فجوة الرواتب تقيد خطط الاستغناء عن الوافدين بالكويت

فجوة الرواتب تقيد خطط الاستغناء عن الوافدين بالكويت

11 سبتمبر 2017
مطالب بالاستغناء عن العمالة الهامشية(فرانس برس)
+ الخط -
كشفت وثيقة حكومية عن وجود فجوة كبيرة في الرواتب بين العاملين الأجانب والمواطنين الكويتيين في الجهات الحكومية والقطاع الخاص، الأمر الذي يقيد خطط إحلال الوظائف وفق خبراء توظيف واقتصاد في الدولة، التي تتصاعد فيها مطالب برلمانيين بتغيير التركيبة السكانية عبر تقليص أعداد الوافدين في الوظائف، لا سيما الحكومية.

وأظهرت الوثيقة التي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها أن متوسط الراتب الشهري للوافد يبلغ نحو 264 ديناراً (871 دولاراً)، بينما يصل للكويتي إلى نحو 1093 (3600 دولار)، بفارق تبلغ نسبته 314%.

وعلى الرغم من ذلك التفاوت الكبير في الرواتب، إلا أن نواباً في مجلس الأمة (البرلمان) وجهوا انتقادات حادة للحكومة بسبب سياسات التوظيف وتعهدوا باستجوابات في دور الانعقاد المقبل المتوقع أن يبدأ في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، مطالبين بوضع خطط سريعة لإحلال الوافدين بالكويتيين في جميع المؤسسات الحكومية.

وأشارت الوثيقة التي أعدتها مجموعة من وزارات الدولة على رأسها المالية، إلى أن عملية الإحلال التي يطالب بها نواب مجلس الأمة ستكلف الدولة ما يزيد عن 3 مليارات دولار سنوياً، لتعويض الفارق في الرواتب في حال قامت الدولة بتنفيذ خطة إحلال شاملة في جميع القطاعات.

وبحسب إحصائية توزيع العمالة حسب متوسط الأجر الشهري الصادرة نهاية مارس/ آذار الماضي فإن 73.4% من العاملين في الجهاز الحكومي من الكويتيين بعدد 283.3 ألف موظف، فيما يعمل 4189 موظفاً يحملون جنسيات لدول مجلس التعاون الخليجي ويمثلون 1.1% من إجمالي الموظفين، و2010 موظفين بدون جنسية يمثلون 0.5%، أما الوافدون فيصل عددهم إلى 96.7 ألف موظف ويمثلون 25% من إجمالي الموظفين بالأجهزة والمؤسسات الحكومية وفقا للإدارة المركزية للإحصاء.

وتمثل الرواتب، العبء الأكبر على بند المصروفات بالميزانية الحكومية في الكويت، إذ تصل إلى 54% من إجمالي مصروفات الحكومة بالموازنة الحالية 2017- 2018 بقيمة 10.75 مليارات دينار (34.4 مليار دولار)، مقابل 10.3 مليارات دينار بموازنة العام الماضي ونحو 9.99 مليارات دينار في العام المالي السابق 2015/2016.

وقدرت الموازنة الحالية العجز بنحو 7.9 مليارات دينار (26.2 مليار دولار) بعد استقطاع نسبة احتياطي الأجيال القادمة.

وتقدم النائب عبدالكريم الكندري، في أغسطس/آب الماضي باقتراح يحدد نسبة الأجانب في الكويت، بحيث لا تتعدى 10% من نسبة السكان، مطالبا بضرورة وقف منح الإقامات للوافدين والعمل على الوصول إلى هذه النسبة خلال ثلاث سنوات.

وأشار إلى أن عدد الوافدين بلغ أكثر من أربعة أضعاف المواطنين، ووصلت نسب بعض الجاليات إلى معدلات عالية جداً قد تقارب في السنوات القليلة المقبلة نسبة المواطنين، لافتا إلى ضرورة إحلال الوظائف خلال الفترة المقبلة.

وبحسب أرقام الهيئة العامة للمعلومات المدنية، فإن عدد سكان الكويت، بلغ بنهاية العام الماضي 2016، نحو 4.3 ملايين نسمة، بينهم 1.3 مليون مواطن ونحو 3 ملايين وافد. ويتركز عمل الوافدين في القطاع الخاص، إذ يعمل فيه نحو مليون و498 ألفًا و976 وافدًا، وفق البيانات الرسمية.

