تهديد استقلالية "الفيدرالي": ترامب يبحث إطاحة باول وقلق بالأسواق

تهديد استقلالية "الفيدرالي الأميركي": ترامب يبحث إطاحة باول وسط قلق الأسواق المضطربة

23 ديسمبر 2018
انخفاض حاد للأسهم الأميركية (Getty)
+ الخط -
لأول مرة في أميركا يتم الحديث عن احتمال إقالة دونالد ترامب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (محافظ البنك المركزي الأميركي)، وهو ما اعتبروه كثيرون مساساً باستقلالية المؤسسة النقدية.

ويأتي هذا الاحتمال المفاجئ وسط غموض قانوني في ما يتعلق بإمكانية إقالة ترامب محافظ البنك المركزي جيروم باول التي لو حدثت ستدفع نحو مزيد من الاضطراب في أسواق المال الأميركية والعالمية.

ورغم نفيه اتخاذ أي إجراء تمهيدي لإقالة محافظ المركزي، يبدو أن غضب الرئيس الأميركي دونالد ترامب على قرار رفع معدّلات الفائدة والذي وصفه بأنه أمر فظيع، أخذ منحى آخر في ظل الخلافات المحتدمة بين البيت الأبيض والمركزي الأميركي خلال الفترة الأخيرة.

وقال مصدران مطلعان إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ناقش سرا إمكانية إقالة رئيس مجلس الاحتياطي جيروم باول، في خطوة قد تهز الأسواق المالية المضطربة بالفعل.

وذكر المصدران، وفقا لوكالة "رويترز" اليوم الأحد، أنهما لا يتوقعان أن يقيل ترامب باول، رغم اعتراض الرئيس الأميركي في السر والعلن على قرار رفع البنك المركزي لأسعار الفائدة وانتقاداته المتكررة لرئيس الاحتياطي الفيدرالي الذي عينه هو شخصيا.

ويسمح قانون مجلس الاحتياطي الاتحادي للرئيس الأميركي بإقالة عضو في مجلس إدارة البنك "لسبب"، لكن استياء ترامب من رفع المجلس أسعار الفائدة لا يفي بهذا الشرط على الأرجح. غير أن القانون لم يختبر في إقالة رئيس مجلس إدارة المجلس (المحافظ)، إذ إن القواعد المتعلقة بهذه المسألة غامضة من الناحية القانونية.

ورفض الاحتياطي الفيدرالي التعليق على هذه المعلومات أو توضيح ما إذا كانت خطوة من هذا النوع تستند إلى أساس قانوني.

وحتى الآن، لم يتوصل البيت الأبيض إلى قرار قانوني نهائي بشأن سلطة ترامب لإقالة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الذي رشحه قبل عام.

ونقلت شبكة "سي إن إن" الإخبارية عن مصدرين مطلعين أن ترامب بدأ باستطلاع آراء مستشاريه حول قانونية إجراء من هذا القبيل.

ومن جانبه سعى وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين لتخفيف حدة توتر الأسواق المالية، حيث قال في تغريدة على تويتر في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، إنه تحدث مع الرئيس ترامب الذي قال له ما يلي: "أنا لا أوافق بتاتا على سياسة الاحتياطي الفيدرالي.

أعتقد أن رفع معدّلات الفائدة أمر فظيع في هذه الفترة، لا سيما في ضوء المفاوضات التجارية المهمة الجارية، لكنني لم أقترح يوما صرف باول ولا أظنني أملك الحق في القيام بذلك".

وأي محاولة لإزاحة رئيس مجلس الاحتياطي ستكون غير مسبوقة في تاريخ مجلس الاحتياطي، وتعتبر هجوما على استقلالية البنك المركزي الأميركي التي تهدف إلى النأي به عن أي اعتبارات سياسية، ومن المرجح أن ينال بقوة من الأسواق المالية في العالم، حسب مراقبين.

وهاجم ترامب، باول الذي نُصّب رئيسا لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في أوائل فبراير/ شباط الماضي، والمجلس مرارا، لرفعهما سعر الفائدة وتكلفة الاقتراض العام الجاري لا سيما مع هبوط أسعار الأسهم في أسواق وول ستريت، فيما بدأت عائدات سندات الخزانة تشير لركود محتمل في المستقبل.

ويعتبر الفيدرالي الأميركي من أكبر المؤسسات المالية وزنا في العالم من حيث القوة والتأثير من خلال سياساته النقدية، حيث يتم متابعة قراراته بصورة تفصيلية من قبل كل المستثمرين حول العالم، وتعد قراراته مؤشرا لأسعار الفائدة والصرف لدى كل البنوك المركزية العالمية.

وشهدت بورصة نيويورك وول ستريت الجمعة الماضية، أسوأ انخفاض أسبوعي للأسهم فيها منذ الأزمة المالية عام 2008 إثر إعلان المصرف المركزي عن رفع معدّل الفائدة، والتهديد بتعطيل جزء من الإدارات الفيدرالية عن العمل بسبب عدم التوصل إلى اتفاق بشأن ميزانية الدولة، فضلا عن مخاوف من تباطؤ الاقتصاد في الولايات المتحدة.

وأنهى مؤشر داو جونز الصناعي جلسة التداول منخفضا 414.23 نقطة، أو 1.81 %، إلى 22445.37 نقطة في حين هبط المؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأوسع نطاقا 50.84 نقطة، أو 2.06 %، ليغلق عند 2416.58 نقطة. وأغلق المؤشر ناسداك المجمع منخفضا 195.41 نقطة، أو 2.99 %، إلى 6333.00 نقطة.

وأغلقت المؤشرات الثلاثة الأسبوع الماضي على خسائر حادة مع هبوط ناسداك 8.36 % وستاندرد آند بورز 7.05 % وداو جونز 6.87 %. وهذا هو أكبر هبوط أسبوعي للمؤشر ستاندرد آند بورز منذ أغسطس/ آب 2008 في حين سجل داو جونز أكبر هبوط أسبوعي منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2008. وسجل ناسداك أكبر خسارة أسبوعية منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2008.

ولم يكتف ترامب بخلافاته في الملف الاقتصادي مع محافظ المركزي، بل تخطاه إلى خلافات مع الكونغرس حول قانون للإنفاق الفيدرالي ما دفع ترامب إلى إلغاء عطلات لمتابعة الأوضاع عن قرب.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز، أول من أمس، إن الرئيس دونالد ترامب سيبقى في واشنطن خلال عيد الميلاد بسبب إغلاق الحكومة. وكان من المقرر أن يسافر ترامب إلى فلوريدا مع أسرته لقضاء عطلات نهاية العام.

وأرجأ مجلس الشيوخ الأميركي المفاوضات الرامية لإقرار قانون للإنفاق الفيدرالي، إلى ما بعد عيد الميلاد، ما يعني أنّ الإغلاق الجزئي للحكومة باقٍ حتى الخميس المقبل على أقلّ تقدير وسط استمرار الخلاف بين الكونغرس وترامب حول تخصيص أموال لبناء جدار على الحدود مع المكسيك.

وقال زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل إنّ "المجلس سيعقد جلسة شكلية اليوم الاثنين، وستكون الجلسة التالية يوم 27 ديسمبر/ كانون الأول الجاري".

ويصرّ ترامب على تخصيص خمسة مليارات دولار لبناء جدار عند الحدود مع المكسيك بهدف منع الهجرة غير الشرعية، وهو ما يرفضه الديمقراطيون الذين يعارضون بشدة هذا المطلب.

المساهمون