الاستثمار وأسواق المال تحت مرمى حرب الناقلات بالخليج

الاستثمار وأسواق المال العالمية تحت مرمى حرب الناقلات بالخليج

16 يونيو 2019
مخاوف من إشعال مضيق هرمز لحرب في الخليج (Getty)
+ الخط -


يسيطر القلق والخوف من مخاطر حروب الناقلات النفطية في منطقة الخليج على أسواق المال العالمية والخليجية ليحاصر المستثمرين في أنحاء العالم.

ويتزايد هذا القلق والخوف من المستقبل الذي يخيم على عالم المال مع حروب التجارة والتوترات الجيوسياسية في كل من آسيا وأميركا اللاتينية، حيث لم تتمكن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حتى الآن من نزع فتيل الأزمة النووية في كوريا الشمالية.

كما تتواصل الحرب التي يشنها التحالف السعودي الإماراتي في اليمن والتي تهدد منشآت النفط السعودية والمرور الآمن للسفن النفطية في خليج عدن، وهناك مخاطر أمن البحر الأحمر في حال صعود مليشيا الجنجويد للحكم في السودان، واحتمال اندلاع حرب أهلية في فنزويلا. 
ورغم الحديث عن إنشاء قوة دولية لحماية السفن العابرة لمضيق هرمز الذي يشكل أهمية للتجارة الدولية خاصة النفط، يرى رئيس شركة "جي بي أس" الأميركية، يوهانس بنجيني في تعليقات لقناة "سي أن بي سي"، أنه لا يمكن حماية السفن من هجوم بحري خارج رصد الرادار".

من جانبها ترى مجموعة "بي أن سي منجمنت" الأميركية، أن مخاطر الاستثمار تتزايد تبعاً لتزايد احتمال حدوث عمل إرهابي أو حدوث نزاع تجاري في أسواق المال، ولكنها تأمل أن لا يستمر ذلك طويلاً.
وحتى الآن لم تحدث اضطرابات كبيرة في أسواق المال العالمية بسبب وضع المستثمرين في الأسواق المالية، في الحسبان تداعيات التوتر العسكري بين أميركا وإيران منذ فترة، على الرغم من ضخامة حجم تجارة النفط في البورصات العالمية والمقدرة سنوياً بنحو 1.7 ترليون دولار ووتداعيات تجارة التأمين على الناقلات النفطية في أسواق المال.

والحرب ترفع كلف التأمين المختلفة، فهنالك تأمين على السفن وتامين على الشحنات النفطية والتجارية وهنالك تأمين على سندات الدين التي تصدرها الدول الخليجية، خاصة السعودية والأمارات طرفي الحرب في اليمن وفي إيران. 

ولكن ورغم هذه الاستجابة الضعيفة يعتقد خبراء نفط، أنه في حال حدوث هجوم آخر على ناقلة نفط في مياه الخليج، فإن الأسواق ستبدأ في الاستجابة وبدرجة كبيرة لهذا المهدد الجديد للاستثمار.

ولا تقتصر مخاوف أسواق المال العالمية فقط على تداعيات تجارة النفط في أسواق المال واحتمال قطع الإمدادات النفطية للاقتصادات الكبرى في آسيا، ولكنها تمتد لتشمل مخاطر نشوب حرب بين إيران وأميركا على اقتصادات المنطقة العربية، وإلى انهيار أسهم شركات التأمين العالمية، وضرب تدفق الاستثمار بالمنطقة العربية.
وحتى الآن ارتفعت كلفة التأمين على مخاطر الحرب على الناقلات التجارية الضخمة في سوق لندن إلى 185 ألف دولار، وهو ما يمثل ارتفاعاً بنحو 50 ألف دولار. وذلك  في كل مرة تمر بها السفينة بمضيق هرمز. وذلك حسب تقديرات خبراء على علم بالتأمين في لندن لوكالة "بلومبيرغ". وهي كلفة جعلت بعض الشركات تتردد في تأجير سفنها لنقل شحنات تمر عبر مضيق هرمز. حيث باتت تتخوف من تكبد خسائر من عمليات النقل تفوق ما تجنيه من أرباح.

