المعلمون السودانيون يحتجون على تأخر الرواتب

المعلمون السودانيون يحتجون على تأخر الرواتب في ظل تردي أوضاع القطاع

14 ابريل 2018
تأخر صرف الرواتب تم بسبب عدم وجود سيولة بالمصارف(Getty)
+ الخط -

يشهد قطاع التعليم في السودان أزمات عدة تبدأ من ضعف رواتب المعلمين وتأخرها، وتصل إلى تحول القطاع إلى سلعة تتم المتاجرة بها بهدف تحقيق مكسب مادي، مروراً بكل ما بينهما. وفي آخر تجليات الواقع التعليمي، تجمهر مئات الأساتذة أمس أمام بوابة وزارة التربية والتعليم في الخرطوم، احتجاجاً على تأخر صرف رواتبهم، والوضع "المزري" الذي يعيشونه.

وطالبت لجنة من الأساتذة، وزير التربية والتعليم بتحديد الخامس من كل شهر موعداً لصرف مستحقاتهم، وإعطائهم ترقيات، فضلاً عن عدم تأخير الفروقات، قبل أن ينفذ مئات من المعلمين وقفة أمام الوزارة احتجاجاً على التأخر في صرف رواتبهم.

ولكن وزير التربية والتعليم بولاية الخرطوم فرح مصطفى، قال إن تأخر صرف الرواتب تم بسبب عدم وجود سيولة بالمصارف، نافياً مسؤولية وزارته عن التأخير، إلا أن اللجنة هددت بمواصلة الإضراب إلى حين صرف الرواتب.

وفي السياق، قال الأستاذ أحمد زين العابدين في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الأساتذة يعيشون أوضاعاً صعبة ومقلقة، مشيراً إلى أن الرواتب لم تصرف في موعدها على رغم ضعفها، واصفاً تأخرها قرابة 15 يوماً بحجة عدم السيولة بالبنوك بالأمر المرفوض وغير المقبول.

وما زالت أزمة السيولة في البنوك تتحكم في الاقتصاد، على رغم تأكيدات رئاسة الجمهورية وتوجيهها بتمكين المودعين من أموالهم. وامتدت الأزمة لتشمل معظم المصارف العاملة في البلاد حتى أن بعضها لجأ إلى ما يُسمى بتجارة الشيكات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من تعاملات مالية وتجارية. ووصلت الأزمة إلى ذروتها، بعد إحجام الكثير من المواطنين المتعاملين مع الجهاز المصرفي عن إيداع نقودهم في المصارف.

ولا تقتصر أزمة الأساتذة في السودان على شح السيولة، إذ يعانون من الرواتب الضئيلة، فلا يزيد راتب الأستاذ في أعلى درجات التعليم (الأولى والثانية) عن 1600 جنيه (نحو 88.1 دولار)، مقارنة بموظفي الدولة في المؤسسات الأخرى الذين يتقاضون رواتب جيدة بالإضافة إلى البدلات والترحيل.

وقال الأستاذ محمدين إسماعيل لـ "العربي الجديد"، إن ضعف راتب الأستاذ جعله يبحث عن الحصص الإضافية بالمدارس الخاصة مهما كانت درجته الوظيفية، وأضاف أن هذا الأمر أضعف مسيرة التعليم في البلاد، وأفقد أيضاً الأستاذ صدقيته في التعامل مع المدارس الحكومية والانتماء إليها.

كما أشار إلى أن هناك بدلات كثيرة أسقطتها وزارة المالية، وأمسى الأستاذ لا يملك سوى راتبه الذي لا يكفيه عشرة أيام في الشهر. وطالب بأن يكون للمعلم امتيازات وبدلات إضافية، بخاصة أن الأستاذ كلما تقدم في العمر يحتاج إلى امتيازات خاصة مثل الرعاية الصحية المجانية وتوفير بعض المستلزمات الضرورية بأسعار تشجيعية.

وأضاف: "عملت في مجال التعليم طيلة 40 سنة وأتقاضى نحو 800 جنيه فقط"، لافتاً إلى أن "طوال هذه المدة لم يكن هناك أي بدلات، فكيف يستقيم التعليم في البلاد وكيف يهتم الأستاذ برسالته في ظل بيئة غير مهيأة تماماً".

وكانت وزيرة التربية والتعليم بالسودان آسيا محمد عبدالله أكدت حرص وزارتها وسعيها إلى جعل راتب الأستاذ أعلى راتب في الدولة، لافتة إلى أن التعليم يمثل أكبر أولويات الدولة، وأن الأستاذ هو محور العملية التعليمية، الأمر الذي يستوجب الاهتمام به وتحسين أوضاعه.

واعترفت الحكومة السودانية، في مؤتمر سابق دعا إليه مجلس الوزراء، بتدهور العملية التعليمية في السودان، لأسباب في مقدمتها عدم وجود الكادر التعليمي المؤهل، إلى جانب ضعف رواتب المعلمين، في وقت حدد خبراء نسبة التراجع في قطاع التعليم بما لا يقل عن 60%، وطالبوا باعتماد صندوق قومي لدعم التعليم.

ويقول الخبير التربوي أحمد إبراهيم الزين لـ"العربى الجديد"، إن تراجع وتدهور العملية التعليمية يردان إلى التراجع العام الذي تشهده الدولة سياسياً واقتصادياً، إلى جانب اعتماد الأسر بشكل كبير على نفسها في توفير المستلزمات المدرسية من كتب وكراسات وزي مدرسي.

وأضاف أن البلاد افتقدت الأستاذ الكفوء الذي يُعتمد عليه، كما توقف الكثير من المعاهد التربوية التي تعمل على تأهيل المعلمين، كما انتشر الأساتذة حديثو التخرج الذين يمتهنون التعليم من دون خبرة.

أما الخبير الاقتصادي محمد التوم فرأى في حديثه إلى "العربي الجديد"، أن التعليم في السودان مر بمراحل متدرجة من التردي، وتفاقم الأمر في ظل تراجع قيمة الجنيه وبقاء راتب الأستاذ على حاله.

ولفت إلى أن القطاع يشهد تدهوراً مستمراً، إذ تمت توسعة التعليم من دون بنية تحتية حقيقية، مستنداً إلى زيادة في عدد المدارس، في ظل نقص كبير في المعلمين بسبب ضعف الراتب وقلة التدريب.

وبيّن أن 76% من طلاب العاصمة الخرطوم لا تستطيع أسرهم أن توفر لهم وجبة الإفطار، كما أن دخول التعليم الخاص الذي أخذ من حصة التعليم العام، أثر بشكل كبير في العملية التعليمية في السودان.

كذلك، لفت إلى أن تحول التعليم إلى سلعة ساهم أيضاً في ضرب القطاع، إذ قد تجد أكثر من 90 طالباً في الفصل الدراسي الواحد، في وقت إن زمن الحصة يصل إلى 40 دقيقة، ما يعني أن لكل طالب في الحصة الواحدة أقل من نصف دقيقة من الأستاذ الذي يقوم بتدريسه وهذا لا يساعد على التعلم بأي حال من الأحوال.

المساهمون