ضرائب الأردن تعاني من تشريعات مشوّهة وتهرّب متزايد

ضرائب الأردن تعاني من تشريعات مشوّهة وتهرّب متزايد

06 أكتوبر 2015
ضريبة الدخل ترهق الأردنيين (أرشيف/Getty)
+ الخط -


عاد قانون ضريبة الدخل في الأردن إلى الأضواء رغم مرور 10 أشهر فقط على النسخة الأخيرة منه، والتي أقرها البرلمان بعد حالة غير مسبوقة من الجدل بين مختلف الأوساط الاقتصادية والشعبية، لما اشتمل عليه القانون من رفع للضرائب على الأفراد وكافة القطاعات، متجاهلاً مبدأ التصاعدية التي نص عليها دستور البلاد صراحة.

ومن المرجح أن تقدم الحكومة مشروع قانون جديد للضريبة إلى البرلمان الذي سيلتئم في دورته العادية منتصف نوفمبر/شرين الثاني المقبل، وذلك في ضوء الضغوطات التي تواجه الحكومة وبناء على طلب مجلس الأعيان "الغرفة الثانية للبرلمان" الذي لم يكن راضياً عن إقرار القانون بصيغته الحالية.

وبموجب القانون الجديد المطبق منذ يناير/كانون الثاني الماضي، ارتفعت الضرائب بنسب مختلفة تصل إلى 35% في بعض القطاعات مثل المصارف و24% للصناعة والتجارة.

كثرة تغير القوانين

رئيس جمعية حماية المستثمر أكرم كرمول، قال لـ "العربي الجديد" إن كثرة تغيير القوانين الضريبة في الأردن، وخلال فترة قصيرة يدل على عدم اتضاح الرؤية الاقتصادية، وأن هذا التشريع لم يخضع لدراسات كافية من قبل الجهات المعنية، كما أنه ببنوده الحالية لا يعكس الواقع، بل ساهم في زيادة معاناة الاقتصاد الأردني، رغم العائد المتحقق للخزينة من الضرائب.
 
وأضاف أن ارتفاع الضرائب في الأردن يعتبر من العوامل التي ساهمت في تباطؤ معدلات الاستثمار، رغم توفر فرص استثمارية واقتصادية واعدة، مشيرا إلى أن الضرائب في بلاده هي من أعلى النسب في العالم.

وأكد كرمول أهمية إعادة النظر بقانون الضريبة الحالية، بحيث يتم اعتماد مبدأ التصاعدية في نسب الضرائب وتخفيضها على مختلف القطاعات الاقتصادية والأفراد.

والضرائب في الأردن هي الممول الأكبر للموازنة العامة للبلاد، حيث تشكل أكثر من 70% من إجمالي الإيرادات المحلية؛ وهي في ارتفاع مستمر، نتيجة للزيادة التي طرأت على نسب الضريبة المفروضة على الأفراد ومختلف القطاعات الاقتصادية، حسب التقارير الرسمية.

ارتفاع الإيرادات

وبحسب تقرير للمصرف المركزي الأردني، صدر الأسبوع الماضي، فقد ارتفعت الإيرادات الضريبية بمقدار 160.88 مليون دولار بنسبة 5.6% لتصل إلى 3.05 مليارات دولار، مشكلة ما نسبته 70.8% من إجمالي الإيرادات المحلية؛ وذلك خلال النصف الأول من العام الحالي، مقارنة بذات الفترة من العام الماضي.

وارتفعت الإيرادات العامة خلال النصف الأول من العام الحالي لتبلغ 4.7 مليارات دولار وبنسبة 1.7% لذات الفترة من العام الماضي.
 
وقال المركزي الأردني، لقد ارتفعت الضريبة العامة على المبيعات للسلع والخدمات، لتبلغ 1.9 مليار دولار، مشكلة ما نسبته 62.3% من إجمالي الإيرادات الضريبية، كما ارتفعت ضريبة الدخل على الضرائب والأرباح بمقدار 117.7 مليون دولار، وبنسبة 16.3% لتصل إلى 840.64 مليون دولار، بسبب ارتفاع ضرائب الدخل على الشركات والمشاريع المختلفة.

وزادت الضرائب على التجارة والمعاملات الدولية متضمنة الرسوم، لتبلغ 231.38 مليون دولار.

