خلافات كبار المنتجين تقلص آمال انفراج أزمة النفط

خلافات كبار المنتجين تقلص آمال انفراج أزمة النفط

28 سبتمبر 2016
تخمة المعروض تهدّد أسواق النفط (حيدر محمد علي/فرانس برس)
+ الخط -


تواصلت المفاوضات الشاقة بين كبار منتجي النفط حول تثبيت الإنتاج، رغم الخلافات التي ظهرت عبر تصريحاتهم المتضاربة، وفي ظل هذه الأجواء تترقب الأسواق العالمية نتائج اجتماع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في الجزائر، والذي يعقد على هامش الدورة الـ15 لمنتدى الطاقة الدولي، التي بدأت أمس الأول وستختتم اليوم.

وفي الوقت الذي يؤكد فيه بعضهم صعوبة التكهنات حول نتائج الاجتماع، يرى آخرون أن الآمال في التوصل إلى اتفاق بشأن تثبيت إنتاج النفط صعبة، إذ صبّت معظم تصريحات المشاركين في اتجاه أن الاجتماع سيصبح تشاورياً الأمر الذي قد يؤدي إلى تكرار فشل اجتماعات "أوبك" خلال الفترة الماضية في التوصل لاتفاق، ولكن هناك من يرى أن اتخاذ قرارات خاصة بالإنتاج ما زال ممكناً رغم الخلافات، فالمفاوضات لم تنته بعد، حسب رأيهم.

وفي محاولة صعبة لتقريب وجهات النظر والدفع نحو التوصل لاتفاق، قال رئيس الحكومة الجزائرية عبد المالك سلال، في منتدى الطاقة، أمس، "اجتماع الجزائر يشكل رسالة تفاؤل ونأمل أن يسهم في تغيير الوضع في السوق العالمية "، وأضاف "أن الجزائر تعمل من أجل سعر معقول للنفط، والاجتماع يشكل إطاراً للتشاور الجاد حول هذا الموضوع".
وأوضح أنه في حال عدم ضبط الأسعار قد تتعرض الأسواق لتقلبات خطيرة تهدد الصناعة النفطية وتجر الاقتصاد العالمي إلى مرحلة طويلة من الركود والانكماش.

ومن المقرر أن تعقد أوبك مباحثات غير رسمية اليوم، كما يلتقي أعضاؤها مع منتجين من خارج المنظمة مثل روسيا على هامش منتدى الطاقة الدولي الذي ضم ممثلين عن أكثر من 50 دولة.
ويبدو أن تصريحات وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، أمس، بأن المحادثات بين المنتجين من أعضاء منظمة أوبك وخارجها تشاورية، أكدت شكوك محللين حول ضعف إمكانية أخذ أي قرار يتعلق بسياسات الإنتاج أو تثبيته.


ورغم ذلك عبّر الوزير عن تفاؤله إزاء سوق النفط والعوامل الأساسية فيه، مضيفا أن السوق يسير في الاتجاه الصحيح ولكن بوتيرة أبطأ من المأمول على مدى الأشهر القليلة الماضية. وأبدى اعتقاده بأن السوق في سبيله لإعادة التوازن.
وفي هذا الإطار، يقلل مدير مركز دراسات أسواق الطاقة العالمية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، فياتشيسلاف كولاغين، من احتمال نجاح الاجتماع، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنه في حالة الفشل لن يكون له تأثير كبير على أسعار النفط العالمية.

وقال كولاغين لـ"العربي الجديد"، "على عكس المرات السابقة، هناك هذه المرة تقارب في مواقف بعض الدول، ولكن دول "أوبك" لن تتفق على الأرجح على تثبيت الإنتاج، بل ستؤكد نواياها واستعدادها لتجميده في حال انضمت إليها روسيا. وتربط موسكو هي الأخرى تجميد إنتاجها بخطوة مماثلة من أوبك".
وحول تأثيرات الاجتماع على أسعار النفط في حالة فشله، يضيف: "قد تنخفض الأسعار في هذه الحالة بمقدار دولار أو دولارين، ولكنها ستظل عند مستوى ما بين 45 و50 دولارا للبرميل".

ويتابع: "تعودت الأسواق على فشل الاجتماعات حول تثبيت الإنتاج، ولم يعد يؤثر كثيراً على الأسعار التي باتت تتأثر بشكل أكبر بعوامل أخرى مثل حجم الاحتياطات في الولايات المتحدة".
وحسب رويترز، قالت مصادر داخل المنظمة إن الخلافات بين السعودية ومنافستها إيران ما زالت كبيرة. وقالت المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، إن إيران التي ظل إنتاجها عند 3.6 ملايين برميل يوميا تصر على حقها في الوصول بمستويات الإنتاج إلى ما يتراوح بين 4.1 و4.2 ملايين برميل يوميا في حين تريدها دول الخليج الأعضاء في أوبك أن تثبت إنتاجها دون 4 ملايين برميل يوميا.

