تونس وأوروبا... عودة حذرة لطاولة مفاوضات "الأليكا"

تونس وأوروبا... عودة حذرة لطاولة مفاوضات "الأليكا"

10 مايو 2018
القطاع الزراعي يتخوف من مفاوضات "الأليكا" (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
تستعد حكومة تونس إلى الدخول في جولة جديدة من المفاوضات حول اتفاق التبادل التجاري الحر مع الاتحاد الأوروبي "الأليكا"، بعد أن تعهّد رئيس الوزراء يوسف الشاهد في زيارته الأخيرة للبرلمان الأوروبي في بروكسل بتوقيع الاتفاق سنة 2019.
ورغم تطمينات الحكومة بالتطبيق التدريجي للاتفاق، تتقدم تونس خطوتين إلى الأمام وخطوة إلى الوراء نحو "الأليكا" خوفا من تداعياتها على قطاعات لم تبلغ بعد مرحلة النضج والقدرة على المنافسة.
ويعتبر فاعلون في قطاعات زراعية وخدماتية أن الدولة تستعجل إعادة هذه القطاعات تحت حماية الاتحاد الأوروبي، مؤكدين أنها تحتاج إلى ما لا يقل عن 10 سنوات لتكتسب القدرة التنافسية الكافية بمجابهة المد الأوروبي.
ويسعى الاتحاد الأوروبي إلى تمهيد المفاوضات عبر لقاءات مكثفة يعقدها ممثلوه هذه الأيام مع منظمات مدنية للتعريف بالآفاق الاقتصادية التي ستفتحها الاتفاقية للاقتصاد المحلي الذي يعاني من صعوبات في استعادة عافيته ورفع نسب النمو.
وأكدت المسؤولة عن التّعاون ببعثة الاتحاد الأوروبي بتونس صوفي فانيهفربك في تصريحات صحافية في منتصف أبريل/ نيسان الماضي أن المفاوضات ستستأنف بين تونس والاتحاد الاوروبي حول اتفاق التبادل الحر المعمّق والشّامل.
ويرى كبير المفاوضين حول ملف الأليكا وكاتب الدولة للتجارة الخارجية هشام بن أحمد أن الحكومة بصدد إعداد الملفات الفنية وتحديد القطاعات الجاهزة للدخول في الاتفاق، مؤكدا أنه لا مجال للمخاطرة بقطاعات هشة.



وأضاف بن أحمد في حديث لـ"العربي الجديد" أن إرجاء المفاوضات منذ سنة 2005 لم يمكن القطاعات المتخوفة من المنافسة من تأهيل نفسها، لافتا إلى أن تونس ستطالب خلال المفاوضات بمساعدة أوروبية تقنية ومالية للقطاعات التي تحتاج إلى رفع قدراتها التنافسية على غرار الزراعة وقطاعات خدماتية مثل التأمين.
وأكد المسؤول الحكومي أن حرية تنقل رأس المال البشري من أهم الشروط التي ستطالب بها تونس، مشددا على أنه لا تكافؤ دون ضمان حرية تنقل التونسيين في الفضاء الأوروبي.
وفي المقابل، دعت مكوّنات المجتمع المدني ومنظمات، على غرار منظمة المزارعين، الحكومة إلى الحذر بخصوص الوضع القائم على المستويين الوطني والدولي، والذي وصفته بـ"غير الملائم لخوض غمار مفاوضات حول اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمّق مع الاتحاد الأوروبي، خاصة أن الاقتصاد الوطني لا يزال هشا والوضع الاجتماعي على شفير الانفجار، في حين تواجه السياسات الدولية الداعية إلى الانفتاح انتقادات واسعة دفعت بعدد من الدول لاتباع سياسات حمائية".
وبالرغم من انقضاء أكثر من 22 عاما على توقيع تونس اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، إلا أن نحو 2% فقط من منتجاتها الزراعية والغذائية حصلت على شهادات المواصفات، ما يضعف قدراتها التنافسية في سوق تشدد القيود الصحية على الغذاء.
وحسب الخبير الاقتصادي مراد الحطاب فإن إرجاء الاتحاد سحب تونس من القوائم السوداء للدول المتهمة بتبييض الأموال إلى شهر نوفمبر/ تشرين الثاني القادم، ليس إلا شكلا من أشكال الضغط على الحكومة لقبول الشروط الأوروبية في اتفاق الأليكا.
وقال الحطاب في تصريح لـ"العربي الجديد" إن حكومة تونس في وضع صعب، مؤكدا أن ارتهان مبادلاتها التجارية للاتحاد الأوروبي وخاصة فرنسا جعلها تحت الضغط المتواصل والابتزاز سواء عبر التصنيفات المسيئة لسمعة تونس أو محاصرة صادراتها في الأسواق على غرار زيت الزيتون.
وتعاني تونس من عجز شبه متواصل في الميزان التجاري خلال السنوات الأخيرة. وكانت بيانات إحصائية رسمية قد أظهرت في وقت سابق أن عجز الميزان التجاري لتونس سجل خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2017 ارتفاعاً ملحوظاً، حتى بلغ 9.889 مليارات دينار (4.086 مليارات دولار). ونتج هذا العجز عن ارتفاع حجم الواردات إلى 31.654 مليار دينار(13.080 مليار دولار)، مقابل حجم صادرات بلغ 21.765 مليار دينار (8.993 مليارات دولار) فقط.
ومن جانبه، يرى الخبير الدولي في مجال التكنولوجيات الحديثة والاتصالات مصطفى المزغني أن القطاع الذي ينتمي إليه جاهز للمنافسة، مؤكدا أن الاتحاد الأوروبي سيستفيد من الكفاءات التونسية.
وبيّن المزغني في حديث لـ"العربي الجديد" أن قطاع الخدمات الإعلامية يمثل نسبة 7.2 % من الناتج المحلي الإجمالي و2 % من الصادرات التونسية، مؤكدا أن الشراكة مع الاتحاد الأوروبي سيسمح للشركات التونسية من النفاذ إلى أسواق أخرى خارج منطقة اليورو، بحكم توسع نشاطها أو اقتناء مساهمات في مؤسسات أوروبية.
ودعت دراسة، أعدتها منظمة "سوليدار تونس"، حول اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق بين تونس والاتحاد الأوروبي "الأليكا"، إلى ضرورة الانطلاق في تنفيذ هذا الاتفاق تدريجيا في كل قطاع على حدة.
وأشارت الدراسة من جهة أخرى إلى أهمية مراجعة التشريع المتعلقة بالصرف وتسهيل تحويل الأموال من قبل الشركات لفتح فروع أو لخلاص مستحقاتها، فضلا عن تحفيز القطاع والحفاظ عليه من خلال العمل بالوسائل التي يتم اعتمادها من قبل المؤسسات الأوروبية الناشطة في قطاع الخدمات الإعلامية.

المساهمون