مليار عامل بالعالم مهدّدون بتقليص أجورهم أو فقدان وظائفهم

العالم تحت مدفع البطالة: مليار عامل مهدّدون بتقليص أجورهم أو فقدان وظائفهم

10 ابريل 2020
متاجر باريس وسياحتها مغلقة خوفاً من الفيروس (Getty)
+ الخط -
لا يتوقف خطر فيروس كورونا على إنهاء حياة عشرات الآلاف من البشر، بل امتد ليطلق مدافعه نحو مصادر رزق سكان العالم، إذ توقفت مكائن مئات المصانع الكبرى وعشرات آلاف المشروعات الصغيرة والمتوسطة في أنحاء العالم، الأمر الذي خلف ملايين من العاطلين عن العمل، ويهدّد بتفاقم الفقر إلى مستويات قياسية.

وكانت مجالات التجارة والخدمات والصناعة الأكثر فداحة في خسائرها بسبب تفشي فيروس كورونا، بالإضافة إلى إغلاق المدارس والمحال التجارية ومؤسسات حكومية حول العالم، كل ذلك ساهم في البدء بسلسلة ضخمة من الاستغناء عن العمالة لمواجهة الازمات المالية الخانقة المترتبة على تداعيات الوباء.

مليار عامل تحت المقصلة

وفقاً لمنظمة العمل الدولية، فإن الأثر "العميق والواسع النطاق وغير المسبوق" على العمالة يمكن أن يؤدي إلى تضرر أكثر من مليار عامل وتعرضهم لخطر خفض الأجور أو فقدان وظائفهم. وحسب تقرير لوكالة بلومبيرغ، فإن منظمة العمل الدولية تؤكد أن 38% من عمال العالم معرضون للخطر.

وفي نفس السياق، قالت منظمة العمل الدولية في تقرير أخر، إن جائحة كوفيد-19 من المتوقع أن تمحو 6.7 في المائة من ساعات العمل حول العالم في الربع الثاني من هذا العام.
وأضافت المنظمة التابعة للأمم المتحدة أن أربعة من بين كل خمسة أشخاص في قوة العمل العالمية يعيشون في أماكن تضررت من إغلاقات كاملة أو جزئية لأماكن العمل.

وقال تقرير المنظمة إن القطاعات الأربعة الأشد تضررا حول العالم هي الإعاشة والخدمات الغذائية، والصناعات التحويلية، وتجارة التجزئة، وخدمات الأعمال والأنشطة الإدارية.

دمار اقتصادي واجتماعي
وخلف كورونا، خلال فترة وجيزة، دمارا واسعا في العديد من القطاعات الاقتصادية التي انعكست سلبا على سوق العمل. وبدت مظاهر الدمار واضحة من خلال تنبيهات المؤسسات المالية الدولية ومنها صندوق النقد الدولي الذي حذر في تقرير صدر مؤخرا، من مستقبل قاتم للاقتصاد العالمي، معتبرا أن الركود العالمي الناجم عن جائحة فيروس كورونا يمكن أن يكون أسوأ من الأزمة المالية التي شهدها العالم قبل 12 عاما.

ومن جانبها، اعتبرت المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية، ماتشيديسو مويتي، في تصريحات أمس، أن "خطورة "كوفيد 19" لا تقتصر فقط على التسبب في وفاة الآلاف من الناس، ولكنها أيضا تطلق العنان للدمار الاقتصادي والاجتماعي".

كما أوضحت أن "انتشاره خارج المدن الكبرى يعني فتح جبهة جديدة في معركتنا ضد هذا الفيروس، مما يتطلب استجابة لامركزية، مصممة خصيصاً للسياق المحلي"، مشيرةً إلى أن "الحكومة في المقاطعات والأقاليم تحتاج إلى ضمان امتلاكها للموارد والخبرات اللازمة للاستجابة لحالات تفشي المرض محلياً".

ملايين العاطلين في أميركا
وجاءت أميركا صاحبة أكبر اقتصاد في العالم في مقدمة المتضررين اقتصاديا الامر الذي انعكس على سوق الشغل لديها، إذ سُجّل عدد هائل من الأميركيين قد يصل إلى خمسة ملايين شخص، الأسبوع الماضي، للحصول على مساعدات للبطالة، في رقم قياسي جديد بعد أسبوعين شهدا ارتفاعاً تاريخياً في نهاية مارس/ آذار، مع تصاعد تداعيات فيروس كورونا على الاقتصاد.

