فخ الديون والتضخم يُطبِق على توقعات نمو الاقتصاد المصري

فخ الديون والتضخم يُطبِق على توقعات نمو الاقتصاد المصري

02 يوليو 2018
شِباك الديون تعيق خروج الاقتصاد من نفقه المظلم(فرانس برس)
+ الخط -
بدأت مصر عاماً مالياً جديداً بموازنة طموحة، من وجهة نظر حكومتها، وتقشفية من وجهة نظر المواطنين. وتستهدف هذه الموازنة، التي تم البدء في تطبيقها أمس الأحد 1 يوليو/تموز، زيادة معدلات النمو وخفض عجز الموازنة العامة، رغم تفاقم التحديات التي تواجهها البلاد حالياً.

على رأس تلك التحديات يأتي ارتفاع الدين العام الذي تجاوز 5 تريليونات جنيه (ما يعادل 280 مليار دولار)، وفق تقديرات غير رسمية و4.8 تريليونات جنيه بنهاية العام 2018، وفق أحدث أرقام للبنك المركزي المصري، مصحوبا بزيادة فوائد الدين العام التي تلتهم جانبا كبيرا من الإيرادات العامة والمصروفات الحكومية تقدر بنحو 541 مليار جنيه عن العام المالي الجديد.

وكشفت الموازنة المصرية الجديدة عن أن الحكومة تنوي خفض دعم المواد البترولية في البلاد بنحو 26%، وهذا يعني أن حجم الدعم المستهدف في الموازنة الجديدة سيبلغ حوالي 89 مليار جنيه مقابل 121 مليار جنيه تقريبًا مستهدفة في العام المالي الجاري (2017/ 2018). كما تنوي خفض الدعم المقدم للكهرباء بنسبة 47% ليصل إلى 16 مليار جنيه مقابل 30 مليار متوقعة في 2017-2018.

كما تستهدف الموازنة المصرية رفع معدل النمو الحقيقي السنوي إلى 5.8 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي في 2018/ 2019 مقابل 5.2 بالمائة في العام المالي 2017/ 2018.

وتسعى الحكومة لزيادة الإيرادات بنسبة 22 بالمائة، إلى 989 مليار جنيه (55.5 مليار دولار) في العام المالي 2018/ 2019، معتمدة في ذلك على الضرائب التي ستمثل نحو 77% من ايرادات الدولة في العام المالي الجديد.

بينما من المستهدف خفض الدين العام كنسبة من الناتج المحلي إلى 91-92 بالمائة في العام المالي 2018/ 2019، مقابل 97 بالمائة في العام المالي 2017/ 2018.

لكن في ظل مساعي خفض الدين العام، تعتزم الحكومة اقتراض نحو 203 مليارات جنيه (11.40 مليار دولار) من الخارج في العام المالي الجديد، وإصدار أذون وسندات خزانة محلية بقيمة 511 مليار جنيه (28.7 مليار دولار).

ويبدأ العام المالي في مصر مطلع يوليو/ تموز، ويستمر حتى نهاية يونيو/ حزيران من العام التالي، وفقا لقانون الموازنة العامة.

تفاؤل مفرط

المحلل الاقتصادي محمد عبد الحكيم، حذر من تحقيق معدل النمو المستهدف مدفوعاً بموجات التضخم، وارتفاع أسعار السلع والخدمات، وليس عن طريق زيادة الإنتاج الحقيقي.

ويرى عبد الحكيم أن الحكومة المصرية "مفرطة في التفاؤل في ما يتعلق بالقدرة على تحصيل الضرائب".

وتمثل الضرائب، المقدرة بنحو 770 مليار جنيه (43.2 مليار دولار)، 77.9 بالمائة من إجمالي الإيرادات العامة في الموازنة خلال العام المالي 2018/ 2019.

يتضمن مشروع الموازنة المصرية توسيع نطاق الضرائب غير المباشرة التي يدفعها الغني والفقير بالنسبة نفسها، مثل ضريبة القيمة المضافة وضريبة فاتورة الهاتف المحمول وتزيد حصيلتها أساسا من توسيع دائرة الخاضعين لها.

