توقعات متشائمة للأسهم الأميركية

توقعات متشائمة للأسهم الأميركية و"انتعاشه أبريل" غير مبررة

05 مايو 2020
متعامل في سوق وول ستريت (سبنسر بلات/ Getty)
+ الخط -


مع تجاوز عدد المصابين الأميركيين بفيروس كورونا 26 مليون شخص، يمثلون ثلث حالات الإصابة حول العالم، ووفاة ما يقرب من 70 ألفاً منهم، تزداد صورة الاقتصاد الأميركي، وتحديداً سوق الأسهم، تعقيداً، على الرغم من الارتفاعات التي شهدتها الأخيرة الشهر الماضي، وتزايد احتمالات فتح الاقتصاد أسرع مما كان متوقعاً. 

وخلال شهر إبريل/نيسان المنتهي، تجاهلت الأسهم الأميركية البيانات السيئة التي ظهرت وأوضحت انضمام أكثر من 30 مليون شخص إلى طالبي إعانات البطالة خلال الأسابيع الستة الأخيرة، بنسبة تقترب من 19% من القوى العاملة.

كما انكمش الاقتصاد خلال الربع الأول من العام بنسبة 4.8%، تمثل أسوأ معدل نمو له منذ احتدام الأزمة المالية العالمية في 2008 وتراجُع أرباح وإيرادات الأغلبية العظمى من الشركات الأميركية، لينهي مؤشر "أس آند بي 500" الشهر على ارتفاع بنسبة تتجاوز 12%، هي الأعلى منذ عام 1987.

وحسب محللين، فإن محاولات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والعديد من حكام الولايات، لاستئناف النشاط الاقتصادي، ثم توقعات التوصل إلى عقار للوباء القاتل، أعطت المستثمرين نفحة من الأمل، وسمحت بتعويض نسبة كبيرة من الخسائر الضخمة التي تكبدتها الأسهم اعتباراً من الأسبوع الأخير من فبراير/ شباط الماضي، وكانت أغلب التوقعات تشير إلى قصر عمر الانتعاشة التي حدثت، وأن الصورة الأشمل للأسهم الأميركية ما زالت شديدة القتامة.

وبعد أن تسبب الوباء القاتل والجهود المبذولة لاحتوائه، في إغلاق أغلب المصانع والمحال وتعطل الإنتاج وتسريح العمالة ووقف حركة التنقل والسفر، اعتبر محللون أنه لا يوجد سبب واضح لانطلاقة الأسهم القوية الشهر الماضي سوى اضطرار العديد من صناديق التحوط الضخمة إلى تغطية مراكزها المكشوفة، التي راهنوا بها على انخفاض أسعار الأسهم منذ بداية ظهور الفيروس، بعد أن بدا لهم أن الأسوأ في ما يخص الاقتصاد الأميركي وشركاته قد مضى.

ومن ناحية أخرى، لم تكن ارتفاعات الأسهم الأميركية بعيداً عن الدعم الحكومي، حيث أعلن جيروم باول، رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي، (البنك المركزي الأميركي)، تخصيص نحو 5 تريليونات من الدولارات لدعم سوق الأسهم وسندات الشركات الأميركية، وتوفير السيولة اللازمة للبنوك، كما مساعدة البنوك المركزية الكبرى.

وقال باول إن دعم الشركات المتضررة من تراجع الإيرادات والأرباح خلال فترة مكافحة انتشار الفيروس، مثل شركات الطيران وغيرها، سيكون من خلال تملك الحكومة الأميركية حصصاً في تلك الشركات، الأمر الذي مثل دعماً كبيراً لأسعار أسهم تلك الشركات، رغم وجود معارضين له، ممن رفضوا استخدام أموال دافعي الضرائب في إنقاذ الشركات الأميركية.

ورغم الارتفاعات الكبيرة للأسهم الأميركية خلال الشهر المنتهي، أكد الاقتصادي المصري الأميركي محمد العريان أنه ما زال عند رأيه أن الاقتصاد الأميركي سيتعرض خلال الفترة القادمة لأسوأ ركود اقتصادي منذ فترة الكساد الكبير الذي بدأ أواخر العشرينات من القرن الماضي.

وقال العريان في لقاء تلفزيوني إن "الركود الذي ستتعرض له الولايات المتحدة سيجعل ما شهدناه خلال الأزمة المالية العالمية في 2008 – 2009 يبدو وكأنه كان جرحاً بسيطاً".

وبالإضافة إلى نسب البطالة ونتائج الأعمال السلبية للعديد من الشركات التي تم الإعلان عنها خلال الفترة الماضية، أبى شهر إبريل/ نيسان أن يمضي قبل أن يرسل إشارة سلبية أخيرة، تمثلت في إعلان وزارة التجارة الأميركية الخميس عن تراجع الإنفاق الاستهلاكي، الذي كان له الدور الأبرز في استمرار الانتعاش الأميركي في أعقاب الأزمة المالية العالمية لما يقرب من 11 عاماً، بنسبة 7.5% خلال شهر مارس/آذار الماضي.
ومثل تراجع المؤشر، الذي يساهم بأكثر من ثلثي الناتج الإجمالي، أكبر نسبة تراجع له منذ بدء قياسه أواخر الخمسينات من القرن الماضي. ولا تزال التحليلات المتشائمة تتوالى على سوق الأسهم الأميركية، حيث أعلن المستثمر الأميركي الشهير وارن بافيت، الرئيس التنفيذي لمجموعة بركشاير هاثاواي، صاحبة الاستثمارات الضخمة في الشركات الأميركية، أنه لا يرى في الوقت الحالي أي فرص تثير شهيته للاستثمار في الأسهم الأميركية، مع استمرار الصورة القاتمة للاقتصاد والشركات في المستقبل القريب.

وفي المؤتمر السنوي لحاملي أسهم الشركة التي يديرها، والذي كان الحدث الأهم في سوق المال والأعمال الأميركية خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، قال إن شركته باعت كل استثماراتها في صناعة الطيران الأميركية، والتي تجاوزت قيمتها قبل نهاية العام الماضي أربعة مليارات دولار.

وأضاف الرجل، الذي يملك ثروة اقتربت العام الماضي من 90 مليار دولار، وضعته في المرتبة الرابعة بين أغنى أثرياء العالم، أن الشركة خسرت نحو 50 مليار دولار بسبب تداعيات أزمة انتشار الوباء، مضيفاً أنه يقدر شركات الطيران الأميركية، والدور الذي تلعبه في الاقتصاد، "إلا أن هناك أشياء تحدث أحياناً، رغم أن احتمالات حدوثها تكون ضعيفة جداً، ولهذا فإنها تتطلب تغييرا سريعا"، موضحاً أن "العالم تغير بالنسبة لشركات الطيران، ولا أعرف كيف تغير، وأتمنى أن توفق أوضاعها في أسرع وقت ممكن".

وأشار بافيت إلى أن أهم ما لاحظه خلال الفترة الماضية هو أن الشركات "تجمدت" تماماً، وأن شركته لم تتلق طلبات للحصول على استثمارات كما حدث خلال الأزمة المالية العالمية في 2008.

المساهمون