وقال مصدر من أوبك على دراية بالمباحثات "لا تتوقعوا أي شيء ما لم تغير إيران رأيها بشكل مفاجئ وتوافق على تثبيت (الإنتاج). لا أعتقد أنهم سيفعلون".
وفي هذا السياق، أكدت نائبة رئيس قسم التحليل بشركة "ألباري" الروسية للتداول، آنا كوكوريفا، لـ"العربي الجديد"، أن كبرى المؤسسات المالية والمستثمرين لا يتوقعون اتفاقات محددة في ختام اجتماع الجزائر في ظل الخلافات القائمة بين المشاركين فيه وفشل الاجتماعات السابقة.

وقالت كوكوريفا "أتوقع أن تتواصل الدول المنتجة إلى تفاهم أكبر، ولكن دون إبرام اتفاق، نظرا لاحتمال مطالبة دول مثل نيجيريا وليبيا وإيران بشروط خاصة لها. قد تمتد مسألة إجراءات تجميد الإنتاج لبضعة لقاءات أخرى".
ورغم تزايد الشكوك حول إمكانية التوصل لاتفاق بتثبيت الإنتاج، إلا أن وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، قال أمس، إنه من الصعب التكهن بما إذا كانت المحادثات بين منتجي النفط من داخل (أوبك وخارجها هذا الأسبوع ستسفر عن اتفاق لإعادة الاستقرار للسوق.

وقال نوفاك تعليقاً على توجه إيران نحو زيادة إنتاجها، "إيران تعتقد أن الحجم الذي كان لها قبل العقوبات عادل. جرت مناقشة هذا أكثر من مرة."
وعلى النقيض، أكد وزير الطاقة الجزائري السابق عبد المجيد عطار، لـ"العربي الجديد"، أن هناك مؤشرات جادة لإمكانية نجاح اجتماع الجزائر في التوصل لقرار بخفض الإنتاج، خاصة بعد الاتفاق الذي وقع بين السعودية وروسيا بما يسهم في التوصل إلى قرار بتجميد إنتاج النفط في حدوده الحالية أو خفض طفيف للإنتاج خلال اجتماع الجزائر المقرر اليوم.

وأضاف عطار "روسيا والسعودية ينتجان أكثر من 10 ملايين برميل يوميا لكل دولة، وإذا وافقت الدولتان على خفض إنتاجهما وتجميده لمدة سنة فسينعكس ذلك بشكل إيجابي وكبير على سوق النفط ويؤدي إلى استقرار الأسعار، وسيكون واضحا أنه إذا بدأ العمل بالاتفاق الروسي والسعودي فان إيران سيتكون مجبرة على اتباع نفس النهج والالتزام بتجميد إنتاج النفط أيضا لمدة سنة والمقدر ب 3.8 ملايين برميل يوميا".

وقال عطار، إنه سيتعين على دول أوبك التوصل إلى اتفاق يسمح سحب فائض الإنتاج من السوق خلال سنة، والمقدر بمليون برميل يوميا، وهذا يؤدي إلى تحقيق استقرار في الأسعار يخدم مصالح الدول المنتجة.
ويتضمن الاتفاق السعودي الروسي حول النفط اتخاذ تدابير مشتركة لتحقيق الاستقرار في أسعار النفط بالتنسيق مع المنتجين في العالم، وإنشاء مجموعات عمل مشتركة لمراقبة سوق النفط وإعداد توصيات لضمان استقرار السوق.

واقترح الخبير الاقتصادي الجزائري المتخصص في شؤون نفط شمس الدين شيتور، في حديثه لـ"العربي الجديد"، تقليص الإنتاج بـ5% أي بحوالي مليوني برميل يوميا في إطار توافق بين الدول المنتجة داخل وخارج منظمة أوبك، لضمان استقرار لأسعار النفط ، فيما حذر الوزير السابق للتخطيط والاستشراف والخبير الاقتصادي بشير مصطفى، من تزايد تخمة عرض النفط خلال السنة المقبلة 2017 إلى أكثر من 1.5 برميل يوميا، ما يعني هبوطا متوقعا للأسعار بداية من شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل، وذلك لتلبية الطلب المتراجع على وقود التدفئة لفصلي الربيع والصيف، ما يفرض على الدول المنتجة تجميد إنتاجها، لوقف نزيف أسعار النفط، حسب مصطفى.

وسبق أن تعثرت منظمة أوبك وكبار المنتجين في الاتفاق على تثبيت الإنتاج باجتماع الدوحة في شهر إبريل/نيسان الماضي، وحمّل كل طرف الآخر المسؤولية عن عدم التوصل لاتفاق.





المساهمون