شركات عالمية توقف صفقات الغذاء مع إيران بسبب العقوبات

شركات عالمية توقف صفقات الغذاء مع إيران بسبب العقوبات

22 ديسمبر 2018
أزمة في استيراد الموادّ الغذائية رغم استثنائها من العقوبات(الأناضول)
+ الخط -
قالت مصادر في قطاع الصناعة والحكومة الإيرانية، إن شركتي كارجيل وبنجي وغيرهما من التجار العالميين، أوقفوا صفقات إمدادات الأغذية مع إيران لأن العقوبات الأميركية الجديدة أصابت الأنظمة المصرفية اللازمة لتأمين المدفوعات بالشلل.

والغذاء والأدوية وغيرهما من الإمدادات الإنسانية معفاة من العقوبات الأميركية، التي أعادت واشنطن فرضها هذا العام بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحابه من الاتفاق النووي، الذي أبرمته طهران مع قوى عالمية عام 2015.

لكن العقوبات الأميركية التي تستهدف كل شيء من مبيعات النفط إلى الشحن والأنشطة المالية، صرفت الكثير من البنوك الأجنبية عن القيام بأعمال مع إيران، بما في ذلك الصفقات الإنسانية. ورغم تعاملاتها السابقة مع إيران في ظل جولات العقوبات السابقة، أوقفت الكثير من البنوك الصغيرة تعاملاتها معها هذه المرّة.

وقال مصدر أوروبي مطّلع على الوضع، طلب عدم نشر اسمه: "ليست هناك فرصة حقيقية في الحصول على المال، باستخدام الآليات المطبقة حالياً، وكثير من التجار الدوليين عاجزون عن القيام بصفقات جديدة في الوقت الحالي".

وذكرت مصادر تجارية غربية وإيرانية، أن مجموعتي كارجيل وبنجي الأميركيتين وأولام السنغافورية، من بين الشركات التي لم تتمكن من إبرام صفقات تصدير جديدة للقمح والذرة والسكر الخام وغيرها من السلع، لأن البنوك الغربية لا يمكنها تحويل مدفوعات الصفقات مع إيران.

وبدأ سريان العقوبات الأميركية بشكل كامل في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني، غير أن واشنطن أعفت بشكل مؤقت بعض حلفائها الذين يعتمدون على واردات النفط الإيراني.

وتعتمد إيران كثيرا على الموادّ الغذائية الأساسية المستوردة، ولديها سنوات من الخبرة في الالتفاف على العقوبات الأميركية والغربية الأخرى، التي أصبحت أكثر صرامة تدريجيا بين عامي 2012 و2015، إلى أن توصلت الجمهورية الإسلامية لاتفاق بشأن برنامجها النووي، وتم رفع عقوبات كثيرة عام 2016 بعد إبرام الاتفاق.
وفي ظل جولات العقوبات السابقة، لجأت إيران إلى عدد قليل من البنوك الأجنبية التي ظلت تعمل بمثابة همزة وصل للمدفوعات، في سبيل استمرار واردات الغذاء وأشكال أخرى من التجارة، لكن الكثير من هذه القنوات المتمثلة في البنوك الأجنبية أغلقت في ظل هذه الجولة.

وقال ثلاثة مسؤولين إيرانيين لوكالة "رويترز"، إن مسائل مصرفية هي السبب في وقف تجارة الأغذية وغيرها.

وقال مسؤول في قطاع الصناعة والتعدين والتجارة في إيران، إن "حفنة من البنوك الأوروبية الصغيرة" التي ليست لها تعاملات تذكر مع الولايات المتحدة، ما زالت تعمل مع إيران ولا تتعامل إلا في صفقات على نطاق ضيق.

وأضاف المسؤول: "نجري محادثات مع الأوروبيين لتوسيع هذه الشبكة من البنوك والمؤسسات المالية، لكن شركات كثيرة بينها كارجيل وبنجي أبلغتنا في الوقت الحالي بوجود صعوبات (مصرفية) ستجبرها على وقف تعاملاتها مع إيران".

وفي مايو/ أيار، قال بنك التجارة والاستثمار السويسري، وكان يشارك في صفقات لها علاقة بالأمور الإنسانية، إنه علّق كل التعاملات الجديدة مع إيران.


وأدرجت واشنطن البنك التجاري الأوروبي الإيراني، ومقرّه ألمانيا، على قائمة سوداء في نوفمبر/ تشرين الثاني، لتغلق بذلك مؤسسة قالت مصادر مالية إنها تعاملت مع إيران على نطاق محدود بين عامي 2012 و2016.