ويقدر المحللون بخمسة ملايين شخص، عدد الذين تقدموا بملفات لطلب مساعدات، بين 29 مارس/ آذار والرابع من إبريل/ نيسان، لينضموا بذلك إلى حشد من الباحثين الجدد عن وظائف. وكان الأسبوع الذي سبق، قد شهد رقماً قياسياً تاريخياً بلغ 6.65 ملايين عاطل عن العمل جديد.

وفي المجموع، خلال الأسبوعين الأخيرين من مارس/ آذار، تقدم عشرة ملايين شخص بطلبات تعويض للمرة الأولى، في سابقة في تاريخ الولايات المتحدة.

واضطرت الشركات الأميركية لتسريح عدد كبير من الموظفين؛ بسبب التراجع المباغت للنشاط التجاري، على وقع إجراءات العزل التي تهدف إلى الحد من انتشار فيروس كورونا الجديد.
واعتباراً من الجمعة، أصبح بإمكان الشركات الصغيرة والمتوسطة، طلب قرض لتتمكن من دفع أجور موظفيها وتجنب تسريحهم. ويقضي هذا الإجراء الذي يندرج في إطار الخطة الفيدرالية الواسعة لدعم الاقتصاد، بتخصيص 350 مليار دولار من القروض.

أوروبا المريضة

مع انتشار فيروس كورونا الجديد في جميع أنحاء أوروبا التي تحولت إلى بؤرة ضخمة للوباء، تم تدمير العديد من القطاعات الاقتصادية. وللتقليل من الخسائر تركز الحكومات والاتحاد الأوروبي الكثير من جهود الإنقاذ الاقتصادي على احتواء طفرة في معدلات البطالة، لا سيما من خلال مساعدة الشركات على عدم طرد العمال.

وحسب أحد الإحصاءات، فقد مليون أوروبي على الأقل وظائفهم على مدار الأسبوعين الماضيين مع دخول القارة في حالة إغلاق، مع إغلاق المدارس والشركات والتجمعات الاجتماعية، مما أدى إلى تجميد أجزاء كبيرة من الاقتصاد بشكل فعال.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، أمس الخميس، عندما كشفت النقاب عن خطة أوروبية بقيمة 100 مليار يورو (110 مليارات دولار) لمساعدة الشركات على عدم طرد العمال، "في أزمة فيروس كورونا هذه، لن تنجح سوى أقوى الاستجابات".
وأضافت أنه "باستخدام أداة تضامن جديدة، سنقوم بجمع 100 مليار يورو لإبقاء الأشخاص في الوظائف والأعمال. وبهذا، فإننا نتكاتف مع الدول الأعضاء لإنقاذ الأرواح وحماية سبل العيش".

أفريقيا والدول العربية
باتت أسواق أفريقيا معرضة لفقدان عدد كبير من الوظائف، إذ أظهرت دراسة للاتحاد الأفريقي أن نحو 20 مليون وظيفة في القارة السمراء باتت مهددة، إذ من المتوقع أن تنكمش اقتصادات القارة هذا العام بسبب تأثير وباء كورونا.
ووفقا لما اعتبره باحثو الاتحاد الأفريقي السيناريو الأكثر واقعية في نظرهم، فإن من المتوقع أن ينكمش اقتصاد أفريقيا 0.8 في المائة، بينما يتوقع السيناريو المتشائم انكماشا بنسبة 1.1 في المائة.
كما أفادت الدراسة، وفقا لوكالة "رويترز"، بأن ما يصل إلى 15 في المائة من الاستثمار الأجنبي المباشر قد يختفي.

وجاء في الدراسة أن "نحو 20 مليون وظيفة، في القطاعات الرسمية وغير الرسمية على السواء، مهددة بالدمار الذي سيلحق بالقارة إذا استمر الوضع".

ووجدت الدراسة أن الحكومات الأفريقية قد تخسر ما يتراوح بين 20 في المائة و30 في المائة من إيراداتها المالية، التي تفيد التقديرات بأنها بلغت 500 مليار دولار في 2019.
ولم تكن الدول العربية بعيدة عن الخطر، إذ اضطرت دول الخليج على سبيل المثال إلى تسريح آلاف الموظفين وسط أزمة مالية طاحنة بسبب تراجع إيرادات النفط الذي هبط الطلب عليه بسبب تباطؤ الاقتصاد العالمي والحرب الروسية السعودية حول أسعار النفط. كما اضطرت عشرات الشركات في مختلف الدول العربية إلى الاستغناء عن جزء من عمالتها لوقف نزيف خسائرها.

المساهمون