توتر الخليج وأزمة بوينغ تلقي بظلالها على معرض باريس

توتر الخليج وأزمة بوينغ والحرب التجارية تلقي بظلالها على معرض باريس الجوي

16 يونيو 2019
أزمة بوينغ تؤثر على مبيعات الطيران في العالم (GETTY)
+ الخط -


تنال المخاوف المتعلقة بالسلامة وأزمة بوينغ والحروب التجارية وتنامي التوترات الأمنية في الخليج من معنويات كبار صناع الطائرات في العالم، بينما يتوافدون للمشاركة في معرض باريس للطيران هذا الأسبوع في غياب أجواء الاحتفال رغم دفاتر طلبيات الشراء المتخمة.

والحدث فرصة لقياس نبض صناعة الطائرات التجارية في العالم البالغ حجمها 150 مليار دولار سنويا، والتي يعتقد محللون كثيرون أنها بصدد مرحلة من التباطؤ نظرا لشتى الضغوط العالمية، من توترات التجارة إلى ضعف النمو الاقتصادي.

ويتطلع صانع الطائرات الأميركي بوينغ، الذي يعاني من تداعيات وقف تشغيل طائرته 737 ماكس بعد حادثي تحطم، إلى طمأنة الزبائن والموردين بشأن مستقبل الطائرة، وتهدئة الانتقادات بخصوص تعامله مع الأزمة المستمرة منذ شهور طويلة.

وأثار وقف تشغيل أحدث نسخة من الطائرة الأكثر مبيعا في العالم قلق الموردين، بل أزعج شركة صناعة الطائرات الأوروبية المنافسة إيرباص، التي أحجمت هذه عن الاستفزاز المعتاد لبوينغ في ظل انشغالها هي نفسها بتحقيقات فساد.

ويتخوف المسؤولون التنفيذيون بقطاع صناعة الطائرات على ضفتي الأطلسي من تداعيات الأزمة على الثقة العامة في النقل الجوي ومخاطر رد فعل سلبي قد يدق إسفينا بين مختلف الهيئات التنظيمية ويقوض منظومة اعتماد الطائرات.

وتضررت أرباح شركات الطيران التي تهافتت على شراء الطائرة ماكس طويلة المدى والأوفر في استهلاك الوقود بعدما اضطرت لإلغاء آلاف الرحلات في أعقاب وقف تشغيل الطائرة على مستوى العالم في مارس/آذار.

وقال محللون إنه حتى الإطلاق المزمع لنسخة أطول مدى من عائلة إيرباص الناجحة إيه320 نيو، وهي الطائرة إيه321 إكس.إل.آر، لن ينجح على الأرجح في تبديد الضبابية التي تكتنف القطاع.

وقال ريتشارد أبو العافية محلل صناعة الطيران في مجموعة تيل إن "أزمة بوينغ ماكس ليست الغمامة السوداء الأشد شؤما، لأنه يمكن حلها، لكن أرقام حركة السفر تبعث على القلق بصدق. في مارس/آذار وإبريل/نيسان الماضيين ثمة مؤشرات تنبئ بالمقبل. أمام أعيننا يواجه القطاع مشاكل أوسع نطاقا على صعيد الطلب والسعة".

وأضاف "أن صافي الطلبيات قد يكون الأدنى في سنوات".

ويرفض آخرون مخاوف التباطؤ، مشيرين إلى نمو الطبقة الوسطى في آسيا وحاجة الناقلات إلى شراء طائرات جديدة للوفاء بالمعايير البيئية.

وتدرس إيرباص وبوينغ خطوات لتحسين كفاءة طائراتهما في استهلاك الوقود وتخفيض بصمتها الكربونية وسط حركة احتجاجية متنامية للدفاع عن البيئة في أوروبا.

وقال جون بلوجير، الرئيس التنفيذي لشركة اير ليس، متحدثا لرويترز "إن الحل الوحيد لدى الصناعة هو الطائرات الأحدث والأوفر في استهلاك الوقود.. ولذا فإن دورة الإحلال تلك ستستمر".