وفي يونيو/ حزيران، قال أوبر بنك النمساوي، أحد أوائل البنوك الأوروبية التي تتوصل لاتفاق على تعاملات جديدة مع إيران، إنه أوقف تعاملاته معها، وحذت بنوك أخرى حذوه بما في ذلك بنك دانسكه الدنماركي وبنك دي.زد الألماني.

وقال بنك "كيه.بي.سي" البلجيكي في يونيو/ حزيران، إنه سيقصر التحويلات الخاصة بإيران على التجارة الإنسانية، ولم يكشف البنك عما إذا كان سيواصل تحويل هذه المدفوعات عندما سألته "رويترز" عن ذلك هذا الشهر، لكنه قال إنه "يراجع سياسته بوتيرة منتظمة في ظل الاحترام الكامل لكل القوانين ذات الصلة".

وقال بنك "إيه.بي.إن أمرو" الهولندي، إنه قام بتسهيل تحويلات لها علاقة بالغذاء والرعاية الصحية والمعدّات الطبّية والزراعة على نطاق محدود ومع زبائن محددين. لكنه قال لـ"رويترز" أيضا، إن "الإجراءات التقييدية الأخيرة على البنوك الإيرانية تمثل تحديا".

حذر مصرفي

قال مصرفيون، إن الأسهل على الكثير من البنوك الأجنبية إنهاء أي نشاط إيراني، بدلا من محاولة الخوض في القواعد الخاصة بالعقوبات الأميركية، والمخاطرة بارتكاب خطأ ومواجهة جزاءات.

وقال مصدر أوروبي في القطاع المالي شارك في السابق في معاملات إيرانية، إن "هناك حذرا كبيرا الآن". وأضاف أن القواعد التي تخص الأغذية والتعاملات الإنسانية الأخرى معقدة.

وتابع المصدر قائلا: "مثلا إذا تم شحن البضائع إلى موزع إيراني، يبيعها بدوره لكن ليس مباشرة لمشتر نهائي، فإن البنوك ستعتبر على نحو متزايد أن مثل هذه العملية تجارية وليست إنسانية".

وقال متحدث باسم وزارة الخزانة الأميركية، إن واشنطن قدمت تصاريح واستثناءات واسعة من العقوبات، سمحت ببيع أميركيين وغير أميركيين سلعا زراعية أساسية وأغذية وأدوية ومعدات طبّية لإيران.

وقال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين في نوفمبر/ تشرين الثاني، إن من الممكن استخدام خدمة سويفت، ومقرها بلجيكا، في الصفقات الإنسانية، لكنه أضاف أن "على البنوك توخي الحذر الشديد من أن هذه ليست معاملات خفية وإلا فقد تكون معرّضة لعقوبات معينة".

وقال الاتحاد الأوروبي، الموقع على الاتفاق النووي الذي حثّ واشنطن على عدم الانسحاب منه، إن جهوده لوضع آلية لتسهيل التجارة والالتفاف على العقوبات الأميركية قد تؤتي ثمارها بحلول نهاية العام.

وقال دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي، إن الآلية قد تركز على السلع الإنسانية لا تجارة النفط، وتعمل سويسرا أيضا على قناة مدفوعات للأغراض الإنسانية، لكنها لم تحدد إطارا زمنيا للأمر، ومع ذلك ما زالت البنوك على حذر.

وقال مصدر أوروبي آخر له أنشطة تجارية في إيران: "حتى الصفقات التي تم إبرامها بالفعل في وقت سابق من هذا العام تأثرت، وحتى السفن التي تنقل بضائع لا تستطيع تفريغ شحناتها لأنه لا يمكن إجراء المعاملات الخاصة بالمدفوعات، أو لأن الأمر يستغرق وقتا طويلا".

وأظهرت بيانات من يوم 21 ديسمبر/ كانون الأول على منصة معلومات الشحن (مارين ترافيك)، أن 16 سفينة تنتظر لإفراغ حمولتها من السلع الأساسية والبضائع، التي تشمل موادّ غذائية، منذ أسبوعين على الأقل عند ميناءي بندر عباس وبندر الإمام الخميني في إيران. وتنتظر أربع من هذه السفن منذ أكتوبر/ تشرين الأول.

وتقول واشنطن إن عقوباتها جزء من مسعى، لإجبار إيران على كبح برامجها النووية والصاروخية، وأيضا لإنهاء دعم طهران لقوى في اليمن وسوريا ولبنان، ومناطق أخرى في الشرق الأوسط.

وتصرّ إيران على أنّ برنامجها النووي يقتصر على الأغراض السلمية، وأنّ صواريخها دفاعية. وتلقي باللوم أيضا على ما تصفه بالتدخل الأميركي في الاضطراب بالشرق الأوسط.



(رويترز)

المساهمون