مصارف سورية تعود للإقراض بشروط تعجيزية

مصارف سورية تعود للإقراض بشروط تعجيزية وبأسعار فائدة عالية

12 سبتمبر 2017
شروط تعجيزية تفرضها المصارف السورية (فرانس برس)
+ الخط -
كشفت مصادر خاصة من داخل دمشق، أن المصارف الحكومية السورية، ستعاود قريباً منح القروض الشخصية والإنتاجية والتشغيلية، بعد توقف دام لنحو أربع سنوات، لكن بشروط تمويل تكاد تكون تعجيزية وأسعار فائدة مرتفعة.
وقال أكثر من مصدر مطلع لـ "العربي الجديد" إن حكومة بشار الأسد ومصرف سورية المركزي، طلبا من المصارف الحكومية الخمسة (العقاري، التجاري، الصناعي، الزراعي والتوفير) إطلاق التعليمات التنفيذية للإقراض، مشيرين إلى أن مجلس النقد والتسليف يسمح بإبرام اتفاقيات لإدارة القروض مع المصارف العامة التي لا تمتلك سيولة كافية لمنح القروض، أي استدانة مصرف من مصرف آخر يمتلك فائض سيولة.
وجاءت تعليمات منح القروض بالسرعة القصوى، بحسب المصادر، بناء على قرار اجتماع لجنة السياسات والبرامج الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء، الأسبوع الماضي، والتي ألزمت المصارف باستئناف منح القروض بغرض تمويل الإنتاجين الزراعي والصناعي.

شروط تعجيزية
يؤكد المصرفي السوري، ياسر عبد الجليل، أن نسبة الفائدة المرتفعة التي تفرضها المصارف على القروض الجديدة، مرتفعة جداً، وهي أعلى من عائد المشروعات التي يمكن أن تشغّلها تلك القروض.
ويلفت عبد الجليل لـ "العربي الجديد" أن نسبة الفائدة ستبلغ 13%، فيما لن يتجاوز سقف القرض الواحد ثلاثة ملايين ليرة سورية (6 آلاف دولار) كمرحلة أولى، وهو مبلغ لا يمكن أن يكفي لمشروع تشغيلي أو حتى لترميم وإعادة أي منشأة للعمل، كما أن أرباح وعائدات المشاريع التي سيكون رأسمالها ثلاثة ملايين ليرة، ربما لا تصل لحجم نسبة الفائدة المرتفعة.
وحول الضمانات المطلوبة، يقول عبدالجليل: "جميع التعليمات تشدد على الضمانات، بعد تعاظم القروض متعثرة السداد وخسائر المصارف، فحسب تعميم سابق لمصرف سورية المركزي، يجب أن يكون القرض الإنتاجي بضمانة المنشأة أو ضمانة عقارية لا تقل قيمتها التقديرية عن 200% من حجم القرض، فضلاً عن تأمين المقترض كفلاء اثنين عاملين بالقطاع الحكومي".
ومن المتوقع أن تقتصر القروض في المرحة الأولى على القطاع الزراعي والإنتاج الصناعي والحرف التقليدية، على ألا تتجاوز فترة سداد القروض، عاماً واحداً فقط.
وقال مدير المصرف التجاري السوري، إن هذه الشروط ونسب الفائدة المرتفعة، ستحد من الإقبال على القروض، فضلاً عن أن حجم القرض غير مغر، مشيراً إلى أن السبب من تصميم حكومة الأسد على عودة الإقراض، وإلزام المصارف التي تعاني من الخسائر ونقص السيولة به، هو حالة إعلامية وسياسية لتسويق أن ثمة سيولة بالمصارف وأن سورية بخير، وفق رأيه.

القروض المتعثرة
وتتضارب أرقام حجم الديون المتعثرة الصادرة عن المؤسسات المصرفية والمسؤولين بدمشق، ففي حين تقول بيانات مصرفية أن حجم تلك الديون يصل نحو 350 مليار ليرة سورية، كشف حاكم مصرف سورية المركزي، دريد درغام، مؤخراً، أن حجم الديون المتعثرة لدى المصارف الحكومية يبلغ 280 مليار ليرة سورية.
ويبرر الاقتصادي السوري، نوار طالب، ذلك التضارب عبر تفريقه بين الديون المشكوك في تحصيلها وبالتالي هي قروض ميتة إذ لا ضمانات توازي حجمها، وبين الديون المتعثرة التي يمتلك المقترض ما يوازيها على الأراضي السورية، فيما لو تم بيع ممتلكاته أو ضمانات القروض بالمزاد العلني، كما حدث أخيراً من المصرف الصناعي الذي باع ممتلكات لنحو 14 مقترضاً.
ويقدر المتخصص بالشؤون المالية، طالب، حجم القضايا المرفوعة على المقترضين المتأخرين بالسداد بنحو 1500 قضية، بالقطاعين العام والخاص.
وحول سبب تراكم الديون المتعثرة ووصولها لدرجة التشكيك بالتحصيل، يضيف الاقتصادي السوري لـ "العربي الجديد" أن معظم المقترضين قبل الحرب تأذت استثماراتهم وتهدمت عقاراتهم بفعل القصف والدمار، فضلاً عن هروب كثير من المقترضين خارج الدولة بعد الثورة.
وأضاف قائلاً: "قبل الثورة كان هناك تساهل بمنح القروض من المصارف الحكومية، وذلك لسببين، الأول سعي المصارف لتشغيل موجوداتها عبر قروض بنسب فائدة مرتفعة، تتراوح بين 11 و15%، والثاني أن كبار المقترضين كانوا يقدمون رشى لبعض المصارف كي يتساهلوا بمسألة الضمانات، وتجلى ذلك بقروض المصرف الصناعي والفضائح بمنح بعض القروض التي أدت لعزل مدير المصرف وإحالة لجنة القروض للرقابة والتفتيش".
وقال فراس سلمان، مدير المصرف التجاري، أكبر المصارف الحكومية بسورية، في تصريحات صحافية مؤخراً، إن حجم الديون المتعثرة لمصلحة المصرف تزيد عن 100 مليار ليرة سورية، ولم يتم تسديد سوى 8 مليارات ليرة سورية حتى الآن.

المساهمون