وفي مقابل تصاعد الأصوات المطالبة بالحد من العمالة الوافدة، حذر خبراء اقتصاد من تداعيات ذلك على العديد من القطاعات الإنتاجية والخدمية، لا سيما المرتبطة بالحرف وقطاع الصحة.

وقال يحيى كمشاد الخبير الاقتصادي، في حديث لـ "العربي الجديد" إن الاقتراحات النيابية المتصاعدة تجاه الوافدين، قد تؤدي إلى هجرة العمالة المدربة، ما يخلق أزمة كبيرة في الكثير من المهن التي لا يمكن للمواطن الكويتي أن يمتهنها.

وبدأت الكويت قبل عامين، في تنفيذ خطة تهدف إلى خفض أعداد المقيمين فيها من خلال توطين العمالة، تزامناً مع إجراءات تقشفية على خلفية تراجع أسعار النفط، لكن نواباً في البرلمان يرونها غير كافية وتحتاج إلى تعديلات كبيرة.

وقال مشعل الإبراهيم، الخبير الاقتصادي، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إن ازياد المطالب النيابية بإحلال الوافدين ينذر بتعرض قطاعات اقتصادية مهمة للخطر، منها العقارات والسيارات وأنشطة التجزئة والمصارف والكفاءة البشرية، ما يدعو إلى ضرورة كبح إجراءات التضييق غير المبرر ضد الوافدين، حتى لا ينعكس ذلك بشكل سلبي على الاقتصاد الكويتي.

وأكد عبدالله الكندري، أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت، في حديثه لـ "العربي الجديد" أن إحلال الوافدين بشكل كامل خطوة في الاتجاه غير الصحيح، فهناك مهن لا يمكن الاستغناء عن الوافد فيها، خاصة التي تتطلب خبرة كبيرة كالأطباء والمهندسين المعماريين، فعملية الإحلال يجب أن تتم على العمالة الهامشية التي لا تضيف شيئاً للاقتصاد الكويتي.

وكان رئيس ديوان الخدمة المدنية أحمد الجسار، قد قال في تصريحات صحافية مؤخرا، إن الديوان حريص على تفعيل سياسة الإحلال في كل الوظائف الحكومية دون الإخلال بمتطلبات ومستوى الخدمات، التي تقدمها الدولة لمواطنيها في كل المجالات لا سيما الصحية والتعليمية.

وسبق أن اتخذت الحكومة على مدار العامين الماضيين إجراءات من شأنها تقليص بدلات الموظفين الأجانب ورفع رسوم الخدمات لهم، في إطار توفير إيرادات للدولة النفطية التي شهدت مواردها تراجعا بسبب تراجع أسعار النفط باكثر من 50% منذ منتصف 2014.

وكانت وزارة التربية، قد قررت في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، خفض بدل الإيجار الذي يتقاضاه المعلمون الوافدون من 150 ديناراً (490 دولاراً) إلى 60 ديناراً (200 دولار).

كما قررت وزارة الصحة، في يناير/ كانون الثاني الماضي، زيادة أسعار الخدمات الصحية للزائرين، فضلاً عن اعتزامها تطبيق نظام جديد للرعاية الصحية يقضي بعلاج الوافدين في مستشفيات غير حكومية، تتم من خلاله زيادة الرسوم السنوية بنسبة تصل إلى 200%.

وقال حمد المشعان، مدير عام الموارد البشرية في الشركة الكويتية للاستثمارات المالية، إن معالجة خلل التركيبة السكانية يحتاج إلى عمل دقيق بحيث يتم الاستغناء عن العمالة الهامشية، لذا هناك ضرورة لعدم التساهل مع الشركات الوهمية، التي تستقدم هذه العمالة بهدف الربح السريع.

ورأت فاطمة العازمي، المسؤولة بالهيئة العامة للإحصاء الكويتية سابقاً، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الدولة ستتحمل تكلفة باهظة في حال قيامها بعملية إحلال تطاول المهن الرئيسية، حيث ستقوم بإجراء دورات تدريبية من شأنها تأهيل الكويتيين لأعمال المواطنين، مشيرة إلى أنه من المهم الاستغناء عن الوظائف الهامشية.

المساهمون