وتتراوح قيمة السفن الضخمة المؤمن عليها بين 30 و50 مليون دولار، وذلك عدا الشحنة النفطية التي تصل في أحيان إلى أكثر 700 ألف برميل.

في هذا الصدد، يرى خبير الاقتصاد العالمي بوحدة "إيكونومست انتيلجينس يونت" البريطانية، كالين بيرش، في تعليقات لصحيفة "ذا غارديان البريطانية"، أن استجابة الأسواق وبورصات المنطقة العربية، حتى الآن كانت ضعيفة بسبب توقعاتها لحدوث مثل هذه الهجمات. ولكن في حال حدوث هجمات جديدة، فإن التهديد قد يصل إلى مخاوف اندلاع حرب بالمنطقة. 

وتعرضت ناقلتان تابعتان لشركتين، نرويجية ويابانية، يوم الخميس الماضي، لهجوم بخليج عمان قبالة ساحل إيران. وهذا هو الحادث الثاني الذي تتعرض له ناقلات النفط في خليج عمان خلال شهر. 

وحتى الآن تتهم الولايات المتحدة طهران بتنفيذ الهجوم، فيما ترفض إيران هذا الاتهام وتقول إن لا علاقة لها بالحادث.

من جانبه، يرى رئيس وحدة النفط بوكالة الطاقة العالمية، نيل أتكنسون، في تعليقات لقناة "سي أن بي سي" الأميركية، أن هذه المخاطر تهدد تجارة النفط العالمية التي يقدر حجمها بنحو 1.7 ترليون دولار سنوياً، وأي تصعيد في حرب الناقلات سيهدد إمدادات النفط، وبالتالي ينعكس مباشرة على الأسواق العالمية.


لكن يتفاوت حجم تأثر الاقتصادات وأسواق المال العالمية من سوق إلى آخر، حيث ستكون أسواق الطاقة والمال في آسيا الأكثر تأثراً باضطراب الإمدادات، تليها الأسواق الأوروبية التي تعتمد بدرجة أقل على إمدادات النفط من المنطقة العربية. 

ويلاحظ أن معظم المواصلات ووسائل النقل التجاري في العالم تعتمد بدرجة رئيسية على الوقود النفطي، على الرغم مما حدث من تطور في الطاقة المتجددة خاصة النووية والشمسية والرياح.

وبالتالي، فإن قطع الإمدادات النفطية في حال تطور التوتر العسكري إلى حرب، ستكون لها آثار مباشرة على النمو الاقتصادي في آسيا، لكن خبراء يرون أن أسواق الولايات المتحدة ستكون إلى حد ما آمنة من التأثير بسبب الإمدادات الكافية التي تجدها من إنتاج النفط الصخري الأميركي والنفط الكندي والمكسيكي.

في هذا الصدد يقول وزير الطاقة الأميركي السابق ريك بيري، الذي يتهم طهران بالهجوم على الناقلات في الخليج، إن "إيران تحاول الضغط على أميركا عبر إحداث اضطراب في سوق الطاقة العالمي التي تحاصرها نفطياً وتجارياً، ولكن طهران لا تدرك أن هنالك متغيرات في سوق الطاقة وإنتاجها تحمي الولايات المتحدة من اضطراب الإمدادات بسبب ثورة النفط الصخري".
وحسب بيانات وكالة الطاقة العالمية فإن معظم إمدادات الطاقة التي تعبر خليج هرمز والمقدرة بنحو 17.5 مليون برميل يومياً في المتوسط، تتجه إلى أسواق آسيا وجزء قليل منها إلى أوروبا. وهنالك نحو 4.5 ملايين برميل يومياً تمر عبر خليج عدن.

على صعيد مخاطر حرب الناقلات على أسعار النفط، حتى الآن تتوقع الوكالة أن تراوح أسعار النفط خلال العام الجاري بين 60 و70 دولاراً للبرميل، وحتى بعد الهجوم على الناقلتين، ولكن في حال تزايد الهجمات وتهديدها برفع التوتر العسكري إلى احتمال الحرب، فلا يستبعد محللون دوليون أن تصل الأسعار إلى 80 دولاراً للبرميل.