وتابع "نتحدث مع العديد من شركات الطيران التي ما زالت ترغب في مزيد من الطائرات، وحقيقة الأمر أن تلك النقاشات لم تشهد أي تراجع".

توترات الخليج

أرجأت بوينغ قرارات رئيسية لإطلاق طائرة جديدة محتملة، الطراز إن.ام.ايه متوسط الحجم، لتركز كامل اهتمامها على 737 ماكس ومشكلات اللحظات الأخيرة المتعلقة بمحرك الطائرة الجديدة 777اكس، حسبما قالت مصادر في القطاع.

لكنها قد تكشف عن عدد من الصفقات لطائرات عريضة البدن وهي الفئة التي تتفوق فيها على إيرباص، بما في ذلك صفقة لشركة الخطوط الجوية الكورية تتضمن ما لا يقل عن عشر طائرات 787.

ويتوقع روبرت ستالارد من فيرتيكال ريسيرش بارتنرز طلبيات لشراء نحو 800 طائرة في معرض باريس، مقارنة بطلبيات وتعهدات لشراء 959 طائرة في معرض فارنبورو الجوي العام الماضي. ويتوقع بعض المحللين أن يكون الإجمالي أقرب إلى 400 طائرة.

ورغم التباطؤ، فإن طفرة دامت سنوات عديدة في طلبيات الطائرات ما زالت تولد أعمالا للموردين مثل صناع المحركات. ومن المنتظر أن تعلن سي.إف.إم إنترناشونال الفرنسية الأميركية عن طلبية قياسية من حيث عدد الوحدات لأكثر من 600 محرك من إندي جو الهندية.

ولا يقتصر المعرض المقام بين 17 و23 يونيو/ حزيران على صفقات الطائرات، حيث يستقطب أيضا العديد من مشتري الأسلحة في العالم الذين يأتون لمتابعة أحدث التطورات في معدات القتال، من الصواريخ المضادة للطائرات إلى قدرات الحرب الإلكترونية المرغوبة بشدة.

وستكشف فرنسا وألمانيا عن نموذج بالحجم الحقيقي لمقاتلة مقترحة جديدة وتوقعان اتفاقا إطاريا للمضي قدما في مشروعها الذي يشمل طائرات مسيرة.

وسيبحث مسؤولو القطاع أيضا المزايا والتداعيات المحتملة للاندماج المقترح بين شركتي يونايتد تكنولوجيز ورايثيون للصناعات العسكرية والبالغة قيمته 121 مليار دولار.

وقد تحدث الصفقة، المتوقع إغلاقها في النصف الأول من العام المقبل 2020، انقلابا في صناعة الطائرات، بإقامتها مجموعة تشمل أعمالها النقل الجوي التجاري والتوريدات العسكرية مما سيضغط على عدة موردين رئيسيين مثل هانيويل وجنرال إلكتريك.


وتتابع وفود المعرض الجوي الأزمة الدائرة بين الولايات المتحدة وإيران في الخليج، حيث تلقي واشنطن باللوم على طهران في هجمات على ناقلتي نفط بممر حيوي للشحن البحري أثارت المخاوف من مواجهة أوسع نطاقا في المنطقة.

وفي نزاع سياسي آخر له تداعياته على شركات السلاح المشاركة في المعرض، هددت الولايات المتحدة بإلغاء مشاركة تركيا في برنامج المقاتلة اف-35 التي تصنعها لوكهيد مارتن بسبب شراء أنقرة منظومة رادار روسية.

وسيلقى المعرض أيضا اهتمام الصين، التي تتنامى طموحاتها الجوية في وقت تتصاعد فيه التوترات التجارية بين واشنطن وبكين قبيل اجتماع محتمل بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ هذا الشهر.

(رويترز)

المساهمون