ارتفاع الدين العام الأردني وسط ازدياد الاقتراض

ارتفاع الدين العام الأردني وسط ازدياد الاقتراض

09 يونيو 2019
ضغوط معيشية في ظل الصعوبات الاقتصادية (فرانس برس)
+ الخط -
تخطت مديونية الأردن حاجز 40.3 مليار دولار، وسط توقعات بارتفاعها بشكل كبير خلال الفترة المقبلة، في ضوء مواصلة الحكومة سياسة الاقتراض الداخلي والخارجي لتغطية عجز الموازنة والإنفاق العام.

ويرى خبراء أن مديونية الأردن اقتربت من تخطي الناتج المحلي الإجمالي، حيث تشكل حاليا ما نسبته 95 في المائة منه، ما يؤشر إلى اختلالات واضحة في المعادلة الاقتصادية، وعدم نجاعة السياسات التي تطبقها الحكومة لزيادة معدلات النمو.

وقد أعلنت الحكومة أخيراً أنها بصدد اقتراض حوالي 1.4 مليار دولار من البنك الدولي، إضافة إلى مخاطبة دول عربية لتحويل ودائعها في البنك المركزي الأردني إلى قروض، وذلك لحاجتها إلى تلك المبالغ.
وبحسب أحدث بيانات للبنك المركزي الأردني، فقد وصل إجمالي الدين العام للأردن لنهاية شباط/ فبراير الماضي إلى حوالي 40.3 مليار دولار، يتوزع ما بين مديونية داخلية بواقع 17 مليار دولار ومديونية خارجية تتخطى 23 مليار دولار.
وأظهرت البيانات ارتفاع فوائد وأقساط الدين العام لتبلغ حوالي 132 مليون دولار خلال الشهرين الأولين من العام الحالي.

وتعتبر مشكلة المديونية من أكبر المشكلات الاقتصادية التي تواجه الأردن، وتستنزف مبالغ كبيرة سنوياً من موازنة الدولة تذهب لسداد أقساط الدين العام والفوائد المترتبة على القروض.
وكانت الحكومة قد نوعت في السنوات الأخيرة أدوات الاقتراض من الخارج، وطرح سندات دولية في الأسواق العالمية.

الخبير الاقتصادي حسام عايش قال لـ "العربي الجديد" إن الزيادة المطردة في حجم الدين العام لا تبعث على التفاؤل، كونها اقتربت من مساواة الناتج المحلي الإجمالي حيث تنمو فوائد الديون، إضافة إلى استمرار الحكومة بالاقتراض من الصناديق الدولية والبلدان الأخرى وطرح سندات دولية.

وأضاف أن الأكلاف على الاقتصاد نتيجة لارتفاع المديونية كبيرة جداً، حيث تزداد سنوياً أقساط وفوائد الدين العام، والتي يخصص لها مبالغ من حجم الموازنة العامة التي تعاني أصلاً من ارتفاع العجز الذي يبلغ حوالي مليار دولار، بعد احتساب المنح والمساعدات الخارجية.
وشرح الخبير عايش أن الحلول التي لجأت إليها الحكومة للأسف لم تحقق النتائج المرجوة منها بالشكل المطلوب، بل أنها ساهمت في تعميق الركود الاقتصادي وتباطؤ النمو، وبخاصة قانون الضريبة وما جرى عليه من تعديلات بداية العام الحالي من رفع للضرائب على العديد من القطاعات الاقتصادية والمواطنين.

وأكد على أهمية توقف الحكومة عن الاقتراض الخارجي، حتى وإن كان بفوائد مخفضة، لأن ذلك يسهم في زيادة الأعباء الاقتصادية والضغوطات على الموازنة العامة.

وتابع عايش أنه يحب التركيز على استقطاب الاستثمارات الخارجية وتحفيز رأس المال المحلي بهدف تنشيط بيئة الأعمال، بما ينعكس زيادة في معدل النمو الاقتصادي الذي ما زال دون 2 في المائة، وهذه النسبة لا تلبي الاحتياجات التنموية للأردن.

ووافق صندوق النقد الدولي أخيراً على المراجعة الثانية للاقتصاد الأردني، والتي جاءت في إطار برنامج الاستعداد الائتماني الممتد المتفق عليه بين الجانبين في العام 2016، حيث تسهل شهادة الصندوق على الأردن الاقتراض من الخارج.
من جانبه، قال المحلل الاقتصادي مازن مرجي لـ "العربي الجديد" إن الحكومات المتعاقبة لم تفلح في تخفيض حجم المديونية بشقيها الداخلي والخارجي.

وأضاف أن استمرار عمليات الاقتراض تدل على ضعف الأداء الاقتصادي واستمرار العجز المالي في الموازنة العامة، مشيرا إلى أن الحكومة اتجهت في السنوات الأخيرة للاقتراض من الخارج، للمحافظة على السيولة المحلية وودائع الجهاز المصرفي من باب عدم مزاحمة القطاع الخاص، وحتى لا ترتفع كلف القروض محلياً. وتفضل المصارف المحلية إقراض الحكومة بدلاً من تقديم التسهيلات للأفراد والشركات كون الديون الحكومية مضمونة السداد.

ووافق مرجي الخبير الاقتصادي عايش بقوله إن الحد من المديونية يتطلب استقطاب الاستثمارات وتخفيض النفقات الحكومية، وخاصة الجارية منها، بهدف تخفيض عجز الموازنة وتوفير التمويل للبنود الأساسية.

وفي تقريره الصادر في أعقاب انتهاء مراجعته الثانية لأداء الاقتصادي الأردني، قال صندوق النقد الدولي إنه سيتفاوض مع الحكومة على اعتماد برنامج جديد للإصلاح الاقتصادي، وذلك بعد انتهاء العمل بالبرنامج الحالي في مارس/ آذار المقبل بعد تمديده لعدة أشهر. ويعتبر صندوق النقد والبنك الدولي واليابان وصناديق عربية من أكبر الجهات الدائنة للأردن.

وشهد الأردن العام الماضي احتجاجات واسعة رفضاً للسياسات الاقتصادية القائمة على رفع الأسعار وزيادة الضرائب، وأفضت إلى إقالة الحكومة السابقة برئاسة هاني الملقي وتعيين عمر الرزاز خلفا له.

المساهمون