العملات الرقمية تدفع إيران لمراجعة سياساتها النقدية والتقنية

العملات الرقمية تدفع إيران لمراجعة سياساتها النقدية والتقنية

29 نوفمبر 2017
البنك المركزي الإيراني يحذر من إغراءات العملات الرقمية (Getty)
+ الخط -
رغم الاستثمار المحدود لعملة الـ" بيتكوين" في إيران، إلا أن المصرف المركزي أطلق أخيرا تحذيرات من مخاطر هذا النوع من الاستثمار، لا سيما أن الارتفاع القياسي في سعر هذه العملة الافتراضية بات يخطف الأنظار في إيران وغيرها من الدول.
وقال رئيس دائرة التقنيات الحديثة في البنك المركزي الإيراني ناصر حكيمي، إن البنك لا يعترف بالبيتكوين كعملة، مشيرا إلى وجود مخاطر تتعلق بالمغامرة والاحتيال في تداول هذه العملة.
ولفت حكيمي في مؤتمر صحافي منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، إلى قلق البنك المركزي من تضرر ممتلكي البيتكوين، لعدم وجود بنية تحتية تؤسس للتعامل بالعملة الرقمية بشكل آمن، مضيفا أن للبيتكوين قدرة على إغراء العديدين في هذه الفترة، لكن يجب التنبيه من سلبيات هذا الأمر.
وتابع أنه لا يمكن للبنك المركزي حظر كل تطبيق إلكتروني يسمح بتبادل وشراء البيتكوين، إلا أنه يستطيع أن يقوم بمهمة التوعية والتعريف بها وبمخاطرها.
هذه التصريحات توحي بأن المركزي الإيراني غير واثق مما قد يحصل إذا ما لاقت بيتكوين وغيرها من العملات الرقمية رواجا في إيران، ولا سيما أن التجارب المالية في هذا البلد مريرة بوجود سوق سوداء تتحكم بأسعار الصرف، وبعض المؤسسات المالية غير الشرعية والتي تتورط بعمليات احتيال، حيث تخوّف حكيمي من مسألة عدم وجود قانون في إيران يرتبط بالبيتكوين، وهو ما قد يدخل المؤسسات غير الرسمية لهذه السوق.
لكن في المقابل وبعد ارتفاع أسعار بيتكوين وعملات رقمية أخرى باضطراد وازدياد شهرتها بين المستخدمين، أعلنت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عن بدء إجراء دراسات ترتبط بالجانب الاقتصادي وبالبنية التحتية بحال زاد استخدام بيتكوين في البلاد.
وقال نائب وزير الاتصالات أمير حسين دوايي، في تصريحات صحافية قبل أيام، إن الوزارة بدأت بتأسيس البنية التحتية لاستخدام العملة الرقمية بما يعود بالنفع على البلاد، واصفا هذه الخطوة بالجدية.
وبدأ بعض العاملين في سوق الصرافة بالفعل قبل فترة في الترويج للبيتكوين وحتى التداول فيها، إلا أن نطاق التعامل ظل في إطار محدود. وأسست مجموعة من الخبراء والمستثمرين قبل أربعة أعوام موقعا إلكترونيا اسمه "كوين إيران"، بات شهيرا للغاية في الوقت الراهن، وهو الذي يركز على تحليل المسائل المالية الحديثة ووسائلها الرقمية. وانطلق الموقع بتقارير موسعة تعرف عن البيتكوين.
وفي حديثه مع "العربي الجديد"، قال مدير الموقع محمد رضا شرفي، إن التعامل مع بيتكوين في الوقت الراهن اقتصادي بحت، بينما يجب التأكيد على أن لهذه العملة الرقمية أهمية تكنولوجية حديثة كبرى، وتستطيع أن تحمل بين طياتها نتائج سلبية وأخرى إيجابية، وهذا يعتمد على آليات استخدامها.
وأضاف شرفي أنهم يعتبرون بيتكوين عملة مالية ويتعاملون معها وكأنها سلعة، قد تتحول لموجة كبرى تجتاح العالم وإيران أيضا، لكن يجب أن تتحرك خارج إطار الدور الحكومي والسوق الذي تديره الدول، وألا تحتاج لوساطة كونه يتم تداولها عبر الإنترنت.
وعن استخدامها في إيران، أكد شرفي أن نحو 3% فقط من الإيرانيين يعرفون ما هي البيتكوين، وهذه النسبة ارتفعت بمعدل 1% أخيرا بعد ارتفاع سعرها بشكل كبير، قائلا إنه لا يمكن التكهن بعدد من يمتلكونها، فهي بالأساس وجدت على مبدأ السرية في التعامل، وهذا، بحسب رأيه، يؤثر على طبيعة وجودها في إيران حاليا، فلا يمكن التعرف على من يقدمونها أو من يشترونها أيضا.
ورأى الخبير الاقتصادي سعيد ليلاز، أن السياسات الاقتصادية لإيران لن تسمح بانتشار البيتكوين بشكل كبير في الفترة المقبلة، وإن حصل وانتشرت ستتدخل الحكومة مباشرة، قائلا إنه لا توجد رغبة من قبل السلطات النقدية في البلاد بأن ينمو التعامل بهذه العملة الرقمية في المرحلة القادمة، بسبب عدم وجود أطر قانونية مناسبة، لا حكومية ولا حتى في السوق.
وقال ليلاز لـ"العربي الجديد": "أعتقد أن المسؤولين سيدرسون كل المسائل المرتبطة بهذه العملة وتبعاتها المتوقعة وما إن كانت ستترك أثرا على الاستثمارات أو حتى على أسعار الصرف، وهذان ملفان حساسان بالنسبة لإيران، فإذا ما زاد انتشار هذا النوع من العملات عالميا فإيران ستكون جزءا من المعادلة".

دلالات