انهيار النفط يهدد أمن الطاقة الأميركي ...وترامب يتوعد أوبك+

شكوك حول مشاركة شركات الطاقة الأميركية في اتفاق خفض الإنتاج النفطي

07 ابريل 2020
الملياردير هام وعائلته مع الرئيس ترامب بالبيت الأبيض (getty)
+ الخط -

بينما يواصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب تهديداته بفرض أقصى معدل من الرسوم على واردات النفط السعودية والروسية إلى بلاده في حال عدم التوصل لتسوية تنهي الحرب النفطية الحالية في اجتماع يعقد يوم الخميس، تتوالى التصريحات الإيجابية من كل من موسكو والرياض بشأن خفض كبير في الإنتاج يزيد عن 10 ملايين برميل يوميا. 

وفي الوقت الذي تدعم فيه دول نفطية خليجية، منها الإمارات والكويت، دعوة السعودية لعقد اجتماع للاتفاق على خفض الإنتاج، بالتزامن مع تراجع الطلب في ظل تداعيات فيروس كورونا لإعادة الاستقرار لأسواق النفط، زاد غموض موقف كبار المنتجين الأخرين من الخفض المتوقع وفي المقدمة شركات النفط الصخري الأميركية وكندا والنرويج والدول غير الأعضاء في منظمة أوبك ولا تنضوي تحت تكتل أوبك +.

وتوعد ترامب، بفرض "رسوم ضخمة جداً" على واردات النفط، إذا ظلت أسعاره على حالها ولم تتغير. وأضاف في مؤتمر صحافي مساء الأحد: "إذا استمرت أسعار النفط كما هي.. سأفعل ذلك.. نعم سأضع رسوما ضخمة جداً".

وتابع قائلاً: "في حال بقيت أسعار النفط عند مستواها الحالي، وفي حال لم تتفق روسيا والسعودية، سأفرض رسوماً جمركية رسوم كبيرة للغاية، كوننا مستقلين الآن ولدينا نفطنا الخاص.. هذا سيعني بوضوح أننا لا نريد نفطاً أجنبياً".

وقدر محللون في نشرة "أويل برايس" الأميركية الرسوم التي سيفرضها ترامب، في حال لم تنفذ موسكو والرياض وعدهما بالخفض المطلوب، بأكثر من 20 دولاراً على البرميل.
ويقود لوبي شركات النفط الصخري، المطالب بالتحقيق في سلوكيات "أوبك +" وروسيا، الملياردير هارولد هام مالك شركة " كونتننتال ريسورسس"، كبرى شركات النفط الصخري في أميركا، وهو صديق شخصي للرئيس ترامب.

وينظر في أميركا للملياردير هام على أنه من أهم الرجالات الذين ساهموا في إحياء الصناعة النفطية في البلاد وأعاد لها مجدها بعد أفول. كما انضم إلى الحملة المكثفة أخيراً وزير الطاقة الأميركي السابق ريك بيري.

وعلى الرغم من أن بعض أعضاء "أوبك+"، يرون ضرورة انضمام الشركات النفطية خارج الدول الـ 23 الأعضاء في أوبك وحلفائها، لمحادثات يوم الخميس، إلا أنه من الواضح، أن الشركات النفطية الكبرى في أوروبا وأميركا يبدو أنها لن تشارك في الخفض النفطي.

وترى غالبية الشركات الأميركية، أن مشاركتها في الخفض المرتقب تتعارض مع "حرية السوق"، وبالتالي تتعارض مع القوانين الأميركية خاصة قانون منع الاحتكار.

في ذات الشأن، تقول بعض الدول النفطية، مثل كندا، إن " نار انهيار أسعار النفط أوقدتها دول أوبك+ وعليها اطفاؤها"، وهو ما يعني أنها لن تشارك في الخفض النفطي الذي ستجريه دول المنظمة وحلفاؤها في الاجتماع المخصص له الخميس المقبل.

على الصعيد الأميركي، يبدو أن هنالك انقساما بين الشركات الأميركية بشأن المشاركة في خفض الإنتاج، حيث ترفض شركات النفط في ولاية تكساس الغنية بالنفط المشاركة في خفض الإنتاج. ويقولون إن "مثل هذه المشاركة تؤذي الصناعة النفطية"، وذلك حسب تعليقات نقلتها قناة " سي أن بي سي" عن تجمع الشركات النفطية بتكساس أمس الاثنين. لكن في مقابل هذا الرفض يرى البعض أن بعض الشركات ربما ستراجع موقفها.
من جانبها تقول النرويج، إنها ستشارك في مفاوضات خفض الإنتاج، وفقاً لتصريحات نقلتها وكالة " ستاندرد أند بوورز" عن وزير النفط والطاقة النرويجية، تينا برو.

