هكذا تستثمر تركيا في السودان

هكذا تستثمر تركيا في السودان

25 فبراير 2018
أردوغان والبشير خلال جولة في جزيرة سواكن (الأناضول)
+ الخط -
منذ عقود طويلة، نسمع أن السودان لو استثمر أراضيه الزراعية، لكان الخزان الغذائي للمنطقة العربية، بشقيه النباتي والحيواني، لكننا لم نر مشروعات ورساميل عربية كافية، وخليجية تحديداً، لاستثمار هذا الخزان الذي سينعكس على تنمية الشقيق السودان ويبعده وشعبه عن الفقر، أو يغني الدول العربية عن استيراد الخضراوات والفواكه والحبوب، وحتى اللحوم، من أوروبا وروسيا والولايات المتحدة.

وعلى الرغم من توصيف الداء والدواء بالسودان، ومعرفة أن عدم التمويل هو "ألف باء" المعوقات التي تحول دون بلوغ السودان، ثالث دولة أفريقية لجهة المساحة، والغنية بالأيدي العاملة والتربة المناسبة والمياه الوفيرة، دوره الإنتاجي والاقتصادي الذي يستحق.

لكن، ما إن التفتت تركيا إلى السودان، فزاره الرئيس أردوغان في يناير/ كانون الثاني الماضي، برفقة 200 رجل أعمال ووقع 21 اتفاقية جلها اقتصادية تنموية، واتفق الطرفان على رفع حجم التبادل التجاري، من 500 مليون إلى 10 مليارات دولار، حتى تفجرت "الغيّرة العربية، والمصرية الإماراتية تحديداً"، ولم ير مسؤولو تلك الدول في الزيارة سوى "المطامع العثمانية" واحتلال جزيرة "سواكن"، التي تم الاتفاق على تنميتها وتأهيلها وإداراتها من الجانب التركي.

وخرجت تصريحات خليجية ومصرية بحق السودان أقل ما يقال عنها إنها خروج عن اللياقة والأعراف الدبلوماسية، ووصلت حدود الاتهامات بالتخوين وتهديد الأمن القومي العربي، بل ووصلت حدود "الوقاحة والعنصرية" عندما غرد إعلامي إماراتي بارز، المدير العام لقناة أبوظبي الرياضية سابقاً، محمد نجيب: "كلمة لكل قياداتنا، ومن وثق بالبشير.. لا تشتر العبد إلا والعصا معه، إن العبيد لأنجاس مناكيد.. رحم الله أبا الطيب المتنبي".

قصارى القول، لن نحاجج بالطريقة والأدوات ذاتها، أو نقول إن السودان عرض استثمار وتأهيل "سواكن" على الإمارات تحديداً، ولم تستجب أبوظبي، بل سننوه بالعملية التركية وسرعة تنفيذ الاتفاقات، إذ أعلنت شركة "باشهان" التركية مؤخراً عن إقامة مصنع بالسودان لتعبئة البقوليات السودانية.

وبعيداً عن تفاصيل كلفة المصنع وتشغيله ألف سوداني وبدء تصديره ربما قبل انقضاء العام الجاري، أعلنت الشركة التركية، وفور بدئها بتأسيس المعمل، أنها ستتجه للزراعة العام المقبل وتبدأ باستصلاح الأراضي وتنمية القطاع، على الرغم من وفرة الإنتاج الزراعي.

وربما ما قيل عن "باشهان" والزراعة، ينسحب على بقية القطاعات التي طاولتها الاتفاقات الثنائية، من صوامع قمح وتطوير الفنادق والقطاع السياحي والحديد والتعدين، وصولاً للبرمجيات والكمبيوتر وإنشاء مطار جديد في الخرطوم.

نهاية القول، إنه على الرغم من كل المخاوف، التي قد يكون بعضها وجيهاً، لجهة إقامة قاعدة عسكرية تركية بجزيرة "سواكن" أو النظر إلى السودان كمدخل للقارة السمراء، وإلى ما هنالك من تهيؤات ومخاوف، لبعضها علاقة بموقع الجزيرة وتبعيتها لمصر حتى استقلال السودان عام 1965، ربما الفيصل، بين ما حاول الأشقاء إثارته من مخاوف وزوابع وبين ما سيؤول إليه السودان بعد الاتفاقات، سيكون عبر ما ستصنعه الرساميل والخبرات التركية، للسودان عموماً وللجزيرة على وجه الخصوص.



إذ، وقبل أن يجف حبر الاتفاقات، بدأت وكالة التعاون والتنسيق التركية "تيكا" أعمال الترميم في جزيرة "سواكن" بعد زيارة 30 خبيراً تركياً للسودان، لنرى وربما قريباً، بدء الإشارة إلى سواكن بالبنان، على أنها مركز سياحي وثقافي بالمنطقة، يسرق الأضواء، وربما السياح أيضاً، حتى من المعالم السياحية بالمنطقة.

دلالات

المساهمون