وتستهدف الحكومة المصرية زيادة حصيلة ضريبة القيمة المضافة إلى 320 مليار جنيه (18 مليار دولار) في العام المالي 2018/ 2019، مقابل 255 مليار جنيه (14.3 مليار دولار) في العام المالي 2017/ 2018.

ويرى عبد الحكيم أن تقدير المالية المصرية سعر صرف الدولار مقابل 17.25 جنيها في العام المالي 2018/ 2019 يعد "تفاؤلا"، خصوصا أن سعره يدور حاليا حول 17.80 جنيها.

زيادة التضخم

في حين تستهدف الموازنة المصرية الجديدة خفض التضخم إلى 10 بالمائة في العام المالي الجاري، مقابل 20.5 بالمائة في العام المالي الماضي، يتوقع عبد الحكيم ارتفاع معدلات التضخم في الأشهر القادمة، نتيجة إجراءات خفض دعم الكهرباء والوقود ومياه الشرب وتعرفة ركوب المترو.

وانتقد ارتفاع فوائد خدمة الدين، والمقدرة بـ541 مليار جنيه (30.3 مليار دولار)، لتمثل 10.3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي 2018/ 2019، مقابل 437 مليار جنيه (24.5 مليار دولار)، بما يعادل 10 بالمائة في العام المالي 2017/ 2018.

عندما بدأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ولايته الأولى، كانت فوائد الدين 193 مليار جنيه (10.8 مليارات دولار) فقط، بما يعادل 7.9 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وتعادل فوائد خدمة الدين 39 بالمائة من إجمالي المصروفات، وتزيد عن مخصصات ثلاثة بنود وهي الأجور وتعويضات العاملين وشراء السلع والخدمات والاستثمارات.

المحلل الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب، يقول إن قيمة العجز الكلي بالموازنة المصرية ونسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي 2018/ 2019، " تمثل مشكلة كبرى".

ويضيف عبد المطلب أن "النظر إلى قيمة العجز ونسبته بمعزل عن نسبة التضخم، ونسبة الدين العام إلى إجمالي الناتج المحلي، يعطي مؤشرات مضللة عن حقيقة هذا العجز".

وطالب الحكومة المصرية "بتوفير مصادر تمويل حقيقية لتمويل هذا العجز، بما يضمن عدم زيادة الديون الداخلية والخارجية".

تراجع الأجور

ويكشف مشروع الموازنة العامة عن تراجع نسبة الأجور وتعويضات العاملين إلى 5.1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، رغم نمو قيمتها بنسبة 11 بالمائة على أساس سنوي، لتصل إلى 266 مليار جنيه (15 مليار دولار) في العام المالي 2018/ 2019.

ومن المتوقع أن تسجل فاتورة الأجور وتعويضات العاملين 5.5 بالمائة من الناتج المحلي في العام المالي 2017/ 2018 مقابل 8.2 بالمائة في العام المالي 2014/ 2015.

ويقدر مشروع الموازنة ارتفاع قيمة فوائد الدين إلى 39 بالمائة من إجمالي المصروفات في العام المالي المقبل، مقابل نحو 36 بالمائة في العام المالي الجاري.

فيما يتوقع تراجع فاتورة الدعم إلى 23 بالمائة من إجمالي المصروفات في العام المالي المقبل.

خفض العجز

ويقدر مشروع الموازنة قيمة العجز الكلي بالموازنة بنحو 438.5 مليار جنيه (24.6 مليار دولار) في العام المالي المقبل، بما يعادل 8.4 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.

بينما تقدر قيمة العجز بـ430 مليار جنيه (24.1 مليار دولار)، بما يعادل 9.8 بالمائة في العام المالي 2017/ 2018، و10.9 بالمائة في العام المالي 2016/ 2017.

(الأناضول، العربي الجديد)

المساهمون