الانفصال يهدد كردستان بحصار تجاري... والنفط الأكثر تضرراً

الانفصال يهدد كردستان بحصار تجاري... والنفط الأكثر تضرراً

24 سبتمبر 2017
تجارة كردستان تعتمد على السلع الواردة من الدول المجاورة(Getty)
+ الخط -
يهدد الانفصال الذي يلوح به إقليم كردستان العراق، بانهيار اقتصاد الإقليم، الذي ترتبط شرايينه بدول معارضة بشدة لهذه الخطوة مثل تركيا والعراق وإيران، وتعتبرها تهديدا لأمنها القومي، الأمر الذي يضع مسؤولي الإقليم أمام تداعيات صعبة، تتمثل في خنق النفط الذي ما يزال المورد الرئيسي لكردستان، فضلا عن حركة التجارة مع دول الجوار واستثماراتها في العديد من المجالات بالإقليم.

ويؤكد مراقبون أنّ إقدام حكومة كردستان العراق على استفتاء الانفصال بمثابة مغامرة غير محسوبة النتائج، قد تقوده للانعزال.

وتعتمد الخريطة الاقتصادية لإقليم كردستان، على تصدير النفط من خلال أنابيب ممتدة حتى ميناء جيهان التركي، كما أنّ تركيا تستثمر مبالغ تصل إلى 40 مليار دولار في الإقليم، موزعة على قطاعات مختلفة من بينها النفط والغاز والكهرباء والاتصالات والإسكان والبنى التحتية والتصدير اليومي لاحتياجات الإقليم الغذائية والقطاع المصرفي، ومن بينها ديون بنحو 8 مليارات دولار في ذمة حكومة كردستان.

ولإيران استثمارات تقدر بنحو 5.9 مليارات دولار في كردستان العراق، فضلا عن حركة التجارة الواسعة عبر المنافذ الحدودية المتعددة مع الإقليم، كما أنّ قطاع السياحة يعدّ من أساسيات اقتصاد كردستان الإقليم، ويعتمد عليه بشكل كبير وإغلاق الحدود التركية والإيرانية سيقضي على هذا القطاع بالكامل حسب خبراء.

ويقول مسؤول اقتصادي في كردستان، لـ "العربي الجديد"، إن "الإقليم يرتبط بمصالح دولية وإقليمية، ويعتمد بالدرجة الأولى في اقتصاده، على الدول المجاورة وبغداد"، مشيرا إلى أن تلويح تركيا وإيران بإغلاق الحدود، يعد مؤشرا خطيرا وتهديدا واضحا لمستقبل الإقليم.

ويوضح المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه لحساسية منصبه، "في حال أُغلقت الحدود مع الدولتين فسيكون الإقليم منعزلا عن العالم بشكل كامل، لا سيما أن الحدود مغلقة بالأساس مع سورية، وهو ما سيتسبب في حصار خانق ستكون له نتائج وخيمة جدّا لا يمكن تلافيها". ويضيف "بالتأكيد الإقليم لم يختر الظرف المناسب اقتصاديا وسياسيا لإطلاق هذا المشروع، كما أنّه لم يتخذ الإجراءات الوقائية له، ما يحتم التراجع عنه قبل فوات الأوان".

ويتابع "خطوة الاستفتاء وما لاقته من رفض في المنطقة كشف عن خطورتها، فالدول المرتبطة اقتصاديا بالإقليم وتحديدا تركيا وإيران، هما الأكثر رافضا للاستفتاء، ما يعني أنها ستوقف أي نشاط اقتصادي مع الإقليم، ورغم تضرّر الدولتين إلا أن ضررهما سيكون بسيطا قياسا بالضرر الخطير الذي قد يتسبب بانهيار اقتصادي في الإقليم وما يرافقه من تداعيات أخرى".

وبجانب الأضرار التجارية والاستثمارية، فإن الخطر الأكبر يحدق بصادرات النفط، التي تقدر وفق البيانات الرسمية بنحو 650 ألف برميل يوميا.

في المقابل، يرى اقتصاديون أنّ التوجه نحو الاستفتاء جاء لأسباب اقتصادية، وللضغط على الحكومة المركزية في بغداد والدول المجاورة.