وأعلنت النرويج، أكبر منتج للنفط في غرب أوروبا، أنها ستدرس الانضمام إلى اتفاق دولي واسع النطاق لخفض إنتاج النفط. ولم تكن النرويج، التي من المتوقع أن يزيد إنتاجها خلال الأعوام القلائل القادمة، ضمن نطاق التخفيضات الدولية المنسقة في الإنتاج لدعم الأسعار، منذ عام 2002، حسب وكالة بلومبيرغ السبت.

وفي كندا قال رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، إن كندا تتشاور مع منظمة أوبك والولايات المتحدة وحلفائها الآخرين حول " كارثة انهيار أسعار النفط". لكنه لم يعد بمشاركة شركات بلاده في الخفض النفطي المحتمل لإعادة التوازن في السوق النفطية.

من جانبه قال وزير الطاقة بولاية ألبرتا الكندية، كبرى ولايات النفط في كندا، سونيا سافاج، إنه سيشارك في اجتماع "أوبك+" الذي سيعقد عبر الهاتف يوم الخميس. ولكن لم يتحدث حول ما إذا كانت شركات النفط ستشارك في الخفض.

ويرى خبراء في صناعة الطاقة أن، انهيار أسعار النفط وما تلاه من إفلاسات وسط شركات النفط الصخري وإغلاق الآبار الأميركية ستكون له تداعيات استراتيجية تمتد إلى أبعد من خسائر مئات مليارات الدولارات التي تكبدتها الصناعة النفطية، وأن هذه التداعيات تمس بشكل مباشر استراتيجية أمن الطاقة الأميركية في حال لم تحسم موسكو والرياض مسألة خفض الانتاج وبمعدلات لا تقل عن 10 ملايين برميل يومياً.
ويرى الخبير النفطي سيريل ويدر شوفن في تحليل بنشرة "أويل برايس" الأميركية، بهذا الشأن، أن "الانهيار الحالي في أسعار النفط يهدد بتحول استراتيجي في صناعة النفط العالمية".

بل وذهب ويدر شوفن في تحليله إلى أبعد من ذلك قائلاً إن الدول النفطية وشركاتها ستفلس بالصناعة النفطية في أميركا ودول "النفط المكلف" في كندا والنرويج وبحر الشمال، وربما ستستغل بعد ذلك صناديق الثروة التي  تملكها في شراء هذه الشركات المفلسة لاحقاً.

وهذا المفهوم رسخه لوبي النفط الصخري كذلك لدى مسؤولي الطاقة في أميركا وظهر في تصريحات المسؤولين أمس الاثنين. حيث قالت وزارة الطاقة الأميركية، إن الوزير دان برويليت تحدث إلى نظيره السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان خلال عطلة نهاية الأسبوع، حيث أبلغه أن النزاع السعودي الروسي على الحصص بسوق النفط العالمية له "تداعيات كبيرة" على الولايات المتحدة والعالم.

وفي حال فرض رسوم على النفطين السعودي والروسي، فإن شركة أرامكو ستكون من كبار المتضررين، إذ تمتلك أكبر محطة تخزين للنفط الخام في أميركا في مصفاة بورت آرثر التابعة لشركة موتيفا المملوكة بالكامل للشركة السعودية بقدرة تخزين 8.2 ملايين برميل من النفط.
وتشحن أرامكو في العادة سلسلة إمدادات موثوقة لا تقل عن مليون برميل يومياً للولايات المتحدة كعميل ثابت مع القدرة على زيادة الإمدادات وفق حاجة مصفاتها التي تعد أكبر مصفاة في شمال أميركا بطاقة إنتاجية أكثر من 650 ألف برميل في اليوم من النفط السعودي الخام بمختلف درجاته.

وذلك إضافة إلى شروع شركة موتيفا في استثمارات توسعية بقيمة 45 مليار ريال أي ما يعادل 12 مليار دولار لتعزيز عمليات مرفق بورت آرثر للتكرير إلى الكيميائيات بما يعزز قيم الاستهلاك الأكبر للنفط الخام وتنويع وتعظيم القيمة المضافة لكل برميل في المملكة وخارجها.

المساهمون