شركات أميركية تلجأ الى الدين لمواجهة مشروع أوباما الصحي

شركات أميركية تلجأ الى الدين لمواجهة مشروع أوباما الصحي

01 يوليو 2014
الشركات أصبحت شخصية معنوية لها حق المعتقد (أرشيف/GETTY)
+ الخط -


لا يزال مشروع التغطية الصحية الإلزامية، الذي طرحه الرئيس الأميركي باراك أوباما، يتعرض للأزمات المتتالية، خصوصاً بعد حملة ضخمة واجهها المشروع من الجمهوريين وخصوصاً حزب الشاي، الذي يعتبر أن مشروع أوباما يعظم سيطرة الدولة على الاقتصاد في مقابل ضرب القطاع الخاص وخصوصاً شركات التأمين الأميركية.

ووجهت المحكمة الأميركية العليا، الاثنين، ضربة قاسية الى مشروع أوباما الصحي، بإصدارها حكماً قضائياً لمصلحة شركات أميركية ترفض، لأسباب دينية، أن تتحمل أي جزء من نفقات التأمين الصحي لشراء أقراص منع الحمل أو عقاقير ثبت طبياً أنها قد تؤدي إلى الإجهاض.

ورد البيت الأبيض: إن قرار المحكمة العليا بشأن حبوب منع الحمل يعرض صحة المرأة للخطر.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش أرنست، إن "النساء ينبغي أن يتخذن قرارات بأنفسهن بشأن صحتهن". وأضاف أن "البيت الأبيض يدرس عدد النساء اللواتي يمكن أن يتأثرن بهذا القرار". مؤكداً بأن الكونغرس عليه أن يتخذ قرارات لضمان حماية النساء.



مبرر رفض الإجهاض

وتوقع رجال قانون أميركيون أن يخلق هذا القرار صعوبات وجدلاً بين السياسيين والاقتصاديين لأن المبرر الذي يستند إليه هذا القرار، هو حرية الديانة، وهو مبرر لا ينسحب على قانون التأمين الصحي فقط، بل يمكن أن يمتد الى طائفة واسعة جداً من القوانين الفدرالية والمحلية، حيث أصبح الآن بإمكان الشركات وأصحاب الأعمال المطالبة بمراجعتها وفقاً للمبدأ الجديد الذي يعطي الشخصية الاعتبارية ذات الحق الذي يتمتع به الفرد أو الشخص الحقيقي.


ويعكس هذا الحكم القضائي مدى الانقسام الأيديلوجي بين قضاة المحكمة العليا التسعة، إذ أن 5 قضاة من التيار المحافظ ممن اختيروا من رؤساء جمهوريين وافقوا على القرار في حين رفضته ثلاث قاضيات وقاض رابع ممن تم تعيينهم من رؤساء ديمقراطيين.
والقضاة الأربعة معروفون بتوجهاتهم الليبرالية، ولكن قرارات المحكمة العليا تمر بالأغلبية.
 
وكانت الشركة المالكة لمحلات "هوبي لوبي" لتجارة التجزئة، ومقرها الرئيسي ولاية أوكلاهوما، وكذلك شركة "كونستوجا وود"، ومقرها الرئيسي بنسلفانيا، قد رفعتا دعوى قضائية في المحكمة العليا تعارضان فيه بعض فقرات قانون التأمين الصحي الإجباري المعروف شعبياً باسم "أوباما كير" بحجة أن تلك الفقرات تتعارض مع التعديل الأول للدستور الذي يحمي حرية الاعتقاد الديني.

وقالت الشركتان في دعواهما: إن القانون المشار إليه يجبر الشركات على دفع تكاليف التأمين الصحي مع السماح للمستفيدين والمستفيدات من التأمين بشراء أقراص يطلق عليها اسم "أقراص الصباح التالي" وغيرها من العقاقير التي تعتقد هاتان الشركتان أن بعض النساء العاملات يستخدمنها أحياناً للإجهاض أو أنها تؤدي إلى الإجهاض من دون إرادة النساء وهو الأمر الذي رفضه أصحاب هاتين الشركتين لتعارضه مع عقيدتهم.

الشركات شخصية اعتبارية

وبالموافقة على طلب هاتين الشركتين فإن القانون أصبح يتعامل ضمنياً مع الشركات كونها تتمتع بشخصية اعتبارية، ومن حقها أن تتمتع بحرية الديانة كما يتمتع بها الأفراد.

وقد يكون أمر تحديد ديانة الشركات سهلاً عندما يكون المالكون من عائلة واحدة متجانسة، ولكن الصعوبة ستواجهها الشركات الكبرى أو المساهمة. ولهذا فإن الأشهر المقبلة ستشهد جدلاً كبيراً بسبب هذا القرار القضائي الذي يأتي قبيل الانتخابات النصفية الأميركية في نوفمبر المقبل.

تجدر الإشارة إلى أن قضية الإجهاض من القضايا الجدلية التي ينقسم الأميركيون حولها ويعتبرها كثير من الجمهوريين المحافظين مسألة مبدئية لأن الرأي فيها يستمد من المعتقد الديني وليست مجرد رأي سياسي أو اجتماعي.

وينشط أصحاب هذا الرأي في عدم تحميل الخزينة العامة على مستوى الولايات أو على مستوى الحكومة الفدرالية أي تكاليف لعمليات الإجهاض أو العقاقير المساعدة عليها، لكن التيار الليبرالي في المجتمع يرفض حرمان المرأة التي تختار الإجهاض من العلاج حتى وإن لم تملك نفقاته.


مشروع التغطية الصحية


ويواجه مشروع أوباما للتغطية الصحية حملة شرسة، كادت تعطل الدولة الفيدرالية في نهاية العام الماضي. فقد نشب صراع بين الديمقراطيين والجمهوريين في نهاية 2013 حول رفع سقف الديون الأميركية فوق 16.7 تريليون دولار، وتشبث الجمهوريون بمواقفهم المتطرفة إن كان من ناحية رفض إقرار مشروع رفع سقف الديون بشكل دائم وفق اقتراح أوباما، ورفض إقرار موازنة عام 2014 التي تتضمن تمويل تطبيق قانون إصلاح نظام الضمان الصحي (أوباما كير) ليشمل ملايين الأميركيين الذين يعيشون من دون أية تغطية صحية.

وقد طرح أوباما مشروع التغطية الصحية منذ حوالي 4 سنوات وأدخله بعد معارك عديدة، ضمن موازنة عام 2014.

هكذا، لم تقر الموازنة في موعدها، وأصبحت الحكومة الأميركية بلا إمكانية إنفاقية، ليصدر في ما بعد إعلان الـ "شات داون" أي الاقفال للخدمات الفدرالية، ما أدى إلى وقف العمل في غالبية الوكالات الحكومية الأميركية. 
ومن ثم انتهت الأزمة مع رفع سقف الديون لاجل قصير، ومع إقرار الموازنة في مطلع العام الحالي.