لكن باسم جميل أنطوان، الخبير الاقتصادي بإقليم كردستان العراق، يؤكد أن "نمو الاقتصاد وازدهاره في كردستان العراق مرهون بالاستقرار الأمني والسياسي، وفي حال فقد ذلك سيبدأ بالتأثر والشح بالسلع والمواد، ويبدأ المواطن بالتقشف تخوفا من المستقبل المجهول، وهذا يؤدي الى انكماش الاقتصاد بشكل عام".

ويقول أنطوان، لـ "العربي الجديد"، إن "الانتكاسة الاقتصادية التي قد تحدث ليس بالسهولة تلافيها، إذ تحتاج الى إجراءات وقائية وتحصينية مطمئنة وغير مرعبة للمواطن".

ويضيف: "هناك استثمارات واسعة تخصصية في الإقليم، في ظل بيئة مطمئنة، ولكن عندما تهتز هذه المرتكزات سيهتز الاستثمار، ويحدث تباطؤ إن لم نقل توقفا كليا".

وكانت وزارة الخارجية العراقية قد أعلنت، يوم الخميس الماضي، أن العراق وإيران وتركيا اتفقت على دراسة إجراءات ضد إقليم كردستان العراق بسبب خطوات الانفصال.

وبحسب أحمد حمه، النائب عن الاتحاد الإسلامي الكردستاني، لـ"العربي الجديد"، فإن "الأزمة الأخيرة التي نجمت عن التوجه نحو إجراء الاستفتاء، ولدت أجواء من الترقب والخوف في الإقليم من نتائجها".

ويقول حمه: "اقتصاد كردستان أمام انهيار كبير، خصوصا أن الدول المجاورة والعراق تعاملا بشكل سلبي مع الإقليم"، مضيفاً أنه "في حال عدم الاستقلال، فإنّ حركة السوق والتجارة ستعود طبيعية، وستعود الأسواق لما كانت عليه".

وجاءت خطوة الاستفتاء، وفق ماجد الصوري، الخبير الاقتصادي بإقليم كردستان العراق، "للتغطية على قضايا اقتصادية وفساد مالي وإداري في كردستان والحكومة المركزية في بغداد".

ويوضح الصوري لـ "العربي الجديد"، أن "الأموال التي كانت تدخل إلى إقليم كردستان لا تذهب نحو التوجهات الصحيحة قانونيا، بل إن أغلبها تذهب إلى جيوب الفاسدين سواء كانت من أموال النفط الذي يصدّر من الإقليم أم من أموال الموازنة التي نسبتها 17%".

ويضيف أنّ "التوجه نحو الاستفتاء هو بالواقع جاء لتغطية الفساد والفشل الأخير خلال السنوات الأخيرة بإدارة الفساد، وبسبب الفساد المالي والإداري الذي بدأ يستوعب الكثير من الأموال عن طريق النفط أو المنافذ الحدودية أو الاستيلاء، على بعض الأموال وغيرها، لذلك فإنّ مشكلة التوتر أساسها اقتصادي".

ويتابع أن "الإقليم نتيجة استتباب الأمن فيه منذ عام 2003 كان جاذبا للاستثمارات الأجنبية، وهناك عشرات المليارات من الدولارات تم استثمارها خلال السنوات السابقة في قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات التجارية والإعمار والسياحة، بالإضافة إلى النفط، وعدم التمكن من استغلال كل هذه الإمكانيات طوال هذه السنوات واضح أن سببه سوء إدارة وفساد مالي وإداري وسيطرة بعض العوائل على اقتصاد الإقليم".

ويشير الصوري إلى أن الاستقلال أو الحكم الذاتي متاح للإقليم منذ سبعينات القرن الماضي، محذرا من أن "كردستان العراق حاليا هو إقليم مغلق، وفي حال حصل الاستقلال ستكون هناك توترات في الدول التي تضم أكرادا، ولن ترضى حكومات هذه الدول أن تكون موقع توتر عرقي أو سياسي أو اقتصادي".



المساهمون