التونسيون يواصلون الإنفاق على الترفيه رغم أزمة الاقتصاد

التونسيون يواصلون الإنفاق على الترفيه رغم أزمة الاقتصاد

20 فبراير 2016
مقهى بشارع الحبيب بورقيبة في تونس (Getty)
+ الخط -



رغم أن الأسرة التونسية تقلص مخصصاتها للترفيه والثقافة، لصالح أولويات مهمة كالمأكل والملبس والمسكن، غير أن المجتمع لا يزال يحافظ على حصة معتبرة من نفقاته لصالح الترفيه، رغم الظروف الاقتصادية التي لا تصب في الصالح العام.

وبينت دراسة حديثة للمعهد الوطني للاستهلاك (مؤسسة حكومية لمراقبة الاستهلاك) أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة لم تقض على عادات التونسيين المتعلقة بالرفاهية.

وأبرزت الدراسة أن التونسي يخصص ما يعادل 36 دينارا شهريا (18 دولارا) للترفيه والثقافة وهو ما يمثل 6.69% من ميزانيته، رغم أن هذه المخصصات كانت في حدود 9% من الميزانية الفردية سنة 1985.

وتكتسب نفقات الترفيه والثقافة في المجتمع التونسي وفق معهد الاستهلاك، بُعدين أساسيين، أولهما البعد الاستهلاكي ويندرج في إطار التطور العادي والطبيعي للمجتمع الاستهلاكي، وثانيهما البعد النفعي باعتباره وسيلة للترفيه والانتعاش العقلي والنفسي.

وبالمقارنة مع دول أخرى يعتبر المستهلك التونسي في المعدلات العادية بالنسبة لما يخصصه من ميزانية للترفيه والثقافة، حيث يخصص المستهلكون في المغرب 13% من ميزانيتهم للترفيه والثقافة وفي بلجيكا تخصص الأسر 8.2% من ميزانيتها للترفيه والثقافة.
 
ويعتبر الموسم الصيفي وفترة المهرجانات الكبرى، من أبرز الأوقات التي يخصص فيها التونسي الوقت والمال للترفيه والثقافة، وذلك في حدود الإمكانات المتاحة.

وبالرغم من الضغط المسجل على القدرات الشرائية للتونسيين، أظهرت بيانات إحصائية أن نسبة إقبال التونسيين على الفنادق خلال الصيف الماضي، ارتفعت إلى نحو 80% في عدد من المناطق السياحية، بعد أن كانوا لا يشكلون سوى 12% من رواد الفنادق.

وساهم إقبال التونسيين على النزل الموسم الماضي، من إنقاذ العشرات من الفنادق من الإفلاس، وخفف من حدة الأزمة التي يشهدها القطاع السياحي بعد تراجع نسبة السياح الأجانب بأكثر من 50% بسبب الهجمات الإرهابية التي وجهت ضربة قاسية للسياحة التونسية.

اقرأ أيضاً: تونس تعتزم اقتراض 1.12 مليار دولار

وأبرزت الدراسة التي قام بها المعهد الوطني للاستهلاك أن 53% من المستجوبين يقضون عطلات خارج منازلهم، و20.8% منهم يقومون بهذه العملية على الأقل مرة في السنة و56% على الأقل مرتين في السنة، إلى جانب أن 28% من أسر العينة يعتبرون أن استهلاكهم للترفيه والثقافة تحسن خلال العشرين سنة الأخيرة، في حين يعتبر 55% من العينة أنهم لم يلحظوا أي تغيير.

ويفسر رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك سليم سعد الله، إقبال التونسيين على الترفيه رغم الضغوطات الاقتصادية بدخول الترفيه ضمن النفقات الأسرية التي لا يمكن الاستغناء عنها، لافتا إلى أن التونسي تعوّد على الترفيه منذ القدم حتى ولو كلفه ذلك اللجوء إلى التداين لمجابهة هذه النفقات، وفق تصريحه لـ "العربي الجديد".

ويعتبر المختص في علم الاجتماع طارق بالحاج محمد، أن عادات المجتمعات الاستهلاكية تسللت إلى التونسيين، مشيرا إلى أن المجتمع التونسي أصبح يعاني من مشاغل وإشكاليات الدول المتقدمة رغم تراجع الإنتاج والمردودية، وهو ما ولد ضغوطات كبيرة على النفقات الأسرية.

وقال الحاج محمد في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن أغلب الأسر التونسية أصبحت تنفق أكثر من إمكاناتها المادية بكثير رغم صعوبة الوضع الاقتصادي والاجتماعي، لافتا إلى أن المجتمع التونسي أصبح ضحية سلوكه وخياراته الحياتية.

ويواجه التونسيون ولا سيما الطبقة المتوسطة المتشكلة من الموظفين وصغار التجار والصناعيين، ضغوطات الإنفاق باللجوء إلى القروض الاستهلاكية التي لا تتجاوز 5 آلاف دولار، حيث تفيد الإحصائيات الصادرة عن المصرف التونسي أن تداين الأسر التونسية لدى البنوك قد ارتفع بنسبة 61% منذ سنة 2010 ليفوق قائمه الإجمالي 17.2 مليار دينار (8.6 مليار دولار).

وتمثل قروض الاستهلاك أكثر من 35% من مجموع ديون القطاعات الاقتصادية مجتمعة، في حين يبلغ مجمل الحسابات الجارية التابعة للأسر لدى المصارف والتي تشكو عجزا ما يعادل ثلث هذا الصنف من الحسابات.

ويولد للتداين الأسري وفق الباحث الاجتماعي طارق بالحاج محمد، آثار نفسية واقتصادية كبيرة، فالتداين غالبا يجعل المستهلك يشعر بالتوتر والضغط النفسي اليومي، كما يمكن أن يؤدي الإفراط في التداين إلى تعثر في الدفع، وبالتالي إلى مشاكل اقتصادية للبائع أو المزود أو البنك المُقرض.

وخلال السنوات الأربع الأخيرة، تدهورت القدرة الشرائية للتونسيين، بما يناهز 40%، وفق بحث أنجزته جامعة تونس، أي بمعدل يناهز 10% سنويا.

 

 


اقرأ أيضاً:
الرحلات البحرية تعود إلى تونس
الأزمة تعصف بآمال تجار الأثاث في تونس

المساهمون