرة الفرد في استقلال السيارة النقل تبلغ 0.75 جنيه (0.98 دولار)، مقابل 10 جنيهات على الأقل في حال استقلاله توكتوك (مركبة بثلاث عجلات) لنفس المسافة.
وبحسب شوقي، فإن أغلب الركاب عمال في ورش أو متاجر بوسط القاهرة وموظفون صغار من أصحاب الدخول البسيطة، مما يجبرهم على استقلال تلك السيارات نصف النقل.
ويجبر غلاء الأسعار شوقي على العمل طوال أيام الأسبوع لتوفير 2200 جنيه شهرياً (288.5 دولار)، قائلا " أدفع 800 جنيه ايجاراً شهريا للشقة التي أسكن فيها، ومصاريف كهرباء وغاز ومياه في حدود 200 جنيه شهرياً، وأعيش وأسرتي المكونة من زوجتي وابنتي ذات الأحد عشر عاماً بالمبلغ المتبقي".
وارتفع معدل تضخم أسعار المستهلكين خلال شهر مايو/أيار الماضي، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى 13.5%، مقابل 11% خلال أبريل/نيسان الماضي.
ويشير إلى أن ارتفاع الأسعار خلال العامين الأخيرين يجبره على إنفاق أغلب دخله على الطعام والشراب، بما لا يمكنه من ادخار أية مبالغ لشراء سيارة لحسابه طالما حلم بها، من أجل تحسين دخله.
وارتفعت معدلات الفقر في مصر خلال الأربع سنوات الماضية، لتصل إلى 25% من إجمالي السكان الذي يقارب 90 مليون نسمة.

اقرأ أيضا: سائق التوك توك..مهنة خريجي الجامعات والأطفال في مصر

دلالات

المساهمون