فاتورة استيراد الوقود تجبر الجزائر على التوجه للغاز والشمس

فاتورة استيراد الوقود تجبر الجزائر على التوجه للغاز والشمس

15 ابريل 2018
زيادة أسعار الوقود لم تقلص الاستهلاك (فرانس برس)
+ الخط -
فرضت كلفة استيراد المنتجات البترولية، على الحكومة الجزائرية، ضرورة البحث عن بدائل عبر توسيع قاعدة استهلاك الغاز الطبيعي وإنشاء مشروعات للطاقة المتجددة، بينما لا تزال الأرقام تشير إلى تواضع نتائج هذه البدائل، في حين تشهد موازنة البلاد ضغوطاً جراء انكماش إيردات تصدير النفط الخام.
ولم تؤثر الزيادات التي مست أسعار الوقود على وتيرة استهلاك هذه المادة بشكل كبير، رغم مراهنة الحكومة على رفع الضريبة والرسوم المفروضة على الوقود، للمرة الثالثة في ظرف 3 سنوات.

ووفق أرقام نشرتها الشركة الجزائرية لتسويق وتوزيع المنتجات النفطية (نفطال) الحكومية في وقت سابق من العام الجاري 2018، فإن الاستهلاك الإجمالي لجميع أصناف الوقود شهد تراجعا طفيفا بلغت نسبته 1.4% خلال 2017 ليبلغ حوالي 14.68 مليون طن، مقارنة بنحو 14.94 مليون طن في 2016.
وفي ظل هذه النتائج، يبدو أن رهان الحكومة على استبدال وقود السيارات التقليدي بالغاز الطبيعي، سيأخذ حيزا أكبر من الاهتمام، خاصة بعد أن وصلت فاتورة استيراد المحروقات إلى 1.58 مليار دولار في 2017.

وقال مدير سلطة ضبط الطاقة، مصطفى حوغلاون، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد" : "نهدف إلى تحويل 500 ألف سيارة للعمل بالغاز بين 2018 و2020، بينما عدد السيارات العاملة حاليا به يبلغ قرابة 300 ألف سيارة".
وأضاف حوغلاون: "نهدف إلى الوصول إلى مليون سيارة في أفق سنة 2024، فالحكومة تشجع على استعمال غاز السيارات عبر دعم عملية تركيب قوارير غاز بنصف الكلفة، أي 35 ألف دينار (307 دولارات)، فقد خصصت نحو 50 مليون دولار لدعم عملية التحول"، لافتا إلى أن توسيع قاعدة السيارات العاملة بالغاز، سيسمح للجزائر مستقبلا بتقليص فاتورة استيراد الوقود بحوالي الثلث.

وبدأ تحويل السيارات لتعمل بالغاز بدلا من البنزين مطلع عام 1980، لكن تلك العملية لم تشهد إقبالا بسبب انخفاض سعر الوقود طوال الفترة الماضية، وتعمل مؤسستا "نفطال" و"غزال" الحكوميتان على تحويل السيارات التي تعمل بالبنزين إلى الغاز المسال.
وبعد تزايد الطلب على الغاز جراء ارتفاع أسعار الوقود، قررت الشركتان منح رخص للقطاع الخاص لفتح ورش تحت إشرافها، لتحقيق الهدف الذي وضعته الجزائر وهو تحويل مليون سيارة للسير بالغاز خلال الفترة من 2017 وحتى 2020.
ورفضت الحكومة رفع سعر غاز السيارات الذي لا يتعدى 9 دنانير (0.08 دولار) للتر الواحد، رغم إقدامها على رفع أسعار الوقود ثلاث مرات في السنوات الثلاث الأخيرة والذي فاق سعره 30 دينارا للتر الواحد (0.29 دولار)، في خطوة لدفع المواطنين للتوجه نحو استعمال غاز السيارات.

وقال الخبير في مجال الطاقة بوزيان مهماه لـ"العربي الجديد" إن تحول الجزائريين من استعمال الوقود إلى استعمال غاز السيارات يعتبر أمرا منطقيا فرضته الظروف العسيرة التي يمر بها المواطن.
ويبقى الإشكال، حسب مهماه، في ضعف أو غياب التسويق الحكومي لهذه الطاقة، بالرغم من أنها (الحكومة) تراهن مستقبلا عليها كبديل عن الوقود العادي الذي بات يكلف الخزينة العامة فاتورة كبيرة جراء استيراده من إسبانيا وفرنسا، في ظل محدودية القدرة التكريرية للنفط في الجزائر.

أما حول ما يستفيد منه صاحب السيارة من استعمال غاز السيارات، فيقول مهماه إنه سيوفر قرابة 110 آلاف دينار (ألف دولار) عند قطع مسافة 100 ألف كيلومتر إذا استعمل الغاز بدلا من البنزين، دون احتساب ما سيوفره من مصاريف تغيير بعض قطع الغيار كمصفيات البنزين.
ولا يقتصر الأمر على اللجوء للغاز الطبيعي في تسيير المركبات، وإنما تتجه الحكومة نحو الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء، لاسيما بعد أن تضاعف استهلاكها في السنوات الأخيرة.
وسجلت الجزائر في 12 يوليو/تموز 2017، رقما قياسيا في استهلاك الكهرباء بلغ 13.227 ميغاواطاً. ولمواجهة الطلب المتزايد الذي يقترب من تجاوز طاقة الإنتاج التي تبلغ قرابة 14 ألف ميغاواط، قررت الحكومة تبني خيار إنتاج الكهرباء من مصدر متجدد وهو الطاقة الشمسية، التي تعد اكبر الإمكانات التي تحوزها البلاد.
وتتطلع الجزائر إلى توفير نحو 22 ألف ميغاواط من الطاقة الشمسية في أفق 2035، وكخطوة أولى أطلقت الحكومة في 2017 مناقصة لإقامة محطات لإنتاج وتوزيع 4 آلاف ميغاواط، لتمكين البلاد من إنتاج 27% من طاقتها الكهربائية بالطاقة الشمسية.

وقال مدير المشاريع الكبرى في وزارة البيئة والطاقات المتجددة، كمال زغبار، "سيتم إنجاز محطات للطاقة الشمسية في عدة محافظات بمعدل إنتاج سيتجاوز 100 ميغاواط لكل محطة".
وترفض الحكومة الحديث عن تكلفة الانتقال إلى الطاقة البديلة.
ووفق زغبار فإن "الإشكال المطروح يتعلق بنقص الأموال في البلاد، فالبنوك في أزمة سيولة جراء تراجع عائدات النفط وبالتالي قد يشهد مشروع الطاقة الشمسية بعض العثرات".


المساهمون