الانفصال يدفع تركيا للضغط على كردستان بالعقوبات الاقتصادية

تركيا تضغط على كردستان بالعقوبات الاقتصادية... والأضرار تلاحق أنقرة أيضاً

25 سبتمبر 2017
السلع التركية الأكثر حضوراً في أسواق كردستان العراق (Getty)
+ الخط -

تحوّل ملف العلاقات التجارية والاقتصادية التركية مع إقليم كردستان العراق، إلى أحد أهم الملفات بعد تصاعد التوتر بسبب إصرار أربيل على المضي في خطوات الانفصال عن العراق، وسط تلويح أنقرة بتطبيق عقوبات اقتصادية على الإقليم، الأمر الذي لن تتوقف تبعاته على كردستان فحسب، بل قد تكون مؤلمة لأنقرة أيضاً، والتي ستخسر الطريق البري الوحيد لأهم وجهات صادراتها.

فعلى الرغم من انخفاض الصادرات التركية إلى العراق إلى نصف ما كانت عليه قبل ظهور تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" عام 2014، إلا أن العراق ما زال واحداً من أهم الأسواق بالنسبة لتركيا، والتي وصلت صادراتها للسوق العراقية عام 2015 إلى نحو 7.63 مليارات دولار جرى معظمها عبر إقليم كردستان، بينما بلغت وارداتها نحو 863 مليون دولار.

ويبدو الوجود التجاري التركي في الإقليم أكثر وضوحاً مقارنة مع أي من الدول الجوار، فالعلامات التجارية التركية منتشرة في كافة أرجاء كردستان، بدءاً من مراكز التسوق ووصولاً إلى مشاريع الإسكان ومتاجر الأثاث والسلع التجارية والاستهلاكية، بينما تدير الشركات التركية أعمالاً في مجموعة واسعة من القطاعات، منها الخدمات المصرفية والمالية، واستخراج النفط والغاز، إذ قامت هذه الشركات، والتي يقدر عددها بنحو 1300 شركة، ببناء معظم مشاريع البنية التحتية بما في ذلك مطار أربيل الذي بلغت تكلفته 550 مليون دولار.

ومن بين السيناريوهات المطروحة على طاولة الحكومة التركية للتعامل مع إصرار الإقليم على الانفصال، تقييد الحركة عبر المعابر الحدودية وبالذات معبر خابور الذي يعتبر الشريان الحيوي لأربيل، ولكن يرى مراقبون أنه لن يصل إلى حد إغلاق الحدود، بل سيهدف إلى رفع أسعار السلع لا أكثر.

لكن في المقابل، يعتبر الإقليم أحد أهم وجهات الصادرات للشركات التركية العاملة في جنوب وجنوب شرق تركيا، ومن بين هذه الشركات شركة كادأوغلو القابضة التي تتخذ من مدينة غازي عنتاب مركزاً لها، وتدير خمس محطات وقود في كل من زاخو وأربيل ودهوك والسليمانية في كردستان، إضافة إلى كونها أحد أهم موردي السلع الغذائية للإقليم من تركيا.

ويقول مدير الشركة، تاركان كادأوغلو لـ"العربي الجديد": "في حال استمر التوتر، فإن الشركات التركية ستضطر للخروج بشكل نهائي من الإقليم، ما سيعني خسارة مليارات الدولارات من فرص الاستثمار والتصدير".

وبحسب أمين طه، رئيس مجلس شركة طه للنقل، والتي تعمل في مجال النقل إلى أراضي الإقليم، فإن الوضع الحالي بفترة انتظار، موضحاً أن "بعض الشركات أوقفت أعمالها، ولكن في حال انتهاء التوتر فإنها ستعود مباشرة".

من ناحية أخرى تبدو الأراضي التركي المنفذ الوحيد لنفط الإقليم نحو الخارج، عبر الأنابيب التي تصل بين حقول النفط في كركوك أو الإقليم بميناء جيهان التركي.

ومن بين العقوبات التركية المطروحة التضييق على تصدير نفط الإقليم، وعدم تحويل أنقرة لمستحقات التصدير، بينما يعتمد كردستان العراق على هذا المورد بشكل كبير في تدبير احتياجاته المالية.

ولكن بحسب مراقبين، فإن استخدام هذا السلاح يبدو بحدين، لأن استخدامه من قبل الإدارة التركية سيكون بمثابة ضربة كبيرة للثقة بأنقرة التي تحاول تقديم نفسها كمعبر عالمي للغاز والنفط من وسط آسيا وروسيا والشرق الأوسط نحو كبار مستهلكيه في أوروبا.

كذلك ترتبط أنقرة وأربيل باتفاقيات "سرية" تم توقيعها في 2013 في مجال النفط، ولم يتم الكشف عن جميع تفاصيلها، ومنحت الحق لشركة نفط تركية في 12 قطعة استكشاف، 6 منها مع إكسون موبيل مقابل بناء خط أنابيب لنقل نفط وغاز الإقليم لميناء جيهان التركي.

كذلك أعلن رئيس حكومة الإقليم، نيجرفان بارزاني، بأن تركيا وقعت اتفاقاً مع حكومته لمدة خمسين عاماً لتصدير النفط الكردي، وبالتالي فإن حصار الإقليم قد يسبب خسارة النفوذ التركي في ثروات كردستان، الأمر الذي يبدو أنه سيخلق فراغاً لن تتورع بعض الدول عن محاولة الاستفادة منه.

وأمام كل هذه المصالح لايبدو بأن أمر استخدام تركيا لورقة الحصار الاقتصادي أمرا سهلا، ولا يمكن أن تمعن أنقرة في حصار الأقليم إلا بتوافق مع الحكومة المركزية العراقية وبغداد، وضمن حدود معينة تزيد الضغط ولا تقطع شعرة معاوية.

المساهمون