سياحة تونس تجذب رؤوس الأموال الصينية

سياحة تونس تجذب رؤوس الأموال الصينية

16 يونيو 2017
تحتل تونس مكانة متقدمة عالمياً بالسياحة الاستشفائية(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
تمكنت تونس من توقيع اتفاق مبدئي مع مجموعة صينية لإنجاز أكبر محطة استشفاء بالمياه المعدنية الساخنة في أفريقيا والعالم العربي، في إشارة إلى تحسن مناخ الاستثمار في البلد الذي يئن تحت وطأة أزمة مالية منذ سنوات.

وتعوّل الحكومة على هذا المشروع الضخم الذي تنافست عليه العديد من المجموعات العالمية عند عرضه في ندوة الاستثمار في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

ويعد التداوي بالمياه المعدنية والطبيعية الساخنة من المنتجات السياحية الصحية التي تعمل تونس على تنميتها بالرغم من احتلالها للمكانة الثانية عالميا في هذا المجال بعد فرنسا.

ويشير خبراء السياحة إلى أن تونس تمتلك إمكانيات كبيرة لتنمية فرع سياحة الاستشفاء بالمياه الطبيعية الساخنة ومياه البحر ما من شأنه أن يعزز مكانتها السياحية.

وبحسب تصريح للمدير العام لديوان المياه المعدنية رزيق الوسلاتي، فإن مشروع المحطة العلاجية بالمياه الساخنة في منطقة الخبايات بمحافظة قابس الجنوبية، سيكون الأول من نوعه عربيا وأفريقيا، مشيرا إلى أن العديد من المجموعات العالمية أبدت رغبة في الاستثمار في هذا المشروع قبل أن يستقر الأمر على المستثمر الصيني.

وأضاف الوسلاتي في تصريح إلى "العربي الجديد" أن المجموعة الصينية أبدت استعدادا لضخ مليار دينار لتنفيذ المشروع (416 مليون دولار)، مؤكدا أن المشروع سيوفر 5600 فرصة عمل مباشرة و4500 فرصة عمل غير مباشرة.

وأشار المسؤول بديوان المياه المعدنية أن محافظة قابس تتوفر على رصيد كبير من المياه المعدنية الطبيعية والحمامات الساخنة التي تُستعمل لعلاج أمراض المفاصل والأمراض الجلدية وغيرها، غير أن أغلبها بقي ينشط في إطار تقليدي بالرغم من توافد نحو 700 ألف سائح أجنبي محلي يرتادون هذه المنطقة بهدف الاستشفاء سنويا، بحسب قوله.

ولفت الوسلاتي إلى أنه بتوصية من المنظمة العالمية للصحة، اختارت الصين تونس الرائدة في هذا المجال لتدريب وفد من الصينيين في مرحلة أولى ثم إرسال أطباء تونسيين مختصين في هذا المجال للعمل في مرحلة ثانية، متابعا أنه ستتم مصاحبتهم أيضا عند بناء أول مركز معالجة بمياه البحر في أحد المقاطعات الموجودة على المحيط الهادي.

وشدّد الوسلاتي على أنّ اختيار الصين القوة اقتصادية الكبرى لتونس دليل على الريادة المحلية هذا المجال وهو ما سيمكن تونس من الخروج من عباءة الدول الأوروبية.

وتعتبر تونس الوجهة الثانية عالميا بعد فرنسا في مجال سياحة المعالجة بمياه البحر بوجود حوالي 49 مركزا موزعة على الجمهورية. وتستقبل سنويا مئات الآلاف من طالبي المعالجة أغلبهم من فرنسا بعدد يتجاوز 80 ألفا وألمانيا بعدد يتجاوز 60 ألفا وروسيا بأكثر من 18 ألفا، وفق لبيانات رسمية.

ويرتفع عدد الليالي التي يقضيها السياح القادمون بهدف الاستشفاء إلى أكثر 889 ألف ليلة. ويوجد في تونس أكثر من 95 منبعا للمياه الجوفية تم استغلال خمسين منها في مشاريع محطات استشفائية.

ويوجد في تونس نحو 45 مركزا للمعالجة بمياه البحر و46 حماما استشفائيا بالمياه المعدنية وأربع محطات استشفائية حرارية.

وتشير إحصاءات رسمية إلى أن السياحة الاستشفائية في تونس تجذب سنويا نحو 170 ألف سائح أجنبي. كما يساهم التونسيون أنفسهم في نمو القطاع.

وتمتلك الحكومية برنامجا كاملا لتنمية القطاع، غير أن تراجع الاستثمار السياحي أخّر جل المشاريع المبرمجة بالرغم من محافظة تونس على مكانتها العالمية في هذا المجال.

ويرى عضو البرلمان عن جهة قابس حسونة الناصفي، أن مشروع الخبايات الذي سينجز باستثمارات صينية سيغير شكل المنطقة فضلا عن مردوديته الوطنية على القطاع السياحي.

ولفت الناصفي في تصريح لـ "العربي الجديد" إلى أن تونس تأخرت في تطوير القطاع بالرغم من الإمكانات الطبيعية الكبيرة التي تمتلكها في هذا المجال، معتبرا أن مشروع الخبايات سيفتح شهية المجموعات العالمية على الاستثمار في الاستشفاء بالمياه الطبيعية التي أثبتت نجاعة كبيرة في مداواة العديد من الأمراض.

وتمثل السياحة الاستشفائية بتونس قطاعا اقتصاديا مهما نظرا لما تتمتع به تونس من خصائص تجعلها تحتل مكانة مرموقة ومتميزة على غرار وجود منتج ثري قادر على المنافسة ويد عاملة مختصة.

ومن بين العوامل التي تساهم في إنجاح هذا القطاع وجود تونس قرب أكبر تجمع سياحي عالمي المتمثل في الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى توفر عديد المقومات الطبيعية والثقافية والتاريخية بعدة مناطق في الجمهورية التونسية.

ورغم الإصلاحات المتعددة في هذا القطاع، يبقى واقع السياحة الاستشفائية بتونس في حاجة إلى مزيد الآليات والامتيازات للنهوض بهذا القطاع الذي قد يوفر لتونس مصدرا مهما للعملة الصعبة.

ويأتي توقيع المشروع، فيما تبحث وزارة السياحة التونسية تطوير وسائل الدفع والتأشيرات الإلكترونية لتحفيز الأسواق الآسيوية على فتح مسارات سياحية ناحية تونس، لا سيما منها السوق الصينية.

ومنذ أكثر من عام، تعمل وزارة السياحة في تونس على تطوير وسائل استقطاب هذه السوق الواعدة انطلاقا من توفر كل عوامل جذب السائح الصيني في تونس بحسب مهنيي السياحة.