وقال عضو غرفة تجارة الأردن، ثابت الور، لـ "العربي الجديد"، إن تحفيز الاقتصاد الأردني في ظل التحديات الحالية يتطلب تضحية من قبل الحكومة في بعض الإيرادات التي تجبيها من

القطاعات الاقتصادية والمواطنين، بحيث يتم تخفيضها؛ ما يساعد على تخفيف الأعباء المالية التي تعاني منها الصناعة والتجارة والسياحة وغيرها، وخاصة مع الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة.

اقرأ أيضاً: 8 حكومات عربية ترفع الضرائب لتعويض تراجع إيراداتها

وأشار إلى أن رفع الضرائب قد يحقق عائداً سريعاً للخزينة على المدى القريب، ولكن الآثار السلبية أكبر على المديين المتوسط والبعيد، من حيث هروب الاستثمارات وضعف تنافسية المنتجات المحلية وارتفاع الأسعار، ويصل الأمر لحد إغلاق بعض المشاريع القائمة.

ويرى الور، أن مطالبة مجلس الأعيان بإعادة النظر بالقانون وتقديم آخر محدث هو بمثابة انقلاب تشريعي، حيث إن القانون لم يمض على إقراره سوى فترة وجيزة.

وتختلف ضريبة الدخل في الأردن من قطاع لآخر، في حين أن ضريبة المبيعات محددة بـ 16% فيما هناك ضرائب خاصة تصل إلى حوالي 50% فأكثر على بعض السلع كالسيارات والكماليات وغيرها.

ثغرات قانونية

وقال المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأردني "الحكومي"، إنه ومنذ عام 1988 قامت الحكومة باتخاذ تدابير لإصلاح النظام الضريبي، في محاولة لتحقيق استقرار الاقتصاد، وتعزيز وضعها المالي.

وأوضح المجلس في دراسة متخصصة له أن النظام به العديد من الثغرات التي تسهل التهرب الضريبي، وكذلك الإعفاءات التي تتعارض مع معايير الكفاءة والعدالة والمساواة؛ ما يؤدي في النهاية إلى فقدان إيرادات الخزينة التي كان يمكن جمعها للمساهمة في الحد من العجز المالي في البلاد. وقدرت الحكومة العجز المالي للعام الحالي بحوالي 2.4 مليار دولار.
 
وأضاف المجلس أن الاقتصاد الأردني يعاني من محدودية الموارد، خاصة المياه والطاقة والعجز المالي المزمن؛ مما يجعل توفير التمويل اللازم لتلبية متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية صعباً للغاية.

وأشار المجلس إلى ارتفاع عبء الفرد من الضرائب في الأردن أربع مرات منذ عام 1985، عندما بدأ النظام الضريبي بالاعتماد بشكل كبير على الضرائب غير المباشرة. ضرائب المبيعات وهي من أشكال الضرائب غير المباشرة، وأصبحت على نحو متزايد المصدر الرئيسي لإيرادات الحكومة؛ ما يشير إلى أن الهدف من زيادة الإيرادات حول مصدرها من ضريبة الدخل والرسوم الجمركية إلى الضريبة العامة على المبيعات.

وقال "في الأردن توجد حالات من التهرب الضريبي ذات الصلة بضريبة الدخل أقل من تلك المتعلقة بضريبة المبيعات مع وجود حد أدنى لتسجيل لضريبة المبيعات في القطاعات التجارية والصناعية والخدمات تشجع على التهرب الضريبي في البلد".

وطالبت جمعية المصارف في الأردن بتوسيع قاعدة دافعي الضرائب من خلال الوصول للفئات المتهربة ضريبياً، وليس زيادة الأعباء الضريبية على الفئات الملتزمة.

وأضاف أن التوسع المطلوب هنا توسع أفقي وليس عموديا، فتقديرات التهرب الضريبي في الأردن تتراوح بين 950 مليون دولار إلى حوالي 1300 مليون دولار سنوياً.

وقال وزير المالية أمية طوقان، في تصريحات سابقة، إن التهرب الضريبي في البلاد يتراوح بين 3 و3.5 % من الدخل القومي. ونما الناتج المحلي الإجمالي للأردن بنسبة 2% خلال الربع الأول من العام الحالي مقارنة مع 3.2% لذات الفترة من العام الماضي.


اقرأ أيضاً: ضرائب الأردن تعمّق الفقر وتطرد المستثمرين

المساهمون