كيف تُقيّم النخبة قضايا المال والاقتصاد في دافوس 2018؟

دافوس 2018 .. حضور عربي ضعيف وخلافات حول سياسات ترامب الحمائية

24 يناير 2018
الثلوج تغطي دافوس (Getty)
+ الخط -

بحضور عربي ضعيف، وخلافات حول كيفية معالجة الأزمات الاقتصادية، ووسط موجة من الجليد الكثيف الذي هطل على جبال الألب، بدأت أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي في قرية دافوس الصغيرة بسويسرا أمس الثلاثاء. وتعد هذه أسوأ موجة جليدية تضرب دافوس منذ سنوات، حيث شُغلت المدينة في تسهيل مرور السيارات وسط استمرار تساقط الثلوج.

وانطلق منتدى دافوس الـ48، أمس، تحت عنوان "بحث الأسباب والحلول العملية للانقسامات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتنوعة التى تواجه المجتمع العالمى" بمشاركة قادة أغلب الدول والحكومات في العالم.

ويحضر منتدى دافوس هذا العام، العديد من الرؤساء، منهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي، ورئيس الوزراء الكندي جستن توردو والرئيس الهندي ناريندا مودي ورئيسة الوزراء النرويجية أيرنا سولبيرغ، إضافة إلى مجموعة من كبار رجالات السياسة في العالم وقادة مجتمع الأعمال التجارية والاقتصاد والرؤساء التنفيذيين للشركات العالمية الكبرى.

ويعد المنتدى من أكبر الأحداث الاقتصادية العالمية التي تنعقد بصفة سنوية بهدف مناقشة الأوضاع التي شهدها العالم في العام 2017 ومحاولة وضع استراتيجية لما سيشهده العالم خلال العام المقبل.

وكان بابا الفاتيكان البابا فرانسيس، قد بعث برسالة للمنتدى، حذر فيها النخب المجتمعة من تجاهل عدم المساواة الاقتصادية وانعدام العدالة وتداعياتها على مستقبل الاستقرار والسلام في العالم.

من جانبه حذر رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي، في الخطاب الذي ألقاه أمس، من تنامي السياسات التجارية الحمائية التي باتت تهدد العولمة. وقال إن العالم بسبب هذه السياسات الحمائية، يواجه مخاطرالتفاوض مجدداً حول تعرفة جمركية جديدة في تنظيم التجارة العالمية، وأشار مودي إلى أن الجمود يحدث حالياً في المفاوضات التجارية الثنائية والمتعددة.

يذكر أن ترامب يشجع السياسة الحمائية ويعمل على إعادة النظر في اتفاقيات منظمة التجارة العالمية التي بناها العالم خلال العقود السابقة وبعد جهود ومفاوضات مضنية. 


وفي الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الأميركي لتسويق سياسة العزلة و"التجارة الحمائية" خلال قمة دافوس 2018، يركز رئيس الوزراء الكندي في الخطاب الذي سيلقيه غداً على سياسة الانفتاح والعولمة.

وحسب صحيفة" ناشونال بوست" الكندية، من المتوقع أن يدعو رئيس الوزراء الكندي، نخبة رجال الأعمال ورؤساء الشركات للاستثمار في بلاده، ويبعث برسالة واضحة أن "كندا منفتحة أمام العولمة، وأن هذا أفضل وقت للاستثمار في بلاده".

وتخوض كندا معركة تجارية شرسة مع أميركا في إعادة التفاوض حول اتفاقية التجارة الحرة "نافتا".
وحسب الصحيفة، فإن ترودو سيطرح للنقاش في المنتدى أزمة الطبقات الوسطى في العالم، وسط جمود الأجور وغلاء المعيشة.

وهنالك مخاوف من اختفاء الطبقة الوسطى في أميركا وبعض الدول الغربية، إذا تواصل انصباب تراكم الثروة العالمية في جيوب القليل من الأثرياء. وكشف التقرير الذي أصدرته "أوكسفام" البريطانية يوم الإثنين، أن 42 ثرياً يملكون 50% من الثروة التي يملكها فقراء العالم.

لكن النخب الاقتصادية والتجارية التي تحضر المنتدى غير مهتمة بذلك، حسب مسح صدر أمس في دافوس. وهذه النخب تحضر المنتدى، وهي في وضع مريح حيث تمكنت خلال 2017 من تحقيق أعلى الأرباح، كما أن النمو الاقتصادي العالمي في أعلى مستوياته، وربما يكون الهاجس الوحيد الذي يشغلها، هو المخاطر الجيوسياسية في كل من آسيا والمنطقة العربية الغنية بالنفط.

عدا ذلك، فإن المليارديرات وأصحاب الشركات كنزوا أكبر حجم من الثروة خلال 2017، الذي ارتفعت فيه أسواق المال العالمية بنسبة 22% في المتوسط تقودها بورصة "وول ستريت" بنسبة 27%.

وحسب المسح الذي نشرته شركة "برايس ووتر هاوس" في دافوس، فإن التفاؤل يسيطر على رؤساء الشركات، حيث توقع 57% من الذين حضروا المنتدى الحالي، أن النمو الاقتصادي العالمي سيتسارع خلال 2018، مقابل 29% قالوا إنه سيكون في مستويات 2017، كما أن 46% منهم يحبذون الاستثمار في أميركا مقابل 33% في الصين.

ويتحول المنتدى تدريجياً إلى مهرجان يستعرض فيه الأغنياء ثرواتهم، بدلاً من منتدى اقتصادي لتداول القضايا الحيوية التي تهم المجتمعات. وعلى الصعيد السويسري، فإن المنتدى أصبح مؤسسة رابحة جداً تضاف إلى المؤسسات السويسرية الناجحة، من حيث الدخل السياحي ودخل المنتدى نفسه.

وتشير بيانات المنتدى للعام المالي 2016، إلى أن إيرادات المنتدى الاقتصادي العالمي بلغت 228 مليون فرنك. وقامت المنظمة غير الربحية بتحويل فائض الميزانية المقدر بمليون و200 ألف فرنك إلى صندوق المؤسسة التابعة لها. وتدفع كل شركة تحضر المنتدى سنوياً مبلغاً يتراوح ما بين 60 ألفا و600 ألف فرنك سويسري، على شكل رسوم عضوية في المنتدى.

وحسب بيانات دافوس، فقد استقطب المنتدى الاقتصادي العالمي، في العام الماضي، نحو 3 آلاف زائر، كان من بينهم 500 صحافي.

وتوصّلت دراسة قام بها المنتدى الاقتصادي العالمي بالاشتراك مع جامعة سانت غالن السويسرية، إلى أن المؤتمر السنوي لعام 2015 سمح بتوفير 50 مليون فرنك لفائدة الاقتصاد المحلي، و79 مليون فرنك إضافية لبقية سويسرا.

وتخصص الحكومة السويسرية سنوياً نحو خمسة آلاف جندي لتأمين سير التظاهرة رفيعة المستوى التي تحتضنها دافوس، إلا أنه نادراً ما يتم استخدام كامل أفراد الوحدة. أما التكاليف الأمنية التي تبلغ قيمتها تسعة ملايين فرنك فيتم اقتسامها بين الكونفدرالية وكانتون غراوبوندن ومدينة دافوس والمنتدى الاقتصادي العالمي.

المساهمون